أنقرة تحذر من «حزام كردي» من إدلب إلى البحر المتوسط

الجيش التركي يعزز وجوده قرب حدود سوريا

آليات تركية تسلمتها فصائل «درع الفرات» شمال حلب (اخبار حلب)
آليات تركية تسلمتها فصائل «درع الفرات» شمال حلب (اخبار حلب)
TT

أنقرة تحذر من «حزام كردي» من إدلب إلى البحر المتوسط

آليات تركية تسلمتها فصائل «درع الفرات» شمال حلب (اخبار حلب)
آليات تركية تسلمتها فصائل «درع الفرات» شمال حلب (اخبار حلب)

دفع الجيش التركي بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى مدينة كيليس على الحدود السورية في مواجهة مدينة عفرين الواقعة تحت سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تصنفها أنقرة تنظيماً إرهابياً.
وقالت مصادر عسكرية تركية السبت، إن الجيش التركي أرسل 6 شاحنات محملة بخمسة مدافع ومعدات أخرى إلى منطقة إصلاحية في كيليس لنشرها على الحدود السورية. وأضافت المصادر أن التعزيزات الجديدة تهدف إلى دعم الوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود التركية - السورية.
وخلال يوليو (تموز) الماضي، دفع الجيش التركي بتعزيزات إضافية عدة مرات إلى المناطق الحدودية المواجهة لعفرين وكذلك إلى جنوب أعزاز لدعم فصائل «الجيش السوري الحر» الموالية لتركيا التي سيطرت على تلك المنطقة في إطار عملية «درع الفرات» التي انتهت أواخر مارس (آذار) الماضي. وقصفت القوات التركية أكثر من مرة مناطق خاضعة لسيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية الذراع العسكرية لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي السوري المدعومة من أميركا وسط تكهنات حول قرب شن عملية موسعة باسم «سيف الفرات» على غرار «درع الفرات».
في سياق مواز، اعتبرت مصادر تركية أن توالي التصريحات الأميركية حول محافظة إدلب بدءا من تصريحات المبعوث الأميركي للتحالف الدولي للحرب على «داعش» بريت ماكغورك حول دعم تركيا تنظيمات إرهابية في إدلب ثم تلميحات مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخاص إلى سوريا مايكل ريتني بشأن عملية عسكرية ستنفذها بلاده في حال سيطرة التنظيمات المرتبطة بـ«القاعدة» و«النصرة» على إدلب.
ووصف المصادر التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط» هذه التلميحات بأنها «تمهيد لتشكيل حزام يسيطر عليه حزب العمال الكردستاني وذراعه في سوريا حزب الاتحاد الديمقراطي، على طول الحدود مع تركيا، والوصول حتى البحر المتوسط».
ولفتت إلى أن الخطوة الأولى التي اتخذتها أنقرة لإفشال هذا المخطط كانت السيطرة على محور جرابلس - أعزاز عبر عملية «درع الفرات» وفي حال نجحت فصائل «الجيش السروي الحر» بدعم من تركيا في السيطرة على عفرين وعين العرب (كوباني)، اللتين يسيطر عليهما «حزب الاتحاد الديمقراطي»، فإن ذلك سيكون بمثابة نهاية الخطط الأميركية.
وأوضحت المصادر أن الولايات المتحدة لجأت الآن إلى الخطة البديلة وهي تشكيل حزام جديد جنوب محور جرابلس - أعزاز لدمج عفرين مع باقي المناطق الخاضعة لسيطرة «حزب الاتحاد الديمقراطي»، وهو ما أبرز أهمية إدلب، التي تريد واشنطن منح الجزء الشمالي منها لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» من أجل ربط عفرين بعين العرب عن طريق جنوب أعزاز.
وأضافت المصادر أن التلميحات الأميركية عن وجود صلات لتركيا بـ«القاعدة» و«جبهة النصرة» في إدلب هدفها فتح الطريق للتدخل العسكري في المنطقة والاعتماد على تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» في إدلب على غرار ما يحدث في الرقة الآن.
في السياق ذاته، نقلت صحيفة «صباح» التركية أمس عن مسؤول أميركي، لم تذكره بالاسم، أنه لا علاقة لتركيا بزيادة نفوذ «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقا) في محافظة إدلب، مؤكدا أن تركيا جزء مهم من الحرب على التنظيمات الإرهابية في سوريا.
وجاءت تصريحات المسؤول الأميركي بعدما ردت أنقرة بحدة الأسبوع الماضي على تلميحات ماكغورك، حول «صلة تركيا بتنظيمات إرهابية» في إدلب.
وقال المسؤول الأميركي: «واشنطن لا تلوم تركيا على زيادة نفوذ (القاعدة) في إدلب، ولن نلمح إلى وجود أي تساهل تركي مع (القاعدة) في إدلب، أنقرة جزء مهم من الحرب على الإرهاب ونحن نعمل مع الحكومة التركية لمواجهة الإرهاب في سوريا».
وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، استنكر تصريحات ماكغور قائلا: «تلميحات المبعوث الأميركي حول صلة تركيا بوجود التنظيمات الإرهابية في إدلب غير مقبولة وماكغورك يعتبر أحد الوجوه المتبقية من عهد الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، وقد نشرت الصحافة كثيرا من الصور له خلال زيارات أجراها إلى معاقل وحدات حماية الشعب الكردية في الشمال السوري».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».