إردوغان يصعّد مجدداً مع برلين ويتهمها بدعم الإرهاب

أنقرة تسمح لبرلمانيين ألمان بزيارة قاعدة قونية التركية

TT

إردوغان يصعّد مجدداً مع برلين ويتهمها بدعم الإرهاب

صعّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من هجومه على ألمانيا مجددا ليفتح الباب أمام مزيد من التوتر في العلاقات بين أنقرة وبرلين عبر اتهامها بدعم الإرهاب وترويج شائعات للتأثير على صورة بلاده في الخارج، في حين أكدت برلين من جانبها أن العلاقات لن تعود إلى طبيعتها قبل أن تتغير السياسة التركية. وقال إردوغان أمام تجمع جماهيري من أنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم في مدينة طرابزون بمنطقة البحر الأسود بشمال شرقي تركيا أمس الثلاثاء: إن مصداقية تركيا في الخارج جيدة جدا، داعيا إلى عدم الاكتراث لما أسماه بـ«الشائعات الألمانية». وأضاف: «الألمان سيدركون خطأهم لاحقا، لكن بعد فوات الأوان... تركيا لم تفعل شيئا تجاه الألمان، لكن مع الأسف ألمانيا فقدت بوصلتها في الآونة الأخيرة». وتشهد العلاقات التركية الألمانية توتراً في الآونة الأخيرة، ازدادت حدته على خلفية حبس أحد الناشطين الألمان في مجال حقوق الإنسان في تركيا رهن المحاكمة، بتهمة دعم منظمة إرهابية مسلحة. وطالبت الخارجية الألمانية بإطلاق سراح مواطنها، وأعلنت أن «الألمان القادمين إلى تركيا ليسوا في مأمن، وشركاتها هناك تعيش حالة من القلق»، وهو ما رفضته أنقرة.
وفي تجمع سابق لأنصار حزبه في مدينة ريزه، مسقط رأسه في منطقة البحر الأسود، اتهم إردوغان ألمانيا بمساعدة الإرهابيين بسبب عدم الرد على آلاف الملفات التي أرسلت إلى برلين، أو تسليم المشتبه فيهم المطلوبين لدى السلطات التركية.
وقال إردوغان: «أعطينا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل 4500 ملف لإرهابيين مطلوبين، لكن لم نتلق إجابة على أي منها... عندما يكون هناك إرهابي فبوسعهم إبلاغنا أن نعيد ذلك الشخص. لن ترسلوا الإرهابيين الذين لديكم، لكن يمكنكم أن تطلبوا منا ذلك. أعندكم نظام قضائي وليس عندنا في تركيا؟». ورفض الحكومة الألمانية تصريحات إردوغان، معتبرة أن ترديد الاتهامات نفسها مرارا وتكرارا «لا يجعلها أكثر مصداقية».
وتشهد العلاقات بين تركيا وألمانيا توترا منذ منع برلين ساسة أتراك من القيام بحملات ترويجية للاستفتاء الذي تضمن توسيع صلاحيات الرئيس التركي والذي أجري في 16 أبريل (نيسان) الماضي، ومنع أنقرة زيارة برلمانيين ألمان لجنود بلادهم في قاعدة إنجرليك جنوب البلاد التي يستخدمها التحالف الدولي للحرب على تنظيم داعش الإرهابي.
في غضون ذلك، وافقت أنقرة على السماح لبرلمانيين ألمان بزيارة الجنود الذين يخدمون في قاعدة جوية تابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في قونية وسط تركيا الشهر المقبل.
وجاء في رسالة من غابرييل إلى رئيس لجنة الدفاع البرلمانية الألمانية أمس الثلاثاء، أن تركيا وافقت على اقتراح الناتو الخاص بزيارة نواب ألمان للقاعدة الجوية في قونية في 8 سبتمبر (أيلول) المقبل.
ومن المنتظر أن يترأس نائب الأمين العام لحلف الناتو روز غوتيمويلر وفدا للحلف سيصطحب معه 7 أعضاء من البرلمان الألماني. وقال غابرييل، إن نظيره التركي مولود جاويش أوغلو وافق على هذا الاقتراح.
وبحسب مصادر تركية، لا يزال العمل جاريا بشأن تفاصيل الزيارة والبرلمانيين الألمان المشاركين فيها بعد أن اشترطت أنقرة تقديم أسمائهم لفحصها أولا بعد اعتراضها بشدة من قبل على بعض الأسماء تتهمهم بدعم الإرهابيين.
في السياق ذاته، تطرق إردوغان إلى تصريحات رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليتشدار أوغلو التي أدلى بها مؤخرا للإعلام الألماني، قائلا: «يا للأسف، لقد صرحتَ لمجلة ألمانية بأنه لا توجد عدالة وحرية في تركيا، بينما الحكومة تولت تأمين مسيرتك الاحتجاجية بدعوى المناداة بالعدالة، من أنقرة إلى إسطنبول».
كما انتقد المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، ماهر أونال، بشدة، التصريحات التي أدلى بها زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، متسائلا: «هل أنت متحدث باسم الشعب التركي أم أوروبا؟».
وأشار أونال إلى أن كليتشدار أوغلو انتقد بلاده تركيا؛ إذ حذر السياح الألمان من القدوم إلى تركيا، ودعا الغرب للاطمئنان لأنهم (حزب الشعب الجمهوري) سيطيحون بالرئيس رجب طيب إردوغان في انتخابات الرئاسة عام 2019.
على صعيد آخر، تلقت لجنة شكلت للتحقيق في الشكاوى من المراسيم الصادرة بموجب حالة الطوارئ المفروضة في تركيا منذ محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي، أكثر من 38 ألف طلب في أقل من شهر.
وقالت مصادر باللجنة أمس، إنها ستقيم شكاوى من تم فصلهم من أعمالهم، وكذلك المؤسسات والجمعيات التي تم إغلاقها بموجب مراسيم الطوارئ والتي بدأت تلقيها منذ 17 يوليو (تموز) الماضي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».