محللون: كيم لا يريد الحرب ويسعى إلى تعزيز مصداقيته في الداخل

TT

محللون: كيم لا يريد الحرب ويسعى إلى تعزيز مصداقيته في الداخل

- في خضمّ هذه التصريحات النارية والدعوات المتكررة لضبط النفس، يستبعد المحللون أن تشهد المنطقة حرباً وشيكة، معتبرين بأن كوريا الشمالية نفسها لا ترغب في نزاع مسلح.
وفي جلسة نقاش مخصصة للبرنامج النووي لكوريا الشمالية، قال جيمس بيرسون الزميل في معهد ويلسن بواشنطن إن «مبدأ الردع النووي سيعمل في حالة بيونغ يانغ، لأن قادتها عقلانيون ويدركون أن أي هجوم غير مبرر على الولايات المتحدة أو حلفائها سيكون بمثابة انتحار». وتابع بيرسون أنه من وجهة نظر كورية شمالية، فإن تطوير هذه الأسلحة يضمن استمرارية النظام الحاكم.
من جهته، اعتبر جان لي المدير السابق لمكتب «أسوشييتد برس» في بيونغ يانغ، في تصريحات نقلتها صحيفة «الغارديان» البريطانية أنه «لا أحد يود حربا جديدة في المنطقة، بما في ذلك كوريا الشمالية. إلا أن كيم جونغ أون سيصعد الأزمة حتى يحصل على مبتغاه، وهو اعتراف واشنطن بأن بلاده قوة نووية، وتعزيز مصداقيته كقائد قادر على حماية شعبه من الولايات المتحدة». وتابع لي أن تهديدات الرئيس الأميركي الأخيرة تدعم نظرية كيم جونغ أون أمام مواطنيه بأن واشنطن تهدد بقاء بلادهم، ويبرر استخدامه الموارد الاقتصادية الشحيحة في تطوير البرنامج الصاروخي.
في المقابل، يحذّر مراقبون من احتمال خروج التصعيد الحالي عن السيطرة، مذكرين بالمواجهة العسكرية المحدودة عام 2010 بين القوات الكورية الجنوبية والشمالية التي أدت إلى مقتل مدنيين من الجنوب.
وقالت لورا روزنبرغ، المديرة السابقة لمجلس الأمن القومي الأميركي لشؤون كوريا والصين، إنه على الولايات المتحدة تجنب «تصعيد الخطاب الذي يمكن أن يستفز (كوريا الشمالية) ويدفعها إلى شن الهجوم الذي نحرص على عدم حدوثه». وأضافت على «تويتر» أن «القلق الأكبر يأتي من حقيقة أنه إذا خشيت (بيونغ يانغ) من أن يكون تحرك الولايات المتحدة وشيكا، فإنها قد تتحرك بطريقة تعتبرها استباقية».
بدوره، رأى مارك فيتزباتريك، مدير الفرع الأميركي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن كوريا الشمالية تملك صواريخ قادرة على استهداف «أي موقع في كوريا الجنوبية واليابان وقصف القواعد الأميركية هناك». وأضاف الموظف السابق في وزارة الخارجية في تصريحات لبرنامج هيئة الإذاعة البريطانية «نيوزنايت»: «أعتقد كذلك أنها قادرة على تزويد هذه الصواريخ برؤوس نووية، ونعلم بهذا الأمر منذ سنوات». واعتبر فيتزباتريك أن الجديد في التهديد النووي الكوري هو أن الاستخبارات الأميركية كشفت أخيرا أن بيونغ يانغ طورت صواريخ عابرة للقارات قادرة على استهداف الأراضي الأميركية، إلا أنه شكك في قدرتها على حمل رؤوس نووية.
يشار إلى أن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات تتبع مسارا منحنيا يمكّنها من اختراق الغلاف الجوي إلى الفضاء قبل أن تعود إلى الأرض. ويشكك الخبراء النوويون في قدرة الرؤوس النووية الكورية الشمالية المصغرة على الصمود خلال مسار العودة إلى الغلاف الجوي، حيث تخضع لدرجات حرارة وارتجاجات عالية جدا.
ورجّح سيغفريد هيكر، الخبير النووي في جامعة ستانفورد، أن يستغرق الأمر خمس سنوات قبل أن يصبح الجزء المُعدّ للرجوع إلى الغلاف الجوي متيناً بما فيه الكفاية. وأوضح في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا أظن أن لديهم خبرة كافية في مجال التجارب الباليستية أو النووية لتشغيل رأس حربي صغير وخفيف ومتين بما فيه الكفاية للصمود خلال عملية إطلاق بصاروخ باليستي عابر للقارات».
ولفت هيكر، الذي زار كوريا الشمالية عدة مرات لتقييم قدراتها النووية، إلى أن البرنامج العسكري النووي الذي تطوره بيونغ يانغ يعاني من نقص في مخزون اليورانيوم، خصوصاً البلوتونيوم، وهو أفضل ما يمكن استخدامه لتزويد الصواريخ العابرة للقارات.
ولدى كوريا الشمالية، في رأيه، يورانيوم وبلوتونيوم كافيان لتصنيع 20 إلى 25 قنبلة. وهذا المعدل أقل بكثير من ذاك الذي نقلته صحيفة «واشنطن بوست» عن الاستخبارات العسكرية الأميركية، والذي قدر حيازتها 60 قنبلة نووية.
وعما تستطيع كوريا الشمالية القيام به اليوم في حال اختارت التصعيد عسكريا، يوضح فيتزباتريك أنها «قد تبدأ حرباً تقليدية مع اليابان (أو كوريا الجنوبية) قد تأخذ بعد ذلك منحى نوويّاً، وقد يضربون القواعد العسكرية في المنطقة، قبل أن تتجه لتهديد الأراضي الأميركية إذا تدخلت الولايات المتحدة».
وعلى مستوى الجهود الدبلوماسية، طالب الرئيس الأميركي بإصرار الصين الحليف الرئيسي لكوريا الشمالية، بالتحرك لضبط الدولة المجاورة لها. وصادق مجلس الأمن الدولي بالإجماع السبت على قرار يعزز بشكل ملحوظ العقوبات المفروضة على بيونغ يانغ، ما سيحرم كوريا الشمالية من مليار دولار من العائدات السنوية.
وتسعى الأسرة الدولية من خلال استهداف هذا البلد مالياً لإرغامه على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، لا سيما بعد إطلاق صاروخين عابرين للقارات في يوليو (تموز). وفرضت الأمم المتحدة منذ 2006 سلسلة عقوبات على كوريا الشمالية، دون أن تنجح في ثني زعيمها. وأجرت بيونغ يانغ آخر تجربة نووية في 9 سبتمبر (أيلول) 2016، واعتبرت قوة الانفجار أقوى بمرتين من القنبلة الذرية التي ألقتها الولايات المتحدة على هيروشيما.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».