تونس: إطلاق جبهة سياسية للحد من هيمنة «النداء» و«النهضة»

TT

تونس: إطلاق جبهة سياسية للحد من هيمنة «النداء» و«النهضة»

أعلن عدد من الناشطين السياسيين والحقوقيين في تونس إطلاق مبادرة سياسية جديدة، تهدف إلى خلق مناخ سياسي جديد بعيد عن الطبقة السياسية الحالية، فيما يشبه «ثورة على الأحزاب القائمة حاليا»، حسب تعبيرهم، ودعوا من خلال مبادرة «التحالف الاجتماعي» إلى رفض الأحزاب السياسية التقليدية التي سيطرت على الساحة السياسية منذ ثورة 2011، وبخاصة حزبا «النداء» و«النهضة»، وخلق نفَس سياسي جديد ومختلف في الجهات خلال الانتخابات البلدية المقبلة المزمع إجراؤها في الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ودعا مؤسسو التحالف الاجتماعي الجديد، الذي يضم جامعيين ونقابيين وناشطين سياسيين غادروا أحزابهم السياسية، إلى العودة إلى الخيارات السياسية التي تعتمد أساسا على استحضار البعد الاجتماعي والاقتصادي في العمل السياسي بعيدا عن اللغة السياسية الحالية، التي لم تحقق الكثير على المستويين الاجتماعي والاقتصادي للتونسيين، حسب رأيهم.
في هذا الصدد، قال مختار بوبكر، وهو قيادي نقابي سابق وأحد مؤسسي التحالف الاجتماعي في تصريح إعلامي: إن أسباب تشكيل هذا التحالف الاجتماعي هو فشل التجارب السياسية التي قادتها مختلف الأحزاب بعد ثورة 2011؛ لأن علاقة معظم السياسيين بالمواطنين كانت تنتهي بمجرد انتهاء عملية التصويت، واعتبر ذلك من أهم الأخطاء التي أدت إلى اندلاع الاحتجاجات الاجتماعية ومطالبة الشعب بالتنمية ونصيب من الثروات الوطنية، وبخاصة في مناطق إنتاج الفوسفات والطاقة.
ووفق بعض المراقبين السياسيين، فإن هذه المجموعة استمدت فكرة الثورة على الأحزاب السياسية المهيمنة على الخريطة السياسية حاليا، وبخاصة حزب النداء وحركة النهضة، من التجربة الفرنسية الأخيرة، التي قادها الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون، الذي نجح في تخطي أهم حزبين سياسيين يسيطران على الساحة السياسية منذ عقود؛ ولذلك يطمحون في إعادة السيناريو نفسه على المستوى المحلي بهدف كسر الاستقطاب السياسي الثنائي القوي بين حزب النداء الليبرالي، وحركة النهضة الإسلامية. ومثالا على ذلكـ فخلال الانتخابات البرلمانية التي جرت سنة 2014 لم يتعد عدد الفائزين الذين تقدموا في قائمات مستقلة ثلاثة أشخاص من إجمالي 217 مقعدا في البرلمان.
ويراهن أصحاب هذه التجربة السياسية الجديدة خلال المحطات الانتخابية المقبلة على ضعف أداء الأحزاب السياسية المشاركة في الائتلاف الحاكم، وعجزها عن حل الملفات الاجتماعية والاقتصادية المعقدة.
من ناحية أخرى، أصدرت النيابة العامة مساء أول من أمس أوامر تفتيش ضد سليم الرياحي، رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر المشارك في الائتلاف الحاكم، وذلك على خلفية صدور أحكام غيابية بالسجن مع النفاذ العاجل تصل إلى 25 سنة.
ويتابع الرياحي، وهو رجل أعمال سطع نجمه بعد ثورة 2011، بمجموعة من القضايا القانونية، من بينها إصدار صكوك بنكية دون رصيد تصل قيمتها إلى نحو 1.8 مليون دينار تونسي (نحو 700 ألف دولار).
كما صدر في 28 من يونيو (حزيران) الماضي، قرار عن القطب القضائي المالي (هيكل قضائي) ضد الرياحي يقضي بتجميد أسهمه في البورصة وأرصدته البنكية وأملاكه العقارية، وإحالتها إلى الخزينة العامة من أجل قضية تبييض وغسل أموال مرفوعة ضده منذ سنة 2012، إلا أن الرياحي اعتبر أن القضية سياسية بامتياز، ومحاولة لإخراجه من الساحة السياسية، على حد تعبيره.
وإثر الإعلان عن الحكم القضائي لجأ الرياحي إلى القضاء البريطاني لرفع قضية ضد رئيس الحكومة يوسف الشاهد باعتباره ممثل الإدارة التونسية بعد ما اعتبر أنه «تعمد الدولة الإضرار بسمعته وسمعة شركاته».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».