بعد أيام من تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالانسحاب من اتفاقية أميركا الشمالية للتجارة الحرة (نافتا)، يبدأ المفاوضون اليوم الجولة الثانية من المفاوضات بهدف تحسين تلك الاتفاقية.
وبعد وضع جدول مواعيد طموح في الجولة الأولى، التي أجريت في واشنطن من 16 إلى 20 أغسطس (آب)، يدخل المفاوضون الأميركيون والمكسيكيون والكنديون في التفاصيل العملية على مدى خمسة أيام من المحادثات في مكسيكو. وصعد ترمب خطابه المعارض لـ«نافتا» قبيل الجولة الثانية، قائلاً إن المكسيك «تبدي صعوبة» وإن الولايات المتحدة ربما «ينتهي بها الأمر إلى إلغاء» اتفاقية التجارة، التي تعود إلى 23 عاما ويتهمها بنقل الوظائف الأميركية إلى جنوب الحدود، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية. لكن يبدو أن قدرة ترمب على إحداث صدمة تتراجع في المكسيك، بعد أن كانت تغريداته قادرة على جعل عملة البيزو تتراجع بشكل سريع.
وقال كبير خبراء الاقتصاد في بنك «سكوتيا»، جان - فرنسوا بيروه، إن «النفوذ الذي تتمتع به الولايات المتحدة داخل (نافتا) ربما هو أقل بقليل مما تظنه إدارة ترمب».
ورفضت المكسيك تهديدات ترمب بإلغاء الاتفاقية بوصفها مسعى لفرض أسلوبه «الغريب» في التفاوض، بحسب ما قاله وزير خارجيته لويس فيديغاري. وردت الحكومة على سلسلة من التغريدات النارية لترمب ببيان جريء، تقول فيه إنها لن تتفاوض على الاتفاق على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويتوقع معظم الخبراء الآن استمرار الاتفاقية لكن بتعديلات بسيطة، رغم أنه لا شيء مؤكد مع ترمب، كما يقولون. وقال نيل شيرينغ خبير الاقتصاد لدى مؤسسة الاستشارات «كابيتال ايكونوميكس»، ومقرها لندن، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الأساس أن تتمكن جميع الأطراف من إيجاد أرضية مشتركة، ومن غير المرجح أن تؤثر التعديلات الطفيفة على العلاقات التجارية داخل الكتلة». وبنهاية الأمر قد لا يكون أمام ترمب مجال كبير للمناورة.
وتعتمد نحو 14 مليون وظيفة أميركية على التجارة مع المكسيك وكندا، بحسب غرفة التجارة الأميركية. ويواجه الرئيس ضغوطا قوية من قطاع الصناعة الأميركي لإبقاء الاتفاقية. وسجل اقتصاد المكسيك نموا بطيئا، رغم تراجعه في أعقاب انتخاب الرئيس الأميركي، إذ بلغ نسبة 3 في المائة على أساس سنوي في الربع الثاني من العام، ورفع البنك المركزي توقعاته للنمو في 2017 الأربعاء من 2 إلى 2,5 في المائة. وأشار البنك إلى «تراجع احتمالات» حدوث مشكلات كبيرة في العلاقة مع الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فقد وضعت الحكومة المكسيكية خطة بديلة في حال فشل المفاوضات. وقالت إن الخطة تشمل تنويع الشركاء التجاريين بهدف تقليص الاعتماد على الولايات المتحدة، التي تبلغ صادرات المكسيك إليها حاليا 80 في المائة من مجمل صادرتها.
وقال أليخاندرو لونا، الشريك في مكتب المحاماة «سانتامارينا وستيتا» المختص بالأعمال «لا يزال بإمكانه أن يفاجئنا. ترمب يمسك بالسلطة التنفيذية» للانسحاب من الاتفاقية. وتنبأ جولة ثانية «صعبة» من المفاوضات.وعلى طاولة المفاوضات العديد من المواضيع الحساسة، ومنها مطالب الولايات المتحدة بإلغاء آلية حل النزاعات في «نافتا»، وتغيير قواعد بلد المنشأ فيما يتعلق بقطاع السيارات بحيث أن تكون نسبة مئوية محددة من مكونات السيارات مصنعة في الولايات المتحدة، كي لا تخضع للرسوم الجمركية.
ويركز ترمب اهتمامه أيضا على خفض العجز التجاري للولايات المتحدة مع المكسيك، البالغ 64 مليار دولار، مع أن خبراء الاقتصاد يقولون إنها مسألة هيكلية لا يمكن تغييرها بمحادثات تجارية.
وستتعرض المكسيك لضغوط لتحسين قوانين العمل ورفع مرتبات عمال المصانع الذين يتقاضون ما معدله 2,30 دولار في الساعة، أي عشر معدل راتب عمال المصانع في الولايات المتحدة.
وستنتقل المفاوضات بعد ذلك إلى اوتاوا في أواخر سبتمبر (أيلول)، ثم إلى واشنطن في أكتوبر (تشرين الأول). ويسعى المفاوضون إلى التوصل بسرعة لاتفاقية، قبل انطلاق الحملة في المكسيك للانتخابات الرئاسية المرتقبة في يوليو (تموز) 2018، والانتخابات النصفية في الولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018. تجدر الإشارة إلى أنه من غير المتوقع خروج معلومات كثيرة عن المفاوضات، فقد اتفقت الأطراف الثلاثة على إبقاء المحادثات سرية حتى انتهاء المحادثات، والتي يأملون أن تكون قبل نهاية العام.
تهديدات ترمب بالانسحاب تلقي بظلالها على الجولة الثانية من محادثات «نافتا»
تهديدات ترمب بالانسحاب تلقي بظلالها على الجولة الثانية من محادثات «نافتا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة