بروكسل تدرس اقتراحات تقييد الاستثمارات الصينية في أوروبا

ستطرحها الخريف المقبل

طلبت إيطاليا وفرنسا وألمانيا أخيراً من بروكسل تحديد نهج مشترك حول الاستثمارات التي مصدرها دول خارج الاتحاد الأوروبي (غيتي)
طلبت إيطاليا وفرنسا وألمانيا أخيراً من بروكسل تحديد نهج مشترك حول الاستثمارات التي مصدرها دول خارج الاتحاد الأوروبي (غيتي)
TT

بروكسل تدرس اقتراحات تقييد الاستثمارات الصينية في أوروبا

طلبت إيطاليا وفرنسا وألمانيا أخيراً من بروكسل تحديد نهج مشترك حول الاستثمارات التي مصدرها دول خارج الاتحاد الأوروبي (غيتي)
طلبت إيطاليا وفرنسا وألمانيا أخيراً من بروكسل تحديد نهج مشترك حول الاستثمارات التي مصدرها دول خارج الاتحاد الأوروبي (غيتي)

أعلنت المفوضة الأوروبية للتنافسية مارغريت فيستاغر أن المفوضية الأوروبية ستطرح في الخريف اقتراحات حول الاستثمارات الأجنبية في أوروبا، في وقت يتصاعد فيه القلق حيال المكتسبات الصينية.
وقالت فيستاغر، خلال منتدى «البيت الأوروبي» الذي انتهى أمس (الأحد)، في شيرنوبيو في إيطاليا: «في الأشهر الأخيرة، لاحظنا قلقاً حيال المستثمرين الأجانب، مع استحواذ شركات تسيطر عليها دول غالباً على شركات أوروبية تملك تكنولوجيات أساسية».
وأضافت: «هذه القضية ليست بسيطة؛ إنها تتطلب بحثاً معمقاً بهدف تحديد كيفية التحرك. نحن نعمل حالياً على هذه المسألة، ونتوقع طرح اقتراحات ملموسة هذا الخريف».
وتابعت المفوضة: «لأن الشركات الأوروبية تملك ما هو مطلوب للنجاح، يقضي عملنا بتوفير الظروف السليمة لتتمكن من إعطاء أفضل ما لديها».
وطلبت إيطاليا وفرنسا وألمانيا أخيراً من بروكسل تحديد نهج مشترك حول الاستثمارات التي مصدرها دول خارج الاتحاد الأوروبي.
بدوره، شدد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لو مير، خلال المنتدى، على «ضرورة أن تحمي أوروبا شركاتها بشكل أفضل»، وقال: «مع إيطاليا وألمانيا، قدمنا اقتراحات لوضع إطار أوروبي لمراقبة الاستثمارات الأجنبية في قطاعاتنا الاستراتيجية»، وأضاف: «علينا أن نفرض المعاملة بالمثل في العلاقات التجارية، وفي الوصول إلى السوق العامة؛ ينبغي أن يكون التنافس عادلاً».
ومن جهتها، أصدرت الحكومة الألمانية، في 12 يوليو (تموز)، مرسوماً يعزز القواعد حول الاستثمارات الخارجية في شركاتها التي تعتبر استراتيجية، ولم تحدد الدول التي يستهدفها القرار، لكن الصين من بينها.
ورأت فيستاغر أنه «لإعطاء الشركات الأوروبية فرصة فعلية للنجاح، نحتاج إلى تنافس عادل، ليس في أوروبا فحسب بل في كل أنحاء العالم»، وأضافت: «في الأشهر الأخيرة، أكد قادة مجموعتي السبع والعشرين بوضوح أن علينا التصدي لمشكلة الحوافز التي تؤثر سلباً في المنافسة»، مشددة على وجوب ألا تكون التجارة الدولية «حرة فحسب، بل أيضاً عادلة».
واعتبرت أن «قاعدتنا حول المساعدات (التي تقدمها الدولة) يمكن أن تكون نموذجاً من أجل مقاربة دولية أفضل تتصل بالحوافز».
- الصين في أوروبا
ولم تغب معظم بلدان الاتحاد الأوروبي عن بال المستثمرين الصينيين، وارتفع حجم استثماراتهم هناك إلى أكثر من 72 مليار دولار. وأكبر عملية استحواذ قاموا بها هي شراء اتحاد شركات السويسري للكيماويات ومضادات الآفات الزراعية (سنينتا)، وذلك من قبل الشركة الصينية الوطنية المملوكة من الدولة، التي عرضت مبلغ 43 مليار دولار.
واللافت أن الشركة الأميركية المنافسة (مونسانتا) كانت قد عرضت، في شهر أغسطس (آب) عام 2015، مبلغ 40 مليار دولار، إلا أن الإدارة السويسرية رفضت العرض. وقبل ذلك، كانت شركة «تنسانت إنترنت» لألعاب الأجهزة المحمولة قد أبرمت صفقة شراء مصنع «سوبرسل» الفنلندي، الذي يعمل في الميدان نفسه، بقيمة 7.8 مليار دولار.
وفي النصف الأول من العام الماضي، استثمرت الصين على صعيد أوروبا في 164 مصنعاً وشركة، بقيمة 72.4 مليار دولار، مقابل استحواذها العام الذي سبقه على 183 مصنعاً وشركة، بقيمة 40 مليار دولار.
وثاني أهداف الصينيين أهمية بعد ألمانيا هو شراء شركات في فرنسا، وقد استحوذت حتى اليوم على 23 شركة مختلفة، وبهذا تكون فرنسا متقدمة على بريطانيا كبلد مستهدف من الصينيين، وهي تمتلك اليوم هناك 20 شركة، ويعتقد خبراء اقتصاد أن السبب في قلة الاستثمارات في بريطانيا هو خروجها من الاتحاد الأوروبي.
- الصين تشتري شركات ومصانع ألمانية
وقبل أعوام، سخر كثيرون من قدرة المستثمرين الصينيين، ومحاولتهم لاقتحام الأسواق الغربية وغيرها في العالم، لاحتلال مكان الصدارة دولياً. واليوم، يبدو أن من سخر خاب ظنه، إذ يشير تقرير تحليلي لمكتب الاستشارات «آي آند واي» العالمي، نشر مطلع هذا العام، إلى أن عدد الشركات التي اشتراها الصينيون بين شهري يناير (كانون الثاني) ويونيو (حزيران) من عام 2016، وصل إلى 37 شركة ومؤسسة إنتاجية ومصنعاً، أي أكثر مما تم شراؤه بالكامل عام 2015.
والمثير أكثر هو التطور في نوعية الشراء والاستحواذ، بالنظر إلى القيمة الإجمالية، حيث وصلت عام 2015 إلى 526 مليون دولار. وفي الأشهر الأولى من عام 2016، قفزت الأرقام بشكل مذهل، ووصلت إلى 10.8 مليار دولار.
وعند الشراء، سواء كان في أوروبا أو ألمانيا، يتطلع الصينيون إلى الشركات المتوسطة، أو تلك التي تملكها عائلات وحاول أصحاب بعضها منذ فترة طويلة بيعها. لكن مع تزايد الاهتمام الصيني، يقدم مستثمرون محليون على شرائها وإصلاحها أو ترميمها أو إعادة هيكلتها، لتكون بوضعية أكثر ربحية، ثم يعرضونها بعد ذلك بأسعار جيدة محققين أرباحاً كبيرة.
ويتوقع كثير من الخبراء الألمان المتخصصين بالاستثمارات الأجنبية ارتفاع حجم الاستثمارات الصينية في ألمانيا وأنحاء أوروبا خلال عام 2017، مما يجعل الاستثمارات الصينية متقدمة جداً على استثمارات بلدان غير أوروبية، مثل روسيا ودول الشرق الأوسط، وهذا ما تؤكده آخر البيانات عن الاستثمارات الأجنبية في ألمانيا.
وإذا نظرنا إلى حجم استثمارات دول الشرق الأوسط في ألمانيا، على سبيل المثال، سنجد أن قطر لديها 15.6 في المائة في شركة «فولكس فاغن»، والإمارات لديها 10 في المائة في اتحاد مقاولات البناء العملاق «هوخ تيف»، والكويت 6.8 في المائة في شركة السيارات «دايملر». كما تملك إمارة أبوظبي، عبر شركة طيران الاتحاد، 29.2 في المائة من أسهم طيران برلين، وتشارك في المشروع الضخم التابع لشركة «أيون» لإنتاج الطاقة بنحو 20 في المائة، إضافة إلى شراء مستثمرين خليجين كثيراً من الفنادق والقصور ونوادي كرة القدم. ومع ذلك، فإن مجموع ما يستثمره العرب يظل رقماً بسيطاً أمام ما يستثمره الصينيون في ألمانيا في كل المجالات الحيوية.
فوفقاً لجداول مكتب الإحصائيات الاتحادي، تعتبر الصين أحد البلدان الأكثر استثماراً في ألمانيا، وقد وصل حجم استثماراتها المباشرة بين يوليو 2005 ويوليو 2016 ما يقارب 14 مليار دولار. وللمرة الأولى، يترأس المستثمرون الصينيون قائمة أكبر المستثمرين والمشترين حتى عام 2016 في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، حيث وصل حجم استثماراتهم الإجمالي إلى 180 مليار دولار، أي بنسبة زيادة نحو 40 في المائة من عام 2015.
- الصين تملك السيولة اللازمة
ما يساعد الصين في تحقيق تطلعاتها امتلاكها لكميات كبيرة من النقد الأجنبي. وبما أن الدولة والاقتصاد في جمهورية الصين الشعبية مترابطان ارتباطاً وثيقاً، وليس هناك فرق كبير إذا ما كان خلف الاستثمار الدولة، كما هي الحال مع شركة «شيم شاينا» الحكومية، أو مستثمر خاص كمجموعة شركات «إتش إن آي»، فكل المستثمرين مدعومون من الحكومة.
وفي هذا الصدد، يتحدث معهد البحوث للشؤون الصينية في برلين (ماريك) عن قوة رأس المال الصيني، فالصين اليوم واحدة من أكبر 3 مستثمرين أجانب في العالم، وهذا مجرد بداية، فالرئيس الصيني شي جينبينغ حدد مبلغ 1.3 تريليون دولار ليكون حجم الاستثمار الأجنبي لبلاده خلال السنوات العشر المقبلة.
وعن مخاوف انعكاس هذا الزحف الصيني على سوق العمل، تشير دراسة قام بها المكتب نفسه، نتيجة تفحصه لأكثر من ألف مشروع في ألمانيا وأوروبا، إلى عدم وجود انعكاس سلبي حتى الآن على العمالة المحلية الألمانية أو الأوروبية، أو القدرة على الابتكار. وعن الرغبة الصينية الكبيرة في الاستثمار في ألمانيا، ذكرت الدراسة نفسها أن ما يثير اهتمام الصينيين هو ما تملكه الصناعة الألمانية من سمعة دولية جيدة، وأيضاً مستوى العامل التأهيلي الجيد فيها، وانخفاض الرغبة في الإضرابات لدى العمال، يضاف إلى كل هذا الجودة العالية للتصنيع، والبحوث المتواصلة في معظم المجالات.
- الأوروبيون يستثمرون أقل في الصين
وبعكس الصينيين، أصبح الأوروبيون عام 2016 أكثر تردداً في الاستثمار في الصين. فللسنة الرابعة على التوالي، انخفض حجم استثماراتهم هناك إلى نحو 8 مليارات يورو، والسبب في ذلك هو تراخي النمو الاقتصادي في الصين، وتراجع هوامش الربح، والمعوقات أمام المستثمرين الأجانب، بينما وصل ما استثمره الصينيون في أوروبا إلى 35 مليار يورو، منها نحو 31 في المائة في ألمانيا.
وهذه هي المرة الأولى التي يتدفق فيها هذا الكم من رأسمال الصين إلى ألمانيا، وليس العكس، وهذا يدل على حجم طموحات الصين للحاق بركب التطور، والتمكن من المنافسة العالمية، ومواجهة التحديات الهائلة.
إلا أن دراسة وضعها مكتب معهد البحوث في برلين «ماريك» لا تتوقع نمواً قوياً مماثلاً للاستثمارات الصينية في الخارج كما في عام 2016، لأن مراقبة تدفق رأس المال القوي إلى الخارج أصبح أقوى، وأزعج القيادة السياسية في بكين، كما أن القلق قد نما في ألمانيا وأوروبا تجاه عمليات الشراء والاستحواذ الصينية الهائلة، رغم طمأنة كثير من خبراء الاقتصاد والإنتاج منها، والقول إن ذلك يعود بالفائدة على الأوروبيين أيضاً، ولا داعي لاتخاذ موقف دفاعي.



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.