كتاب جديد يُبرز التفرد المعماري لـضاحية «مصر الجديدة»

أصدره جهاز «التنسيق الحضاري» ضمن سلسلة «ذاكرة المدينة»

قصر البارون الشهير (مبادرة تراث مصر)
قصر البارون الشهير (مبادرة تراث مصر)
TT

كتاب جديد يُبرز التفرد المعماري لـضاحية «مصر الجديدة»

قصر البارون الشهير (مبادرة تراث مصر)
قصر البارون الشهير (مبادرة تراث مصر)

تتميز ضاحية «مصر الجديدة» شرق القاهرة، بطابعها المعماري المتفرد، حيث يتجسد هذا التفرد في مبانيها وميادينها وتخطيط شوارعها، وهو ما يُبرزه كتاب «ضاحية مصر الجديدة... روح المكان وذاكرة الزمان» الذي أصدره الجهاز القومي للتنسيق الحضاري بمصر أخيراً ضمن سلسلة «ذاكرة المدينة».

الترام في مصر الجديدة قديماً (الشرق الأوسط)

يقول المهندس محمد أبو سعدة، رئيس جهاز التنسيق الحضاري: «يسرد الكتاب حكاية ضاحية عريقة، لها مكانة خاصة عند المصريين؛ بوصفها أيقونة للتراث العمراني المميز»، ويضيف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «حرصنا على أن يمثل هذا الكتاب حلقة جديدة من ذاكرة المدن المصرية؛ فجاء قراءةً متعمقةً وشاملةً للذاكرة الحية للضاحية، مع تسليط الضوء على تراثها العمراني والمعماري وتتبع تطورها عبر الزمن»، معتبراً المكان «بُعداً أساسياً من أبعاد التجربة الإنسانية».

مصر الجديدة تتميز بطابعها العمراني (مبادرة تراث مصر)

تتصدر الكتاب مقولة للبارون إمبان، مؤسِّس ضاحية مصر الجديدة، ذكرها حين قرر التخطيط للمكان، وقال: «هنا سأقيم (هليوبوليس) مدينة الشمس، وسأبدأ بإنشاء مبنى ضخم هو فندق (هليوبوليس بالاس)، وأتمنى أن يكون متوافقاً مع تراث البلاد».

توافد الزوار لحضور إحدى الفعاليات المقامة بفندق «هليوبوليس بالاس» (الشرق الأوسط)

تبدو أبواب الكتاب بوابات ومداخل متعددة لهذه الضاحية التي نبتت فجأة في الصحراء، فقد كانت تلك المنطقة خارج النسق العام السائد للسكن والبناء. وحول أسباب توجه البارون إمبان وشركاته لتنمية وإعمار تلك المنطقة، حسبما جاء في الكتاب: «كان التزاحم المتزايد في القاهرة سبباً في أن يتجه البارون إلى التعمير في الصحراء، ومن هنا تم اختيار الموقع بعناية على بُعد 10 كيلومترات من القاهرة على هضبة فوق وادي النيل».

لم يعتمد الكتاب السردية التقليدية عن تاريخ المكان بوصفه حيزاً عمرانياً أو أنماطاً معمارية لها خصوصيتها فقط، بل ينقل للقارئ عبر 243 صفحة حالة من النوستالجيا عبر مشاهد دافئة من ذاكرة الضاحية، تأخذه إلى أحداثها وشخوصها ومساجدها وكنائسها وشوارعها وميادينها النابضة بالحياة، ويستشعر القارئ في أثناء ذلك انسياب التدفق الإنساني في المكان، وينعكس أمامه الطابع الكوزمباليتي للضاحية.

قصر البارون الشهير (مبادرة تراث مصر)

يتضمن الكتاب لقاءات مع بعض سكان مصر الجديدة القدامى، مثل السيدة يولندا تيناوي التي عاشت في الحي ما يقرب من سبعين سنة، وقالت إن «الحياة الاجتماعية كانت بسيطة ومختلفة، خصوصاً قبل وجود التلفزيون، إذ كانت تكثر اللقاءات بين الناس»، وذكرت أن «السكان كانوا كثيراً ما يشتركون في تنظيم حفلات العشاء، وأن أيام الآحاد كانت مخصصة للمقابلات الاجتماعية، حيث كان الكثيرون يذهبون معاً إلى السينما التي كانت تحظى بإقبال كبير».

فندق «هليوبوليس هاوس» (الشرق الأوسط)

ويرصد الكتاب أسماء المباني العريقة والمؤسسات المعروفة وذاكرة أعلام الحي، وحتى مكتباته ودور العرض؛ ما يجعل القارئ يغوص في ذاكرة المكان، كأنه يعيش في قلب «مصر الجديدة»، ويقدم قائمة ثرية بالأعمال الأدبية والروائية الشهيرة التي دارت أحداثها في هذا الحي، ومنها: «أين عمري» و«الوسادة الخالية» لإحسان عبد القدوس، و«نادية» ليوسف السباعي، و«ذات» لصنع الله إبراهيم، وغير ذلك.

ويسرد الدكتور جلال عبادة، الباحث الرئيسي في فريق العمل الذي أعدّ الكتاب، ذكريات الضاحية الراسخة في الوجدان المصري، قائلاً: «احتفظ حي مصر الجديدة بروح سكانه وقصصهم على جدرانه؛ فما زالت في الكوربة مثلاً مناطق التسوق التي تحميها البواكي، وتستعيد تقاليدهم الأنيقة، وتحمل هذه الأرصفة آثار أقدام الملايين الذين مروا عليها وسكنوا بها».

ويتابع: «تستعيد الذاكرة من أعماق التاريخ أصداء أمسيات الرقص التي اشتهر بها فندق (هليوبوليس بالاس) في عشرينات القرن الماضي، ذلك الفندق الفريد بمصاعده وقاعاته الفخمة وشرفته البانورامية التي وفّرت إطلالة بعيدة على الأهرامات».

غلاف الكتاب (الشرق الأوسط)

كما يوثّق الكتاب ذكريات سكان الضاحية والمترددين عليها عبر تطرقه إلى أشهر مدارسها وسباقات الخيل والترام واللونابارك، أكبر ملاهي في الشرق الأوسط في ذلك الحين.



«الأقصر للسينما الأفريقية» يحمل اسم نور الشريف ويكرّم خالد النبوي

صورة تذكارية لفريق عمل المهرجان بعد المؤتمر الصحافي (إدارة المهرجان)
صورة تذكارية لفريق عمل المهرجان بعد المؤتمر الصحافي (إدارة المهرجان)
TT

«الأقصر للسينما الأفريقية» يحمل اسم نور الشريف ويكرّم خالد النبوي

صورة تذكارية لفريق عمل المهرجان بعد المؤتمر الصحافي (إدارة المهرجان)
صورة تذكارية لفريق عمل المهرجان بعد المؤتمر الصحافي (إدارة المهرجان)

أعلنت إدارة مهرجان «الأقصر للسينما الأفريقية»، الجمعة، عن تفاصيل الدورة الرابعة عشرة من المهرجان، التي تحمل اسم الفنان الراحل نور الشريف، وتحتفي بمئوية الممثل المصري شكري سرحان، ومن المقرر أن تقام خلال الفترة من 9 إلى 14 يناير (كانون الثاني) في مدينة الأقصر بصعيد مصر، بمشاركة 35 دولة، وعرض أكثر من 65 فيلماً.

وقال مؤسس ورئيس المهرجان، السيناريست سيد فؤاد، إن الدورات السابقة شهدت عدداً من الصعوبات، مع تمسك فريق العمل بإقامة المهرجان بفعالياته المختلفة، الأمر الذي لم يكن ممكناً من دون دعم عدد من الجهات والمسؤولين.

وأوضح أن «الدورة الجديدة تشهد عدداً من الشراكات، سواء مع مؤسسات إعلامية أو مع جهات عدة، دعّمت فكرة إقامة الورش للمجتمع المحلي الذي يقام فيه المهرجان»، معلناً عن «تنظيم عدد من الورش المعنية بالسينما خلال الفعاليات».

ويُقيم المهرجان 14 ورشة متنوعة ما بين النقد السينمائي، والتمثيل، والإخراج، بجانب ورش رسم للأطفال ومسرح العرائس وسينما الأطفال، ويتناوب على تقديمها عدد من صناع السينما، منهم الناقد رامي عبد الرازق، والمخرج خالد الحجر، والمنتج معتز عبد الوهاب، إضافة إلى عدد من السينمائيين الأكاديميين، منهم الدكتور منى الصبان.

نور الشريف وزوجته بوسي (صفحة ابنتهما مي بـ«إنستغرام»)

ويُكرم المهرجان في دورته الجديدة كلاً من الممثل المصري خالد النبوي، والمخرج المصري مجدي أحمد علي، بجانب الممثل التونسي أحمد الحفيان، والممثلة والمخرجة الغانية أكوسوا بوسيا، والمخرج السنغالي موسى أبسا، في حين يصدر المهرجان عدة كتب، من بينها «رائدة السينما الأفريقية» عن المخرجة السنغالية الراحلة صافي فاي، وكتاب «نور الشريف... قراءة في مشوار الأستاذ»، بجانب كتاب «ابن النيل» عن الفنان شكري سرحان، وكتاب «سقف جديد للإبداع» عن الممثل المصري خالد النبوي، الذي يعرض المهرجان 4 أفلام له بمناسبة تكريمه، هي «المواطن»، و«الديلر»، و«المهاجر» و«يوم وليلة».

وتشهد مسابقة الفيلم الطويل بالمهرجان عرض 11 فيلماً، من بينها فيلمان مصريان هما «الهوي سلطان»، للمخرجة هبة يسري، و«لأول مرة»، للمخرج جون إكرام، مع مشاركة عربية من تونس لفيلم «عصفور جنة»، للمخرج مراد بالشيخ، ومن الجزائر للمخرج عبد النور زحزح بفيلمه «الحكايات الحقيقية لمستشفى بليدا جوينفيل للأمراض النفسية».

وتتكون لجنة تحكيم مسابقة الفيلم الطويل من المخرج السنغالي موسي سيني أبسا رئيساً، وعضوية كل من المخرج السوداني إبراهيم شداد، والسيناريست المصري تامر حبيب، والمخرجة الجزائرية صوفيا دجاما، والممثلة الغانية أكوسوا بوسيا.

أما لجنة تحكيم مسابقة الفيلم القصير، فضمت كلاً من الروائي والسيناريست المصري أحمد مراد رئيساً، وعضوية كل من الناقد المغربي عبد الكريم أوكريم، والناقد السنغالي نجيب ساجنا، والمخرجة الجنوب أفريقية أندريا فوجس، والمخرج والسيناريست السوداني أمجد أبو العلا.

لقطة تذكارية تجمع الحضور (إدارة المهرجان)

ويدشن المهرجان في دورته الجديدة «ملتقى مستقبل المهرجانات السينمائية في عصر الرقمنة» على مدار يومين، الذي يهدف لتوفير منصة تعاونية تجمع صانعي الأفلام مع منظمي المهرجانات، والقنوات التلفزيونية، والمنتجين، وخبراء الصناعة لمناقشة كيفية تعزيز التكنولوجيا الرقمية لتطوير صناعة الأفلام الأفريقية وزيادة ظهورها على الساحة العالمية.

وعدّت الناقدة المصرية فايزة هنداوي أن المهرجان من أهم الفعاليات الثقافية والفنية التي تقام في مصر، خصوصاً مع تسليطه الضوء على السينما الأفريقية بصورة مركزة ولا تتوافر في أي فعالية سينمائية أخرى، الأمر الذي يجعله حدثاً فنياً يستحق، ليس فقط الإشادة ولكن أيضاً الدعم، لكونه يقدم فرصة للاطلاع على السينما الأفريقية.

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «المهرجان يعكس تطبيقاً عملياً لفلسفة القوى الناعمة، بالتواصل مع أفريقيا سينمائياً، واستعراض أبرز التجارب السينمائية فيها، إضافة إلى عدد من المشاركات المتميزة، والتنسيق والتفاعل مع صناع السينما الأفريقية، الأمر الذي يحظى باهتمام حقيقي من القائمين على المهرجان، ويزداد عاماً بعد الآخر».