بحيرة «عسل»... جوهرة الذهب الأبيض

تقع على مستوى 153 متراً تحت سطح البحر وتشبه سجادة بيضاء

TT

بحيرة «عسل»... جوهرة الذهب الأبيض

تستقبل جيبوتي أكثر من 130 ألف سائح حالياً وتخطط لمضاعفة الرقم خلال السنوات القليلة القادمة (تصوير تركي العقيلي)
تستقبل جيبوتي أكثر من 130 ألف سائح حالياً وتخطط لمضاعفة الرقم خلال السنوات القليلة القادمة (تصوير تركي العقيلي)

على بعد نحو ساعة ونصف ساعة جنوبي العاصمة الجيبوتية، تقع بحيرة «عسل» التي تمتد على شكل طبقات عملاقة من الملح، وكأنها سجادة بيضاء نقية من الذهب الأبيض، على مساحة 65 كيلومتراً مربعاً، تحيطها الجبال بألوان أخاذة، وتداعبها أمواج فيروزية زرقاء.

وجاءت تسمية البحيرة بـ«عسل» من كلمة «عسبو» باللغة العفرية، وتعني الملح. كما أطلق عليها المصريون القدامى في عهد الملكة حتشبسوت: «أرض الآلهة» أو «بحيرة آبي».

تقع على مستوى 153 متراً تحت سطح البحر (تصوير تركي العقيلي)

في أجواء غائمة تتخللها نسمات باردة، انطلقنا بعد الظهيرة من العاصمة جيبوتي لزيارة بحيرة «عسل»، من أشهر المعالم السياحية في جيبوتي. ورافقنا في الرحلة سائق السيارة ذات الدفع الرباعي، آدم (48 عاماً) الذي يعمل في نقل السياح منذ أكثر من 20 عاماً، وهو من القومية العفرية.

في الطريق مررنا بعشرات القرى الصغيرة المتناثرة على جانبي الطريق التي تربط جيبوتي بإثيوبيا، وكانت شاحنات البضائع التي تنطلق من المواني الجيبوتية باتجاه أديس أبابا تأخذ حيزاً كبيراً من الطريق التي شيدتها المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، رحمه الله.

لا تزال قوافل الجمال تستخدم في نقل الملح من البحيرة للمناطق الداخلية في جيبوتي (تصوير تركي العقيلي)

تعد بحيرة «عسل» ثاني أكثر مكان في العالم انخفاضاً؛ حيث تقع على مستوى 153 متراً تحت سطح البحر، وتحتوي على أعلى معدل ملوحة بنحو 348 غراماً لكل لتر.

قبيل الوصول للبحيرة، مررنا بخليج تاجوراء الذي يعد من أهم السواحل الجيبوتية، وكان لافتاً انتشار أكثر من 12 مروحة عملاقة لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح، في الجبال المطلة على الخليج، ويأتي ذلك في إطار خطط حكومية لاستخدام الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء، وفقاً لمسؤولين جيبوتيين.

كان المنظر مذهلاً عند مشاهدة بحيرة «عسل» من المرتفعات المطلة عليها؛ حيث امتزجت المياه الخضراء الباهتة مع بياض الملح الأبيض وكأنها حبيبات كريستالية، امتزج ذلك بالسماء الزرقاء المشمسة.

وبالقرب من مصنع الملح الوحيد بجانب بحيرة «عسل» صادفنا مرور قافلة من الجمال المحملة بأكياس الملح الذي يستخرج من البحيرة، في طريقها نحو المناطق الداخلية بجيبوتي، حسب أهالي المنطقة.

يستغل السكان المحليون البحيرة لبيع أكياس تذكارية من الملح للسياح والزائرين (الشرق الأوسط)

تعد بحيرة «عسل» واحدة من المناطق المعروفة حول العالم، حسب عثمان عبد محمد، المدير العام للمكتب الوطني للسياحة في جيبوتي. وأكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك سياحاً كثيرين يأتون إليها من جميع أنحاء العالم».

وأيضاً: «نعمل حالياً على تطوير هذه المنطقة ضمن استراتيجية السياحة الوطنية».

وفي حديث عن القطاع السياحي في البلاد، كشف عثمان عن أن جيبوتي تستقبل سنوياً أكثر من 130 ألف سائح حالياً، لافتاً إلى خطط كبيرة لإنشاء وتحديث البنية التحتية السياحية في مختلف أنحاء البلاد. وقال: «خفضنا رسوم التأشيرات من 80 دولاراً إلى 20 دولاراً».

وأضاف: «هنالك فرص استثمارية واسعة، هناك كثير من المشاريع القائمة؛ خصوصاً في المناطق الداخلية والعاصمة. في عام 2018 وضعت الحكومة رؤية استراتيجية لتعزيز السياحة في جيبوتي. وانطلاقاً من هذه الفكرة وقرار الرئيس نقوم بجهود جبارة لتعزيز السياحة».

وأفاد المدير العام للمكتب الوطني للسياحة في جيبوتي، بأن العمل جارٍ حالياً لإنشاء مطار سياحي في منطقة بعدلي، وتابع: «كذلك منطقة سيان والمناطق الشمالية عامة تزخر بأماكن سياحية واعدة، وهناك مشروع سياحي قيد الإنشاء عبر شركات صينية، يتضمن إنشاء مطار، ومنطقة بحرية، وطرق تجارية، ومنتجعات سياحية».

تستقبل جيبوتي أكثر من 130 ألف سائح حالياً وتخطط لمضاعفة الرقم خلال السنوات القليلة القادمة (تصوير تركي العقيلي)

وحث السيد عثمان محمد المستثمرين على القدوم إلى بلاده، متعهداً بتقديم كافة التسهيلات في المجال السياحي، وأضاف: «جيبوتي لا تزال أرضاً بكراً، وتزخر بكثير من الفرص. ندعوكم للقدوم واستكشافها».


مقالات ذات صلة

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

الاقتصاد بلغ عدد الغرف الفندقية المتوفرة في دبي بنهاية نوفمبر 153.3 ألف غرفة ضمن 828 منشأة (وام)

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

قالت دبي إنها استقبلت 16.79 مليون سائح دولي خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بزيادة بلغت 9 في المائة.

«الشرق الأوسط» (دبي)
سفر وسياحة كازينو مونتي كارلو يلبس حلة العيد (الشرق الأوسط)

7 أسباب تجعل موناكو وجهة تستقبل فيها العام الجديد

لنبدأ بخيارات الوصول إلى إمارة موناكو، أقرب مطار إليها هو «نيس كوت دازور»، واسمه فقط يدخلك إلى عالم الرفاهية، لأن هذا القسم من فرنسا معروف كونه مرتعاً للأغنياء

جوسلين إيليا (مونتي كارلو)
يوميات الشرق تنقسم الآراء بشأن إمالة المقعد في الطائرة (شركة ليزي بوي)

حق أم مصدر إزعاج؟... عريضة لحظر الاستلقاء على مقعد الطائرة

«لا ترجع إلى الخلف عندما تسافر بالطائرة» عنوان حملة ساخرة أطلقتها شركة الأثاث «ليزي بوي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق افتتاح تلفريك جديد في جبال الألب (إ.ب.أ)

سويسرا تفتتح أشد عربات التلفريك انحداراً في العالم

افتُتح تلفريك جديد مذهل في جبال الألب البرنية السويسرية. ينقل تلفريك «شيلثورن» الركاب إلى مطعم دوار على قمة الجبل اشتهر في فيلم جيمس بوند.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سياح يتجولون في أحد شوارع طوكيو (إ.ب.أ)

33 مليون زائر هذا العام... وجهة شهيرة تحطم رقماً قياسياً في عدد السياح

يسافر الزوار من كل حدب وصوب إلى اليابان، مما أدى إلى تحطيم البلاد لرقم قياسي جديد في قطاع السياحة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

السعودية تحول كهوفها إلى معالم سياحية

كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
TT

السعودية تحول كهوفها إلى معالم سياحية

كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)
كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)

في خطوة لتنوع مسارات قطاع السياحة في السعودية، جهزت هيئة المساحة الجيولوجية 3 كهوف بأعماق مختلفة لتكون مواقع سياحية بالتنسيق مع الجهات المعنية، فيما تعمل الهيئة مع وزارة الاستثمار لاستغلال موقعين جيولوجيين ليكونا وجهة سياحية تستقطب الزوار من داخل وخارج المملكة.

قال الرئيس التنفيذي لهيئة المساحة الجيولوجية في السعودية، المهندس عبد الله بن مفطر الشمراني، لـ«الشرق الأوسط»، إنه جرى تحديد موقعين هما «جبل قدر، ومطلع طمية المعروف بـ(فوهة الوعبة)، والعمل جارٍ مع وزارة الاستثمار لاستغلالها، كاشفاً عن أن الهيئة تقوم بتجهيز عدد من المواقع الجديدة لتكون وجهة سياحة خلال الفترة المقبلة».

وأضاف أن عدد الكهوف يتجاوز مائة وخمسين كهفاً تنتشر في مواقع مختلفة، من بينها كهف (أم جرسان) وطوله 1.5 كيلومتر ويقع بالقرب من المدينة المنورة (غرب المملكة)، ويتميز بجماليات طبيعية تتناغم مع تاريخه وتكوينه، كذلك كهف «أبو الوعول» الذي يحتوي على هياكل عظمية لحيوانات انقرضت، لافتاً إلى أن السعودية غنية بالمعالم الجيولوجية المنتشرة في المواقع كافة.

ينتشر في السعودية أكثر من 150 كهفاً يترقب أن تكون وجهات سياحية (هيئة المساحة)

وأضاف: «على مدار الـ25 عاماً الماضية كان التركيز على الدرع العربي، أما الآن فالتركيز على 4 محاور رئيسة تتمثل في الاستثمار في كفاءات الجيولوجيين السعوديين، ومسح ما تبقى من مواقع الغطاء الرسوبي والبحر الأحمر، كذلك زيادة رفع المعلومات عن المخاطر الجيولوجية التي تحيط بالسعودية لمعرفة التعامل معها، مع استخدام التقنيات المختلفة لربط المعلومات الجيولوجية وإخراج قيمة مضافة منها واستخدامها في شتى الجهات».

وسيفتح هذا الحراك بين القطاعات الحكومية نافذة جديدة على السياحة، فيما ستكون لهذا التعاون تبعات كبيرة في تنشيط ما يعرف بالسياحة الجيولوجية من خلال توافد المهتمين والباحثين عن المغامرات من مختلف دول العالم، وسيساهم ذلك في رفع إيرادات الأنشطة السياحية، خاصة مع تنامي الاكتشافات في مسارات مختلفة، منها الأحافير، التي وصلت إلى أكثر من 100 موقع أحفوري رئيس في المملكة خلال السنوات الماضية.

فوهة الوعبة من أكبر الفوهات ويتجاوز عمرها المليون عام (هيئة المساحة)

وتحتوي هذه الاكتشافات على «خسف عينونة» بشمال غربي المملكة، و«تلة السعدان» شمال الجموم، و«فيضة الضبطية» في المنطقة الشرقية، و«طعس الغضا»، و«البحيرة الوسطى» جنوب غربي النفوذ الكبير، و«جبال طويق»، و«فيضة الرشاشية» في شمال المملكة. هذا بالإضافة إلى ما تم تسجيله في المملكة إلى اليوم من الأحافير المختلفة القديمة.

وهذه الاكتشافات يمكن الاستفادة منها من خلال جمعها تحت سقف واحد، وهو ما أشار إليه رئيس هيئة المساحة لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق: «الأحافير يستفاد منها في المتاحف الجيولوجية، ويمكن العمل في هذا الجانب مع وزارة السياحة، لضم هذه الأحافير، وبعض المكونات التي تعطي نبذة عن الجيولوجيا في السعودية، وأنواع من الأحجار المختلفة الموجودة في البلاد، وهذا يعطي بعداً علمياً واستثمارياً».

ويأتي عرض موقعي «فوهة الوعبة»، و«جبل القدر» على وزارة الاستثمار، لأهميتهما. فجبل القدر، يقع في حرة خيبر التابعة لمنطقة المدينة المنورة، ويتميز بارتفاعه الذي يصل إلى نحو 400 متر، وهو أكبر الحقول البركانية، وآخر البراكين التي ثارت قبل 1000 عام، وقد اختير في وقت سابق ضمن أجمل المعالم الجيولوجية العالمية، وفق تصنيف الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية (IUGS) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو).

جبل القدر من أحد أهم الاكتشافات الجيولوجية (واس)

في المقابل تغوص «فوهة الوعبة» في التاريخ بعمر يتجاوز 1.1 مليون عام، وهي من أكبر الفوهات البركانية في العالم، وهي جزء من حقل بركاني أحادي المنشأ يضم 175 بركاناً صغيراً، أعمارها بين بضع مئات الآلاف من السنوات إلى مليوني سنة، فيما تغطي مساحة بنحو 6000 كيلومتر مربع، وتتميز بعمق يصل إلى نحو 250 متراً وقطر يبلغ 2.3 كيلومتر، وهو ما يقارب 3 أضعاف متوسّط أقطار البراكين الأخرى، كما تحتوي على حوض ملحي أو بحيرة ضحلة تشكّلت بسبب تجمع مياه الأمطار.

وتعد الاكتشافات الجيولوجية في مساراتها المختلفة ثروة من الثروات المعدنية والسياحية والبيئية نادرة الوجود، والتي يجب المحافظة عليها وحمايتها، حيث يمكن الاستفادة من هذه الاكتشافات للدراسات الأكاديمية والأبحاث العلمية، وكذلك استغلالها في النواحي السياحية، وإمكانية الاستفادة منها بوصفها ثروة اقتصادية، تفتح المجال لمشاريع اقتصادية جديدة وتوفير الفرص الوظيفية للمواطنين، وكذلك فتح مجال أوسع للتعليم الأكاديمي ونشر الأبحاث الوطنية.