إن كنتَ تريد زيارة ألمانيا، فلا بدّ لك من أن تمرّ بنقطة تفتيش تشارلي في العاصمة برلين. هذا المتحف الذي يتألف من طابقين يُعتَبَر واحداً من أهم مناطق الجذب السياحي، لما يضمّه من رموز قليلة متبقية من فترة الحرب الباردة، كما يُعتبر من أقوى رموز التقسيم الذي كانت قائمة في ألمانيا. وفيه سترى كيف كان الوضع السياسي في العالم خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
بُني متحف «نقطة تفتيش تشارلي» في الأصل ليكون مبنى سكنياً في فريدريشتراس، 43 في حي كريوزبرغ في برلين، صمّمه بيتر ايزنمان، ليكون جزءاً من معرض البناء الدولي في عام 1987. في عام 1961، تم بناء جدار برلين من قبل حكومة ألمانيا الشرقية. وبعد ذلك بوقت قصير، قرر جون كينيدي، الذي كان رئيساً للولايات المتحدة آنذاك، أنّه من الضروري أن تُنشئ القوات الأميركية في برلين ثلاثة نقاط تفتيش في الجدار الفاصل بين الألمانيتين. وكان الغرض من هذه الحواجز السماح بدخول وخروج أعضاء السلك الدبلوماسي والقوات المتحالفة معها. وقد سُمّيت نقاط التفتيش بالأسماء التالية: نقطة تفتيش ألفا، وحواجز تفتيش برافو، ونقطة تفتيش تشارلي، كما كانت تسمى بالنقاط A وB وC... أشهر هذه الحواجز كانت نقطة تفتيش تشارلي. وكانت تعد رمزاً للانقسام، بينما تمثل اليوم شاهداً تذكارياً على انقسام ألمانيا إلى دولتين (شرقية وغربية). وفي هذا المكان يمكن للمرء أن يستشعر أجواء الحرب الباردة أكثر من أي مكان آخر في العالم. لكن الحواجز والمضايقات وأبراج الحراسة لم تعد موجودة اليوم. هناك فقط «نقطة التفتيش تشارلي»، وهي ليست سوى نسخة طبق الأصل عن أماكن المراقبة التي كانت سائدة قديماً. وهي اليوم تمثل تذكاراً لفترة الحرب الباردة، وتعد واحدة من المعالم السياحة الشهيرة في برلين. وفي متحف «نقطة تفتيش تشارلي»، مجموعة من الوثائق المتعلقة بمحاولات الهروب الناجحة والفاشلة، بالإضافة إلى نماذج مختلفة عن الوسائل التي استخدمت وقتها للهروب من ألمانيا الشرقية.
تحوّل متحف خاص لحقوق الإنسان الذي أسسه هيلدبراندت عام 1963 في ألمانيا الغربية في ظل سور برلين في وقت لاحق إلى متحف «نقطة تفتيش تشارلي»، وأصبح مكانه نقطة التفتيش السابقة المعروفة بهذا الاسم بعد هدم السور عام 1990.
تدير المتحف جمعية أسسها هيلدبراندت ويزورها نحو 370 ألف شخص من أنحاء العالم سنويّاً. ويضم المتحف قطعا من السور وأزياء حراس الحدود وعددا من السيارات التي أدخلت عليها تعديلات بمهارة لاستخدامها في تهريب الفارين من النظام الشيوعي إلى الغرب. خلال الحرب الباردة وقعت بعض الأحداث التاريخية، في نقطة تفتيش تشارلي، ففي عام 1961 حصلت مواجهة بين الدبابات الأميركية والسوفياتية في هذه النقطة، كما شهدت زيارات لشخصيات رئاسية وسياسية مهمة منها، الرئيس الأميركي جون كينيدي، ورئيس الاتحاد السوفياتي نيكيتا خروشوف.
بحلول عام 1962، كانت نقطة تفتيش تشارلي البوابة الوحيدة التي يستخدمها الأجانب الذين يرغبون في إجراء زيارة بين ألمانيا الشرقية والغربية. منذ ذلك الوقت، ظهرت نقطة التفتيش هذه في كثير من أفلام التجسس. في عام 1989، سقط جدار برلين، وأعيد توحيد ألمانيا من جديد، وأزيلت حينها نقطة تشارلي. ولهذا السبب، كان لا بدّ من المحافظة على نسخة طبق الأصل وقد أقيمت في المكان ذاته. بالإضافة إلى ذلك، وُضع خط من الطوب في المكان حيث كان الجدار منتصباً.
حتى مطلع القرن الحادي والعشرين، بقي برج المراقبة الأصلي C في مكان قريب. وبعد فترة قصيرة من دخول القرن الجديد، أزيل البرج. وتحتل مباني المكاتب والمحلات التجارية مكانه اليوم.
«نقطة تفتيش تشارلي»... تذكار الحرب الباردة في برلين
«نقطة تفتيش تشارلي»... تذكار الحرب الباردة في برلين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة