ماي تفضل حكومة من المحافظين في برلين تقودها ميركل

بعد تفعيل المادة 50 كانت ميركل أول مسؤول أوروبي تتصل به ماي (أ.ف.ب)
بعد تفعيل المادة 50 كانت ميركل أول مسؤول أوروبي تتصل به ماي (أ.ف.ب)
TT

ماي تفضل حكومة من المحافظين في برلين تقودها ميركل

بعد تفعيل المادة 50 كانت ميركل أول مسؤول أوروبي تتصل به ماي (أ.ف.ب)
بعد تفعيل المادة 50 كانت ميركل أول مسؤول أوروبي تتصل به ماي (أ.ف.ب)

خسرت رئيسة وزراء بريطانية تيريزا ماي أغلبيتها البرلمانية في الانتخابات التشريعية التي قررت تنظيمها في يونيو (حزيران) الماضي التي كانت تطمح من خلالها إلى زيادة عدد مقاعد حزبها في مجلس العموم، وطلبت من الناخبين مساندة زعامتها «القوية والمستقرة» أثناء التفاوض للخروج من الاتحاد الأوروبي. وتعرضت منذ ذلك الحين إلى ضغوط من جانب زعماء المعارضة وعدد من السياسيين داخل حزبها «المحافظين» لتقديم استقالتها.
وعندما قامت ماي في مارس (آذار) الماضي بتفعيل المادة رقم 50 من معاهدة لشبونة، التي تمثل السبيل لأي دولة من دول الاتحاد الأوروبي تريد الخروج من التكتل، وبدأت بشكل رسمي مفاوضات تستغرق عامين حول انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد أن استمرت عضويتها فيه أكثر من 40 عاما، كان أول مسؤول تتصل به هاتفيا هو المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. غير أن المستشارة الألمانية لديها هي الأخرى شواغلها الخاصة بحملتها الانتخابية، استعدادا للانتخابات التي ستجرى في 24 سبتمبر (أيلول) المقبل، ويتفوق حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي ترأسه ميركل في استطلاعات الرأي العام في الوقت الحالي.
ومن المرجح أن ترحب ماي التي أصبحت في موقف ضعيف باستمرار ميركل في الحكم لفترة جديدة، وذلك وفقا لما يقوله سيمون أشروود وهو محلل سياسي بجامعة ساري البريطانية يركز حاليا على عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية، تحدث أشروود عن أفكاره فيما يتعلق بوجهة النظر البريطانية إزاء الانتخابات الألمانية.
وحول اهتمام بريطانيا وحكومتها بهذه الدورة من الانتخابات الألمانية، قال أشروود: «أعتقد أنها مهمة لأن ألمانيا ما زالت تحتل مكانة مهمة للغاية داخل الاتحاد الأوروبي، وهذه الانتخابات ستكون المحور الرئيسي لعملية صنع السياسات في ألمانيا خلال الفترة المقبلة، وبالتالي فإنه يتعين عليهم (السياسيين البريطانيين) أن يستثمروا في ذلك، وفي أي نتيجة ستسفر عنها، ذلك لأنه سيكون لها تأثيرات مادية عليهم».
وبخصوص التأثيرات الممكنة للانتخابات الألمانية على مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قال أشروود إن التأثير الرئيسي لها سينصب على الاتجاه العام لمفاوضات الخروج خلال مراحل مسارها، واتخذت الحكومة الألمانية في الوقت الحالي موقفا بناء على نحو نسبي تجاه عملية تطبيق المادة 50. ومن هنا، فإنها تريد التوصل إلى اتفاق، وتود أن يكون لها علاقات وثيقة مع المملكة المتحدة. وعليك أن تفترض أن هذا الاتجاه لا يزال يمثل أولوية في ظل أي حكومة تتزعمها أنجيلا ميركل. وإذا انتهت نتيجة الانتخابات إلى حكومة لا يقودها حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، أو إلى تشكيل ائتلاف موسع (مع الاشتراكيين الديمقراطيين - يسار الوسط)، فقد يظهر حينئذ نوع من التغيير في السياسات.
«وإنني أعتقد أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا كان ملتزما بشكل عام بموقف أكثر حذرا إلى حد ما تجاه (البريكست)، أو راغب بدرجة أكبر قليلا في استخدام عملية الخروج البريطاني (من الاتحاد الأوروبي) كوسيلة لدفع أجندات أخرى قدما إلى الأمام، وأعتقد أن ذلك قد يترك في النهاية قدرا من المجال لإجراء حوارات أكثر صعوبة حول هذا الخروج».
وهناك مشكلة تتمثل في مختلف دول الاتحاد الأوروبي وهو الاعتقاد بأن الخروج البريطاني قضية خاصة ببريطانيا وحدها، ولكنها في الواقع، قال أشروو: «تعد أيضا قضية داخلية تعني جميع الدول الأعضاء بالاتحاد، وإن هذه الدول لديها سياسات داخلية ينبغي عليها التعامل معها، وحينئذ سيكون لذلك تأثيره على ماهية السياسات التي تختارها الحكومات الوطنية بالاتحاد».
«عليك أن تتخيل في الوقت الحالي أن حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي سيهيمن مرة أخرى على أي مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية في ألمانيا، ولكننا نعلم أيضا أن نتائج الانتخابات في الأعوام الأخيرة أصبحت لا تماثل توقعاتنا بشأنها استنادا إلى ما تشير إليه استطلاعات الرأي العام».
ويعتقد أشروود أن لدى بريطانيا ما يكفي من المشكلات بحيث لم يعد لديها طاقة للتعامل مع حكومة جديدة في ألمانيا، والأمر يمثل صعوبة لأن السياسة الألمانية تميل إلى أن تكون تطورية وليست ثورية، وفي ظل افتراض أن مفاوضات تشكيل حكومة ائتلافية في ألمانيا ستستغرق بضعة أشهر، فيصبح من غير المحتمل على أي حال أن نرى تحولات سريعة في السياسات. وبالنسبة لتيريزا ماي «أعتقد أن وجهة نظرها تحظى بتعاطف نسبي حاليا في ألمانيا، ومن المتعذر أن نرى أي زعيم آخر يمنحها وضعا أكثر قبولا من هذا الوضع الذي تتمتع به في الوقت الراهن، غير أن أي حكومة ألمانية ستكون حريصة في المقام الأول على كفالة مصالح ألمانيا، وهذا سيكون له دائما تأثيره إلى حد كبير».
وهكذا، فإن الأمر لا يعني أن أنجيلا ميركل تبذل قصارى جهدها لمساعدة تيريزا ماي، أو أنها ستفعل ذلك مستقبلا، ولكن ذلك يعني أنه سيتم إزالة إحدى العقبات التي يتعين اجتيازها في إطار عملية المادة خمسين برمتها، حيث تسير عملية التفاوض بشأنها بصورة بطيئة لتقترب على نحو لا يمكن تجنبه من مارس (آذار) 2019.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».