دافعت جانيت يلين، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي)، أمس الجمعة، عن النظام المالي والقواعد الحاكمة له، وأكدت أنه أصبح أكثر قدرة على تحمل الصدمات بعد الأزمة المالية عام 2008، ورفضت يلين بشكل غير مباشر ما يطالب به الرئيس ترمب وإدارته من تخفيف بعض القواعد واللوائح التي يؤكد ترمب أنها «كارثية» وتكبح الاقتصاد.
وقالت رئيسة الاحتياطي، في المؤتمر البحثي السنوي للبنوك المركزية في مدينة جاكسون هيل بولاية وايومنيغ أمس الجمعة، إن المؤشرات والأبحاث تشير إلى أن الإصلاحات الأساسية التي تم إقرارها قد عززت المتانة المالية تعزيزا كبيرا دون الحد بشكل غير ملائم من توفير الائتمان أو التأثير على النمو الاقتصادي. ولم تتطرق إلى الإجراءات المستقبلية للسياسة النقدية.
وفي الاجتماع الذي ضم عددا كبيرا من كبار الاقتصاديين والمصرفيين من المصارف المركزية، أكدت يلين أن الإصلاحات جعلت النظام المالي أكثر أمانا، ورفضت الحجج بأن القواعد الموضوعة تسبب في قيود على تحقيق الانتعاش من الأزمة المالية، لكنها في الوقت نفسه أقرت أن بعض تلك القواعد يمكن تحسينها.
وقالت إنه قد تكون هناك حاجة إلى تغييرات في بعض اللوائح، مشيرة إلى احتمالات تخفيض قاعدة فولكر التي تحد من تداول المصارف للأسهم وتخفيف بعض القواعد المطبقة على المصارف الصغيرة والمتوسطة. وشددت على الحاجة إلى خطوات لتحسين السيولة في بعض أجزاء سوق السندات. وتابعت أن «أي تعديلات للإطار التنظيمي ينبغي أن تكون متواضعة، وأن تحافظ على زيادة قوة النظام المالي، والتأكد أنها لا تضر بالمجتمعات المحلية أو البنوك الإقليمية بشكل غير متناسب».
وأوضحت أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يقوم باستمرار بمراجعة الإجراءات لمعرفة ما الإجراءات التي تعمل وما الإجراءات التي يمكن أن تعيق النظام، وقالت: «على نطاق واسع، نواصل مراقبة الأوضاع الاقتصادية واستعراض نتائج البحوث من أجل فهم أفضل لتأثير الإصلاحات التنظيمية والآثار المحتملة لها».
وعلى الرغم من ترقب الأسواق المالية لخطاب رئيسة المجلس الاحتياطي حول مستقبل السياسية النقدية، فإنها لم تقدم أي تعليقات حولها، بل ركزت في خطابها على تأثيرات الأزمة المالية العالمية وما فعله المنظمون لمواجهتها، وحذرت من أن الأزمات المستقبلية «أمر لا مفر منه، لكن ما حدث من انهيار في المجال العقاري نتيجة الأزمة المالية قد أعطى دروسا قيمة للقائمين على السياسات المالية».
وأشارت يلين إلى احتمالات ظهور مخاطر متمثلة في التفاؤل المفرط، وقالت: «لقد تعلمنا الدروس من الأزمة المالية عام 2008. ولا يمكننا أن نسمح أن تتكرر، وإذا حافظنا على هذا الدرس حاضرا في ذاكرتنا إلى جانب التكلفة المؤلمة التي فرضتها الأزمة الأخيرة والعمل وفقا لذلك، فإننا يمكن أن يكون لدينا سبب للأمل أن النظام المالي والاقتصاد سيشهد أزمات أقل، ويستعيد العافية من أي أزمة مستقبلية بسرعة أكبر... وهذا سيجنب الأسر والشركات بعض الألم الذي عانوا منه خلال الأزمة المالية التي حدثت قبل عقد من الزمن».
ولم تتطرق يلين إلى التكهنات حول بقائها أو خروجها من منصبها، ومن المقرر أن تنتهي ولايتها كرئيس لمجلس الاحتياطي مع مطلع عام 2018. وقد أوضحت يلين في شهادتها أمام الكونغرس في يوليو (تموز) الماضي أن محادثتها مع الرئيس ترمب لم تتطرق إلى موضوع استمرارها في المنصب. وتأتي تصريحاتها خلال اجتماعات جاكسون هيل، لتؤكد أنها لا ترى فرصة في أن يقوم ترمب بإصدار قرار باستمرار بقائها في منصبها.
وتتوقع الأوساط الاقتصادية أن يقوم الرئيس ترمب بترشيح غاري كوهن، الرئيس السابق لمؤسسة «غولدمان ساكس» ورئيس المجلس الاقتصادي الوطني الحالي بالبيت الأبيض ليشغل المنصب. وقد أشار كوهن في بعض التصريحات في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى أن اللوائح الحاكمة تضر بالاقتراض المصرفي وتضر بالاقتصاد. وقال كوهن إن «أكبر شيء علينا إصلاحه هو أن نجعل النظام المصرفي في الولايات المتحدة يعمل مرة أخرى، فنحن بحاجة إلى رؤوس أموال الشركات الصغيرة والمتوسطة وأصحاب المشاريع... واليوم البنوك لا تقرض المال لهذه الشركات، ويتم إجبار البنوك على حبس الأموال وعدم تحمل أي مخاطر. ونحن بحاجة إلى إعادة البنوك إلى مجال الإقراض؛ وهذا هو هدفنا رقم واحد».
بينما تشير تصريحات يلين المليئة بعبارات دبلوماسية منتقاة إلى أن كلا من الرئيس ترمب وغاري كوهن مخطئون، وأن الأبحاث تؤكد الفوائد الصافية الكبيرة للنمو الاقتصادي مع ارتفاع معايير رأس المال. ورفضت الحجج أن القواعد المنظمة قد خنقت النشاط المصرفي، وأصرت على أن زيادة رأس المالي المصرفي قد عززت بالفعل من نمو القروض.
وأوضحت يلين أن الخطوات التي تستهدف تحسين المركز المالي للبنوك بدءا من برنامج تقييم رأس المال في عام 2009، قد أدت إلى عودة نمو الاقتراض والربحية بين البنوك الأميركية بسرعة أكبر من نظيراتها العالمية، ولهذا السبب أكدت يلين أن أي تعديلات على الإطار التنظيمي يجب أن تكون متواضعة وتحافظ على زيادة مستويات المرونة بين كبار المتعاملين مع البنوك والإصلاحات التي وضعت في السنوات الأخيرة.
ويري المحللون الاقتصاديون أن يلين التي عينها الرئيس السابق باراك أوباما من الاقتصاديين الأقل تحفظا نسبة إلى بقية الخبراء بالاحتياطي الفيدرالي، وأنها تعمل في سياساتها على التركيز على تحفيز النمو الاقتصادي بشكل أكبر من معالجة معدلات التضخم.
وقال مارك هاميرك، المحلل الاقتصادي بالفيدرالي، إن تصريحات يلين سيكون لها تأثير ضعيف على النقاشات في واشنطن، حيث يدعم الجمهوريون القواعد المصرفية المعروفة باسم «دود فرنك»، وعلى الرغم من قولها فإن أي تعديلات وإصلاحات مالية مستقبلية يجب أن تكون محدودة، إلا أن ذلك لن يغير من توجهات الإدارة الأميركية، ولن يغير من أفكار الجمهوريين داخل الكونغرس.
يلين: النظام المالي أصبح أكثر قدرة على تحمل الصدمات
رئيسة «الفيدرالي» تعارض مطالب ترمب بتخفيف القواعد... وتكهنات بخلافة كوهن بداية العام المقبل
يلين: النظام المالي أصبح أكثر قدرة على تحمل الصدمات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة