تركيا تنفذ خططاً لتعليم السوريين... والتجنيس لا يلقى ترحيباً

الحكومة تدعو للاستفادة من برنامج المساعدة المشروطة وتركز على المتسربين

طالب جامعي سوري هرب من ويلات الحرب ليكمل تعليمه في إسطنبول (غيتي)
طالب جامعي سوري هرب من ويلات الحرب ليكمل تعليمه في إسطنبول (غيتي)
TT

تركيا تنفذ خططاً لتعليم السوريين... والتجنيس لا يلقى ترحيباً

طالب جامعي سوري هرب من ويلات الحرب ليكمل تعليمه في إسطنبول (غيتي)
طالب جامعي سوري هرب من ويلات الحرب ليكمل تعليمه في إسطنبول (غيتي)

بدأت الحكومة التركية استعداداتها للعام الدراسي الجديد واتخاذ الترتيبات الخاصة بمراكز التعليم المؤقتة للسوريين التي لا يزال بعضها يعمل في المحافظات التي تنتشر بها مخيمات اللاجئين فيما تتواصل خطة الإدماج في المدارس التركية بسبب عدم كفاءة هذه المراكز للنهوض بالعملية التعليمية.
ودعت وزارة التربية والتعليم الوطني التركية أهالي الطلاب السوريين في مراكز التعليم المؤقتة للاستفادة من برنامج المساعدة المالية المشروطة بالتعليم لافتة إلى أن عائلات الطلاب ستحصل على دفعة نقدية كل شهرين دراسيين ما دام أن أطفالهم يداومون بشكل منتظم في مراكز التعليم حيث يتم الدفع في أشهر يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار)، ومايو (أيار)، ويوليو (تموز)، وسبتمبر (أيلول)، ونوفمبر (تشرين الثاني).

- دعم مالي
ووضعت الوزارة التركية خطة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ووزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية، والهلال الأحمر التركي، منذ بداية العام الحالي لتخصيص دعم مالي منتظم يقدم شهريا للطلاب السوريين الملتحقين بالمدارس التركية ومراكز التعليم السورية المؤقتة.
ويشترط برنامج الدعم المالي أن يكون جميع أفراد العائلة المستفيدة منه مسجلين في تركيا، وألا يكون لديها أي دخل شهري منتظم أو ضمان اجتماعي، وأن يكون واحدا من أفرادها على الأقل طالب في المدرسة وقت تقديم الطلب، وتوفر بطاقة الهوية لأفراد العائلة.
وقالت مصادر في وزارة التعليم التركية لـ«الشرق الأوسط» إن الخطوة جاءت كبادرة لتحفيز الأهالي غير القادرين على تحمل مصروفات التعليم، لإرسال أبنائهم إلى المدارس بشكل منتظم، خاصة لمن لديه أكثر من طالب ولاحتواء المتسربين من التعليم، كما تعد دعما مقدّما للطلبة للالتزام بالدوام والتقيد بمتابعة تعليمهم وتحصيلهم العلمي.

- تعليم مدى الحياة
وفي إطار الجهود المبذولة لاستيعاب جميع السوريين في مراحل التعليم قبل الجامعي، أكد مدير دائرة «تعليم مدى الحياة» في وزارة التعليم التركية علي رضا التونال، خلال الدورة التدريبية الثالثة للمعلمين السوريين الاثنين، إنه لن يكون هناك فرق بين الطالب السوري والتركي في كل مراحل التعليم.
وأضاف أنه في العام الدراسي الجديد سيلتحق الطلاب من الصفوف الأولى في المراحل المختلفة بالمدارس التركية، وهذه الصفوف هي الأول والثاني والخامس والتاسع، وهناك استثناء في محافظة هطاي بسبب عدم استعداد المدارس.
وبدأ ت دورة التحضير لدورة التأهيل التربوي الثالثة المخصصة للمعلمين السوريين العاملين في مراكز التعليم السورية المؤقتة في محافظة كونيا وسط البلاد.
وقال التونال إنه تم تحقيق أهداف الوزارة في العام الماضي فيما يتعلق بالطلاب السوريين بنسبة مائة في المائة، لافتاً إلى أنه بالنسبة للعام الجديد تهدف الوزارة للوصول إلى جميع الطلاب المتسربين، ويجب أن تصل إلى 700 ألف طالب.
وأضاف التونال، أنه لن يتم قبول طلاب المرحلة الثانوية في المدارس من دون اجتياز اختبار، سواء كان الطالب تركيا أم سوريا، لافتا إلى أن الوزارة خاطبت دائرة الهجرة لمنح الهويات للطلاب من أجل تسجيلهم وسيتم التعاون في ذلك، كما ستمنح ثلث المنح الدراسية الجامعية للطلبة السوريين.
وقال التونال إنه سيعاقَب كل من يمنع دخول الطلاب إلى المدارس التركية، وسيعزل من مهنة التدريس كل مدرس يحاول ترويج هذا الأمر بين السوريين كما حدث في العام الماضي، لافتا إلى أن الوزارة ستحاول بالتعاون مع اليونيسيف رفع رواتب المعلمين بما يناسب الأوضاع المعيشية.
وشدد المسؤول التركي على أنه يجب نقل المعلومات التي حصل عليها المعلمون المتدربون في دورة كونيا إلى باقي المدرسين دونما نقصان، لافتاً إلى أنه إذا ازداد عدد الطلاب فقد نرفع عدد المعلمين السوريين.
وأكد أن الوزارة ستعمل على إخراج أصحاب الشهادات المزورة من التعليم، ولدى الوزارة خطة لذلك، ولن يبقى أي مزور في المدارس، كما لن يبقى أحد بلا عمل ما عدا أصحاب الشهادات المزورة.
وأشار إلى أنه تم إعداد برامج تعويضية باللغة العربية لفاقدي التعليم في السنوات الأربع الأولى ويخضع المدربون والمتدربون في الدورة لدراسة 3 مواد رئيسة موزعة على 80 ساعة دراسية، هي: تكنولوجيا التعليم 45 ساعة، والتعليم المتمايز «الفردي» 25 ساعة، ونظام التعليم التركي 10 ساعات.

- إقامة دائمة
على صعيد آخر، وفي إطار خطة تجنيس الكفاءات التي أطلقتها الحكومة التركية لأصحاب الكفاءات من السوريين والتي بدأت بـ7 آلاف سوري، أجرى مركز أبحاث السياسة والهجرة في جامعة حاجة تبة التركية في أنقرة، بدعم من السفارة البريطانية بأنقرة، دراسة أوضحت أن أكثر من نصف الطلاب والأكاديميين السوريين داخل تركيا يفضّلون الحصول على الإقامة الدائمة وليس الجنسية التركية.
ولفتت الدراسة إلى وجود نحو 15 ألف طالب سوري في الجامعات التركية، موضحة أن عامل اللغة يعد من أكبر المشاكل التي يواجهها الأكاديميون السوريون في تركيا.
وقال مدير مركز الأبحاث «مراد إردوغان»، في مؤتمر صحافي بأنقرة، إن نتائج البحث أظهرت رغبة أكثر من نصف الطلاب والأكاديميين السوريين في العودة إلى بلادهم في حال تغيّر النظام القائم هناك.
وأظهرت نتائج البحث، أن 52.50 في المائة يرغبون في العودة في حال تسلم من يرغبون في رؤيته مقاليد الحكم في سوريا، وأن 26.94 في المائة لا يفكرون أبدا في العودة، في حين 11.39 في المائة يريدون العودة تحت أي ظرف كان، و9.17 في المائة يشترطون فقط انتهاء الحرب للعودة إلى بلادهم.
ولفت إردوغان إلى أن عدد الأكاديميين السوريين والكوادر التدريسية الذين يعملون في الجامعات التركية المختلفة، بلغ 392 أكاديميا، في حين وصل عدد طلاب اللاجئين السوريين الفارين من الحرب الدائرة في بلادهم داخل الجامعات التركية، 14 ألفا و747 طالباً، من أصل 108 آلاف و76 طالبا أجنبياً.
وأشار إلى أن 20 في المائة من الطلاب السوريين، يتابعون تحصيلهم الجامعي بالاعتماد على المنح الدراسية التي يأخذونها من تركيا، وأنّ 85 في المائة منهم فقد إمّا قريبه أو صديقه في الحرب الدائرة في بلادهم.
وبشأن الأكاديميين السوريين العاملين في الجامعات التركية، أوضحت نتائج البحث أن 80 في المائة منهم يعملون في كليات الشريعة ومعاهد الأئمة والخطباء.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن العام الماضي، عزم بلاده منح الجنسية التركية لذوي الكفاءات من اللاجئين السوريين، للاستفادة من خبراتهم ومؤهلاتهم العلمية والمهنية وبدأت الخطوات التنفيذية بالفعل للمرحلة الأولى التي تشمل 7 آلاف سوري.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.