تقع برشلونة، عاصمة كاتالونيا، وثاني أكبر مدن إسبانيا، بعد العاصمة مدريد، على البحر الأبيض المتوسط، في الجزء الشمالي الشرقي من شبه الجزيرة الأيبيرية. يستحيل على زائر برشلونة أن يغادرها من دون زيارة «لاس رامبلاس»، قلب المدينة النابض بالحياة والفرجة والدينامية الاقتصادية.
في برشلونة، ينقلك شارع «لا رامبلا» إلى مستويات راقية من السياحة، مقترحاً عليك عروضاً تمزج الفن بالاستجداء من دون حاجة إلى مد اليد: «فنانون» يختارون طرقاً راقية لكسب المال: منهم من يتقمص شخصية جندي شارك في الحرب العالمية الأولى، أو جندياً يابانياً يبدو خارجاً لتوه من جحيم الحرب العالمية الثانية. ومنهم من يتقمص شكل وصورة الرجل الوطواط أو يعيد رسم جمال كليوباترا، أو يعيد بث رعب فجرته شخصية دراكولا، مصاص الدماء، أو إخراج مزيد من الطيور الخرافية من أساطير اليونان وحكايات ألف ليلة وليلة، فيما عيون سياح من مختلف الجنسيات، ممن يغص بهم المكان، تستمتع بما يعرض أمامها.
إنها برشلونة، المدينة التي ينبعث من أزقتها وبناياتها عبق التاريخ والحضارة، التي تبدو كما لو أنها تتنفس كرة القدم، حيث ألوان فريق كرة القدم الـ«بارصا» تؤثث للمكان، فيما يتيه زائر «لاس رامبلاس» بين مقهى «زيوريخ» وحمَام ساحة «كاتالونيا». بين نصب «كريستوفر كولومبوس» والمتاحف والحدائق، قبل أن تبهره ألوان الفواكه، بطريقة تنسيقها العجيب والجميل داخل سوق «لابوكيريا»، فيما تنتشر على طول ووسط الشارع أكشاك بيع الورود والتذكارات ومحلات بيع الألبسة والمطاعم والمقاهي والحانات والفنادق.
تبدو برشلونة كما لو أنها تعيش في حلم متواصل أعاد تشكيل نفسه، في العقود الأخيرة، على إيقاع المجد الكروي المتواصل لفريق الـ«بلاو غرانا». مع جنون الكرة الذي اجتاح برشلونة، في السنوات الأخيرة، قبل أن يمتد إلى مختلف بقاع العالم، ستشعر كما لو أن المدينة في طريقها لأن تغير اسمها إلى «إف سي برشلونة». داخل محلات بيع تذكارات وقمصان الـ«بارصا»، ستتساءل هل المدينة أشهر من الفريق أم أن الفريق هو من صار يصنع شهرة هذه المدينة الكاتالونية، الغارقة في بهاء التاريخ والحضارة، بتراثها المادي الذي يكاد يفيض عن جغرافيته.
في برشلونة، يمكن القول إن الأرجنتيني ميسي صار أشهر من بيكاسو؛ أما رحيل البرازيلي نيمار، قبل أيام، إلى باريس سان جيرمان الفرنسي، في صفقة قياسية فاقت 222 مليون دولار، فأقل شيء يمكن قوله إنه أحدث زلزالاً بين عشاق الفريق الإسباني.
في برشلونة، يقبل الجميع، تقريباً، بشكل لافت، على محلات بيع القمصان والتذكارات الخاصة بالفريق الكاتالوني الأشهر: أقلام ولعب وقمصان وكرات، وأشياء أخرى، تحمل شعار الـ«بارصا». إنه حلم كرة منفوخة بالهواء وقد حول فريق لعبة رياضية إلى دجاجة تبيض ذهباً للنادي، مانحاً جاذبية سياحية استثنائية للمدينة التي تحتضنه.
«الكامب نو»، الملعب الذي يحتضن مباريات الـ«بارصا»، صار ينافس متاحف وأبراج المدينة، إذ يقصده عشاق الفريق، على مدار اليوم والعام، في «رحلة حج مقدسة»، لتتناسل أسئلة المتتبعين، ويبرز بينها سؤال هل يمكن تصور مدينة برشلونة من دون «بارصا». وإذ جرت العادة أن يكون لكل مدينة خاصية تميزها عن المدن الأخرى، فإن برشلونة تجتمع فيها كل الخصائص الثقافية والتجارية والاقتصادية والطبيعية: مدينة أوروبية عصرية، بنكهة متوسطية وماض ضارب في أعماق التاريخ، فيما زوار الحاضر، ممن يتعدى عددهم العشرة ملايين سنوياً، يسابقون الزمن، دون جدوى، لمشاهدة أكبر قدر من معالمها.
وفضلاً عن «لاس رامبلاس» والـ«كامب نو» و«لابوكيريا»، تتميز برشلونة بعدد من المزارات السياحية والثقافية والرياضية، بينها ساحة كاتالونيا، وكازا ميلا، وكازا باتلو، وصالة باولو للموسيقى، ومتحف برشلونة للفنون المعاصرة، والحي الغوطي، وكنيسة برشلونة، ومتحف بيكاسو، ومتحف تاريخ المدينة، وسو وأوبرا ليثيو، وقلعة بالاو غويل، والمتحف البحري، وحوض الأسماك، ومركز ماريماجنم التجاري، وحديقة كوستا أي ليلوبيرا، والمتحف الحربي، ومتحف فونداثيو خوان ميرو، والمسرح الروماني، ومتحف كاتالونيا الوطني للفنون، والنافورة الساحرة، ومعرض برشلونة، ومتحف السيراميك، وبرج كولسيرولا، وكنيسة ساقاردا فاميليا، وقوس النصر.
«لا رامبلا» قلب برشلونة يعج بالسياح وسط رواج اقتصادي وفرجة استثنائية
«لا رامبلا» قلب برشلونة يعج بالسياح وسط رواج اقتصادي وفرجة استثنائية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة