أبها... تراث الشرق وجمال الغرب وأصالة الجنوب

لوحة سياحية متنوعة التفاصيل

أشجار «جاكرندا» تزيّن مدينة أبها السعودية (الشرق الأوسط)
أشجار «جاكرندا» تزيّن مدينة أبها السعودية (الشرق الأوسط)
TT

أبها... تراث الشرق وجمال الغرب وأصالة الجنوب

أشجار «جاكرندا» تزيّن مدينة أبها السعودية (الشرق الأوسط)
أشجار «جاكرندا» تزيّن مدينة أبها السعودية (الشرق الأوسط)

تُعدّ مدينة أبها (جنوب السعودية) واحدة من أجمل المصايف العربية؛ نظراً لأجوائها الساحرة على مدار العام، وتعدّ من أجمل وجهات الاستجمام؛ كونها أيقونة الضباب وموطن الطبيعة الخلابة، التي جمعت مفردات الجمال في جبالها الخضراء، وسهولها، ومبانيها التراثية الملونة، التي تزيّنها الحفاوة وكرم الضيافة والتقاليد الأصيلة والمعالم الأثرية العريقة.

وتحظى أبها بالكثير من الأماكن والوجهات والتجارب السياحية الجذابة، والتي تستقطب إليها سنوياً آلاف السياح من الداخل والخارج، للاستمتاع بهذا المزيج الممتع من السحر والجمال والأصالة والفخامة في آن معاً.

ومن يزُر أبها، فلا بد أن يزور المدينة العالية، أمام متنزه عسير الوطني؛ ليتعرف على كنز الطبيعة الذي ينافس أجمل الوجهات الأوروبية، كما لا بد له أيضاً أن يتوجه إلى قمة جبل السودة، الواقعة على ارتفاع أكثر من 3000 متر عن سطح البحر.

أشجار «جاكرندا» تزيّن مدينة أبها السعودية (الشرق الأوسط)

جبال السودة

وفي جبال السودة يمكن للزائر أن يحتضن السحاب بين ذراعيه، أو يحلّق في سماء الخيال، مستنشقاً رحيق الطبيعة البكر، في مناظر رائعة السحر، عبر عربات التليفريك المعلقة، والتي تنطلق من أعلى السودة إلى وادي العوص، حيث قرية رجال ألمع التراثية، التي تجذب أنظار الزائرين بأبنيتها على حواف الأجراف الجبلية، والسلالم المعلقة التي يعود تاريخ بنائها لأكثر من 500 سنة، حيث يجري العمل الآن على تسجيلها ضمن التراث الإنساني العالمي بمنظمة «اليونيسكو».

رجال ألمع

تحتوي قرية رجال ألمع على قصور حجرية عريقة، يرتفع بعضها على علو نحو ثمانية طوابق، وهي قريةٌ تتميز بالنقوش التراثية الفنية، وفيها أيضاً قصر ألمع العتيق، والذي جُهز ليكون متحفاً للحفاظ على تُراث القرية، ويمكن التمتع بمشاهدتها بواسطة جولة على متن التليفريك، وتناول أشهى الأطباق في مطاعمها ذات الإطلالة الخلابة.

المسطحات الخضراء تعانق السحاب وتحيط أبها من كل الجوانب (الشرق الأوسط)

قرية المفتاحة

ومن معالم التراث أيضا في مدينة أبها قرية المفتاحة، التي يمتد عمرها لمئات السنين، وهي إحدى أجمل القرى السياحية بالمملكة، ومن أهم المراكز الثقافية والإبداعية التي يقصدها عشاق الفنون التراثية والتشكيلية والفوتوغرافية والحرف والصناعات اليدوية.

أقيمت قرية المفتاحة الحديثة على نفس طراز القرية القديمة، لتصبح ذات طابع تقليدي يحاكي تصميم القرية القديمة لإحيائها بالفعاليات والأنشطة الثقافية المتنوعة التي تجذب أهالي المنطقة وزوارها.

وتمثل قرية المفتاحة، التي تتميز بطريقة بناء فريدة، الطراز المعماري الذي يعكس التراث الأصيل لمنطقة عسير، ويمتاز بالجدران الطينية السميكة والظلال، كما تمزج مبانيها المتلاصقة على امتداد الممرات الداخلية والخارجية بين الألوان الزاهية والمبهجة.

قرية مدهال مليئة بالعروض الفنية والعجائب الطبيعية (الشرق الأوسط)

وتضم المفتاحة قرية تشكيلية، تعدّ من أكبر القرى على مستوى الشرق الأوسط التي بالفن التشكيلي والفنانين، وتقام فيها المعارض والمراسم التي تمكّن الفنانين من ممارسة أنشطتهم من خلالها.

معالم أثرية

ومدينة أبها متعددة المعالم الأثرية التي تعزز من قيمتها كواجهة سياحية وأثرية تاريخية مهمة، كالقلاع الأثرية والتاريخية التي تنتشر في أنحاء مدينة أبها، مثل: قلعة أبو خيال الأثرية وقلعة شمسان وقلعة الدقل التاريخية، وكذلك يجد السائح فيها عدداً من الأماكن التاريخية، ما بين متحف ألمع للتراث، وقرية المفتاحة، ومركز الملك فهد الثقافي، وقصر الملحة، وقصر شدا الأثري، والجسر العثماني في حي البسطة، إلى جانب الأسواق الشعبية التي حافظت أمانة أبها عليها، وأبرزها سوق الثلاثاء، وسوق ربوع آل يزيد، وسوق سبت بني رزام وسوق الجمعة بالواديين، والتي يتمكن فيها الزائر من شراء التحف والتذكارات والأزياء الشعبية، بالإضافة إلى عدد من أماكن الترفيه والمولات والمراكز التجارية.

كورنيش الضباب

وفي «كورنيش الضباب» يبدو المشهد خيالياً، حيث يقف المتنزهون فوق كتل كثيفة من السحاب، وهو يعدّ من أجمل العجائب الطبيعية في المملكة والمنطقة بأكملها، حيث يعطي الزوار شعوراً وكأنهم يتجولون بين الغيوم، خاصة وهو يطل على جبال تهامة الخضراء الشاهقة، وتقضي فيه العائلات والأصدقاء أوقاتاً ممتعة، ويستمتعون بتجربة سياحية فريدة.

وأهم ما يميز أبها أنها تحمل سحر الشرق بتراثها العريق، وجمال الغرب بطبيعتها الخلابة، وهدوء الجنوب بتقاليدها الأصيلة، كما ترتبط جبالها بروح الإثارة والمغامرة، حيث تحظى المملكة بعدد كبير من تلك الجبال عبر جغرافيتها المترامية وتضاريسها المختلفة؛ وهو ما يكسب طبيعتها ثراءً وغموضاً ومتعة، وهو أيضاً ما يبحث عنه عشاق المغامرة في العالم.

رياضات متنوعة

فإذا كانت الجبال الشهيرة في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، مثل إيفريست وكيلمَنجارو والأنديز، وغيرها، تستقطب آلاف السياح من شتى أنحاء العالم من أجل ممارسة التسلق، أو رياضة المشي الجبلي (الهايكينغ)، فإن جبال عسير بمناظرها الخلابة، وتضاريسها المميزة، وأجوائها الساحرة، خاصة في فصل الصيف، تستقطب أيضاً آلاف السياح على مدار العام، وخاصة من عشاق تلك الرياضة، سواء من السعودية أو منطقة الخليج، بالإضافة إلى عشاق رياضات وألعاب أخرى أكثر إثارة ومغامرة ومتعة، مثل الطيران الشراعي، الذي تمتاز به منطقة السودة، ليستمتع السابحون في فضاء تلك المنطقة بأروع أجواء ومناظر طبيعية تخطف القلوب.

وتحتضن أبها وكثير من مناطق الجنوب أفضل الأماكن لممارسة «الهايكينغ» والرياضات الجبلية والمغامرة، حيث تتمتع بطبيعة رائعة وأجواء ممتعة وطبيعة خلابة، كما تضم الكثير من الأندية المتخصصة في تلك الأنشطة.

السياحة الريفية

وإلى جانب ما تحظى به مدينة أبها من فنادق ومنتجعات فاخرة، ومن وجهات ومرافق ومقومات جذب سياحي كبيرة ذات طابع ريفي وجبلي ممتع، فإن قراها أيضا تعد أحد أهم مظاهر الجذب السياحي للعائلات والأفراد من هواة الطبيعة والهدوء والاسترخاء، من خلال ما يعرف بالسياحة الريفية، حيث تمنح للسائح متعة خاصة في زيارة المدرجات الزراعية الخضراء التي تعد من أجمل مظاهر الحياة الريفية خاصةً في أوقات الصيف، بالإضافة إلى ما تحمله تلك المدرجات من مناظر خلابة ومساحات ممتدة من الخضرة التي تخطف الأنظار بجمالها، وتتيح للسائح تجربة لا تنسى من معايشة الطبيعة والتعرف على الطيور والمزروعات والفواكه، والتي تكثر في فصل الصيف في جبال عسير، مثل المشمش، والرمان، والعنب، والتفاح والبرتقال، وغيرها.

ويحظى النشاط السياحي في مدينة أبها بقبول كبير من شباب وأهالي المنطقة، حيث يعمل عدد منهم على تحويل مزارعهم الجبلية مرافق ومنشآت سياحية، تسهم في تعزيز الاستثمار المحلي وتطوير منظومة العمل في مجال السياحة والفندقة، كما تمنح السائح والزائر تجربة فريدة للاستمتاع بالطبيعة الساحرة وكرم الضيافة والحفاوة التي عرف بها أهالي المنطقة عبر التاريخ.

وتستقطب أبها أعداداً كبيرة من السياح سنوياً من المنطقة العربية والعالم، خاصة بعد أن أصبح إصدار التأشيرات والقدوم إلى المملكة أكثر سهولة وسلاسة وأماناً من أي وقت مضى، مع توفر عدد من التأشيرات التي تتيح جميعها أداء العمرة والزيارة والتجول في جميع أنحاء المملكة، وهي تأشيرة العمرة، وتأشيرة السياحة، وتأشيرة المرور، وتأشيرة الأهل والأصدقاء، مع تمكين مواطني 63 دولة من إصدار التأشيرة الإلكترونية أو عند الوصول، بالإضافة للمقيمين بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، وحاملي تأشيرات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والشنغن، والمقيمين بدول مجلس التعاون الخليجي.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.