أنقرة تكثف مشاوراتها مع موسكو وطهران لمواجهة {النصرة} في إدلب

قائد أركان القوات الروسية يزور تركيا لبحث خفض التصعيد

طفلان يتحدثات لعنصر من الشرطة الروسية في مركز للنازحين بجبرين قرب حلب (إ ف ب)
طفلان يتحدثات لعنصر من الشرطة الروسية في مركز للنازحين بجبرين قرب حلب (إ ف ب)
TT

أنقرة تكثف مشاوراتها مع موسكو وطهران لمواجهة {النصرة} في إدلب

طفلان يتحدثات لعنصر من الشرطة الروسية في مركز للنازحين بجبرين قرب حلب (إ ف ب)
طفلان يتحدثات لعنصر من الشرطة الروسية في مركز للنازحين بجبرين قرب حلب (إ ف ب)

بدأت أنقرة تكثيف مشاوراتها مع كل من طهران وموسكو بشأن الوضع في سوريا والتطورات الأخيرة التي تتعلق بسيطرة جبهة النصرة على أجزاء واسعة من محافظة إدلب القريبة من الحدود التركية وكيفية مواجهتها ومنع تدهور الوضع الإنساني ونشوء موجة جديدة من اللاجئين، في وقت حذرت فيه موسكو من تنامي قوة «جبهة النصرة» في إدلب، وسعيها للسيطرة على الشريط الحدودي عبر المحافظة السورية مع تركيا، هذا في الوقت الذي تواصل فيه الدول الضامنة المشاورات على مستوى الخبراء التقنيين بشأن تفاصيل آليات تنفيذ «منطقة خفض التصعيد في إدلب».
وكان مصدر عسكري - دبلوماسي روسي من المجموعات التابعة للمجموعة الدولية لدعم سوريا، حذر في تصريحات من جنيف، أمس، لوكالة «ريا نوفوستي» من تنامي قوة «جبهة النصرة»، وقال: «يُلاحظ في الآونة الأخيرة نشاط عمليات حشد لقوات (جبهة النصرة)، وكذلك انصهار عدد من العناصر الراديكالية في المعارضة المسلحة إلى صفوف هذا التنظيم الإرهابي»، ورأى أن «هذا يهدد الوضع في سوريا بشكل عام، نظراً لأنه يعزز من نفوذ الإرهابيين»، وأكد أن «جبهة النصرة» تعمل بنشاط للتحكم بمصادر التمويل «وستحاول فرض سيطرتها على الممرات الحدودية الرئيسية مع تركيا».
وساهمت اتفاق مصالحات مع النظام السوري في نقل «جبهة النصرة» لأعداد كبيرة من قواتها من مختلف المدن السورية إلى مناطق في محافظة إدلب. وتنشب من حين لآخر مواجهات مسلحة بين مقاتلي «النصرة» ومقاتلين من فصائل المعارضة السورية المسلحة. وقالت مصادر مواكبة لمشاورات الدول الضامنة حول منطقة خفض التصعيد في إدلب، إن الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق حول تلك المنطقة تواجه عقبات عدة، ومنها بصورة رئيسية الانتشار الواسع للجبهة في المحافظة.
وأكد المصدر تبلور عزم مشترك لدى الدول الضامنة على وضع آلية مشتركة لتجاوز هذه العقبة، ولفت في الوقت ذاته إلى جهود تبذلها الأطراف في موازاة ذلك لوضع صيغة مقبولة للجميع بخصوص المخاوف التركية من احتمال سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، على مساحات واسعة من الحدود السورية مع تركيا.
في السياق، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في مقابلة مع التلفزيون الرسمي التركي، أمس، إن رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الجنرال فاليري غيراسيموف سيزور تركيا لمناقشة الوضع في محافظة إدلب السورية التي تسيطر عليها جبهة النصرة.
وأضاف أن الاشتباكات مستمرة في سوريا، لافتا إلى أن بلاده تعمل على إبقاء عملية آستانة حية وأن الدور الأهم لهذه العملية هو وقف الاشتباكات على الأرض، وتشكيل مناطق استقرار وخفض التصعيد على الأرض، وأن الأطراف متفقة على تحقيق ذلك.
وأوضح جاويش أوغلو أن بلاده تواصل محادثاتها الفنية مع روسيا وإيران فيما يتعلق بمناطق خفض التصعيد في سوريا، مضيفا أنه عقب تأمين مناطق خفض التصعيد بشكل كامل، يجب تقديم الحل السياسي «الذي بدأت تتضح معالمه لدى جميع الدول، وأن بلاده تشارك في جميع العمليات التي تهدف لتحقيق سلام في سوريا، وتقدم المساهمات الإيجابية لتلك العمليات».
وكانت روسيا وتركيا وإيران (بوصفها أطرافا ضامنة) اتفقت على إنشاء أربع مناطق لخفض التصعيد، إحداها في إدلب في إطار المباحثات التي جرت بالعاصمة الكازاخية آستانة، في مايو (أيار) الماضي.
إلى ذلك، أجرى رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري مباحثات في أنقرة على مدى يومين مع كل من نظيره التركي خلوصي أكار ووزير الدفاع نور الدين جانيكلي والرئيس رجب طيب إردوغان الذي استقبله أمس، في اليوم الثاني لزيارته التي تستغرق 3 أيام لبحث التطورات في سوريا وما يتعلق بمناطق خفض التصعيد والتطورات في إدلب، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتصدي لنشاط حزب العمال الكردستاني في تركيا وإيران وامتداده في سوريا حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
وقالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» إن أنقرة تسعى إلى إنجاز اتفاق مع كل من موسكو وطهران بشأن تفعيل منطقة خفض التصعيد في إدلب، وتحديد القوات التي ستشارك في حمايتها وتأمين الوضع الإنساني وعدم تدهوره بما يؤدي إلى موجة جديدة من اللاجئين باتجاه تركيا.
وكانت أنقرة أعلنت من قبل أن عناصر من قواتها المسلحة قد تشارك في تأمين منطقة خفض التصعيد في إدلب إلى جانب قوات روسية.
في السياق نفسه، قال رئيس وزراء الحكومة السورية المؤقتة جواد أبو حطب، إن الشعب السوري ينظر إلى الجيش التركي على أنه مصدر أمن له، وأنه مستعد لاحتضان هذا الجيش دون أي تردد. وأضاف أبو حطب في تصريح لصحيفة «يني شفق» التركية، أن الشعب السوري الموجود في محافظة إدلب يقاوم الغزو الخارجي من قبل «روسيا والولايات المتحدة» بقدر استطاعته، إلا أن الجيش التركي يعتبر مصدر أمن له وفي حال قدومه إلى المنطقة، فإن الشعب سيحتضنه دون تردد.
في سياق مواز، قال جاويش أوغلو إن روسيا أكثر تفهما لموقف بلاده بشأن وحدات حماية الشعب الكردية السورية عن الولايات المتحدة.
وتزود واشنطن وحدات حماية الشعب بالسلاح في سياق التعاون معها في قتال تنظيم داعش وهو ما اعتبره الوزير التركي «تهديدا كبيرا وخطرا على مستقبل سوريا وعلى أمن تركيا في الوقت ذاته». وأكد أن بلاده لا ترى تزويد حليفتها واشنطن الوحدات الكردية بالسلاح أمرا صائبا، مشددا على أن بلاده ستكافح هذا التهديد.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة ترسل تقريرا شهريا لتركيا حول الأسلحة والمعدات والذخائر التي تزود بها الميليشيات الكردية في سوريا، وأن التقرير الأخير يشير إلى أن الولايات المتحدة أرسلت عربات مصفحة ومعدات لكنها لم ترسل أسلحة وذخائر.
وأكد أهمية تزويد الولايات المتحدة لتركيا بتلك المعلومات لكنه قال إن «المشكلة الأساسية هي تزويد هذه الميليشيات بالسلاح، ولا فائدة من إبلاغنا عنه».
وقال إن روسيا تتفهم حساسية تركيا فيما يتعلق بالميليشيات الكردية وإن بلاده لم تشاهد تزويد موسكو لها بالسلاح.
وبدوره شدد نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية بكير بوزداغ على أن بلاده مستعدة لجميع السيناريوهات بما فيها العسكرية في سوريا لحماية أمنها القومي.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».