لم يمر وقت طويل على تكريمه في احتفالية كبرى أقامتها له نقابة الصحافيين المصرية بحضور أجيال متعددة تتلمذت على يديه، حتى رحل، الخميس، محمد عبد الجواد «شيخ الصحافيين المصريين» عن عمر ناهز مائة عام. وتشيع الجنازة بعد غد الجمعة من مسجد مصطفى محمود بحي «المهندسين» بالجيزة.
ونعى نقيب الصحافيين المصريين خالد البلشي الراحل، واصفاً إياه بـ«صاحب رحلة العطاء الطويلة في بلاط صاحبة الجلالة لمدة 77 عاماً».
ووصف المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بمصر، برئاسة الكاتب الصحافي كرم جابر، الراحل بأنه «واحد من أهم الكتاب الصحافيين في مصر والعالم العربي، الذي ظل يمارس عمله حتى الرمق الأخير».
وجاءت بدايات عبد الجواد قوية ولافتة تكشف عن نوع من النبوغ المبكر، حيث تخرج في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب، جامعة فؤاد الأول «القاهرة حالياً» عام 1947، وسرعان ما التحق بالعمل في وكالات الأنباء العالمية، مثل «رويترز»، و«الفرنسية»، كما التحق لفترة بوزارة الخارجية المصرية، حيث عمل ملحقاً إعلامياً لبلاده في ريو دي جانيرو بالبرازيل، كما شغل المنصب نفسه بشيكاغو في الولايات المتحدة.
وكان الراحل أحد مؤسسي وكالة «أنباء الشرق الأوسط» بمصر حين ظهرت للوجود، بوصفها أول وكالة رسمية بالبلاد عام 1956، وتولى رئاسة التحرير ومجلس الإدارة بها لفترة طويلة، امتدت من 1966 حتى 1984، كما ظل وكيلاً للمجلس الأعلى للصحافة لمدة 14 عاماً.
![شيخ الصحافيين محمد عبد الجواد (نقابة الصحافيين المصريين)](https://static.srpcdigital.com/2024-03/564849.jpeg)
واقترب «شيخ الصحافيين» من رؤساء الجمهورية، حيث تم تعيينه مستشاراً صحافياً للرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكان أحد الوجوه الثابتة في الوفد المرفق للسادات في رحلاته الخارجية، كما استمر في المنصب نفسه في بدايات حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
ونال الراحل العديد من أوجه التكريم، منها حصوله على «وسام الجمهورية» من الطبقة الأولى، كما تم تعيينه عضواً بمجلس «الشورى» في الفترة من 1981 حتى 1987، وكان عضواً بنقابة الصحافيين في الفترة من 1981 حتى 1985.
وقال حسين الزناتي، وكيل نقابة الصحافيين المصريين ورئيس تحرير مجلة «علاء الدين» التي تصدرها مؤسسة «الأهرام» الصحافية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الراحل يجسد قيمة كبرى ويعد قدوة لكل صحافي في الجدية والإخلاص والدأب والمثابرة عبر عصور مختلفة».
وأضاف: «كان الراحل بكامل لياقته وحضوره الذهني وخفة ظله وهو يتحدث في حفل نقابة الصحافيين إلى الأجيال الجديدة من أبناء مهنة البحث عن المتاعب ممن تقدموا للحصول على القيد بالنقابة».
وتابع: «من أهم ما يميز (عبد الجواد) الخبرة العملية التي اكتسبها على أرض الواقع، التي مكنته من الكتابة في مختلف الأشكال والقوالب الصحافية بمنتهى الكفاءة والاقتدار، كما نجح ابن محافظة سوهاج القادم من أعماق صعيد مصر في إتقان اللغات الأجنبية وتمثيل بلاده في العالم تمثيلاً مشرفاً».
وأوضح يحيى قلاش، نقيب الصحافيين الأسبق، لـ«الشرق الأوسط» أن «الراحل يعد جزءاً من الحياة الصحافية والسياسية بمصر، وشاهداً عياناً على عصر كامل، فهو أكثر صحافي في الوطن العربي على الأقل - إن لم يكن في العالم - شهد تحولات سياسية واقتصادية عاصفة عاشتها مصر والمنطقة».