أعلن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، تدشين مؤتمر باسم «مؤتمر العدالة»، داعياً مختلف أطياف الشعب التركي للمشاركة فيه للمطالبة باستقلال القضاء وترسيخ دولة القانون والديمقراطية في البلاد.
ويأتي ذلك بعد نجاح «مسيرة العدالة» التي قادها رئيس الحزب كمال كليتشدار أوغلو في الفترة بين 25 يونيو (حزيران) و9 يوليو (تموز) الماضيين سيراً على الأقدام بين العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، والتي انتهت بتجمع حاشد شارك فيه نحو مليوني شخص.
وقال بوانت تزجان، المتحدث باسم الحزب، إنه تم تشكيل لجنة للإعداد لعقد المؤتمر في الفترة بين 26 و30 أغسطس (آب) الحالي في قلعة بشمال غربي البلاد.
وكانت مسيرة العدالة قد انطلقت بعد يوم واحد من الحكم على نائب حزب الشعب الجمهوري أنيس بربر أوغلو بالسجن المؤبد في 24 يونيو الماضي بتهمة تسريب أسرار الدولة بغرض التجسس السياسي أو العسكري.
وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري إن «مؤتمر العدالة» مثله مثل «مسيرة العدالة» ليس مؤتمراً للحزب أو يخص أعضاءه فقط، لكنه لجميع من يشعر بالظلم ويريد استعادة دولة الحقوق والقانون والديمقراطية في تركيا.
من جانبه، قال النائب بالحزب عضو لجنة التحضير للمؤتمر، إن العمل يجري على إعداد أجندة المؤتمر الذي يراد به أن يخرج عن الإطار التقليدي والمناظرات الأكاديمية حول العدالة، وستتم دعوة عائلات ضحايا العمليات الإرهابية والجرائم مجهولة الفاعل التي وقعت في تركيا والتي لم تتوصل التحقيقات فيها إلى نتائج، مثل عائلة الصحافي التركي الأرميني هرانت دينك الذي قتل أمام مقر صحيفته «أجوس» في إسطنبول منذ 10 سنوات ولم تنتهِ قضيته حتى الآن، وكذلك عائلة الصبي بركين علوان (15 عاماً) الذي قتل خلال احتجاجات جيزي بارك في إسطنبول عام 2013، وعائلات ضحايا هجوم سيواس 1993 والنساء اللاتي حرمن من حقهن في التعليم في الماضي بسبب ارتداء الحجاب. وأشار إلى أن هدف المؤتمر هو جمع الناس من جميع الأطياف والفئات للتعبير عن آرائهم ومطالبهم حول وضع العدالة في تركيا.
في سياق متصل، أعلن الحزب تشكيل لجنة خاصة لدراسة قضية النائب أنيس بربر أوغلو تتألف من خبراء قانونيين ونواب بالبرلمان وصحافيين سيقومون بمتابعة إجراءات القضية. وزار وفد من نواب الحزب بربر أوغلو وكذلك 4 من الصحافيين والمسؤولين بصحيفتي «جمهوريت» و«سوزجو» في سجني مالتبه وسليفري في إسطنبول، وطالب الوفد بالإفراج عن جميع الصحافيين في أقرب وقت ممكن، لافتين إلى أن غالبيتهم محبوسون دون توجيه اتهامات إليهم أو باتهامات لا سند لها من القانون. كما أشار النواب إلى حبس مديحة أولغون المدير التنفيذي لصحيفة «سوزجو» منذ 68 يوماً، دون أن توجه إليها أي اتهامات.
وأوقفت السلطات التركية في ظل حالة الطوارئ المعلنة منذ محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي نحو 160 صحافياً وجهت إليهم اتهامات بالانتماء أو تقديم الدعم لتنظيمات إرهابية، ضمن حملة موسعة شملت حبس أكثر من 50 ألفاً وفصل أكثر من 150 ألفاً آخرين من أعمالهم في مختلف قطاعات وأجهزة الدولة، وهي الحملة التي تثير انتقادات واسعة وتوتراً بين تركيا والاتحاد الأوروبي الذي تسعى للحصول على عضويته.
في السياق ذاته، رفضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان طلباً من قبل اثنين من المعلمين الأتراك أضربا عن الطعام منذ ما يقرب من 150 يوماً بعد فصلهما من عملهما، بالإفراج عنهما لأسباب صحية حيث اعتقلا بعد شهرين ونصف الشهر من الإضراب عن الطعام وواصلا الإضراب عن الطعام في السجن.
ورأت المحكمة، ومقرها ستراسبورغ، أن احتجاز الأستاذة الجامعية نورية غولمان والمدرس بالمرحلة الابتدائية سميح أوزاك لم يشكل خطراً حقيقياً وشيكاً على حياتهما، وأن قرار الإفراج عنهما يعود إلى السلطات التركية.
يأتي ذلك فيما أعلن حزب الشعب الجمهوري المعارض تقريراً أعده النائب البرلماني عن مدينة إسطنبول سيزجين تانري كولو حول «حقوق الإنسان والانتهاكات الدستورية في ظل حالة الطوارئ»، خلص إلى أن «حقوق الإنسان الأساسية المكفولة بموجب الدستور والقانون الدولي تنتهك بشكل ممنهج في تركيا»، محذراً من استمرار تمديد حالة الطوارئ.
وقال التقرير إنه «لا ينبغي أن تكون التدابير العاجلة التي كان لا بد من اتخاذها في ليلة 15 يوليو وفي الأيام التالية دائمة»، وطالب بإجراء تحقيق شامل في الانتهاكات التي وقعت على مدى عام من الطوارئ في البلاد حيث علقت الديمقراطية، وتم تجاهل دولة القانون، وانتهكت الحقوق الدستورية والحريات ومنها الحق في الدفاع، وافتراض البراءة، والحق في محاكمة عادلة، وحرية التعبير، وحرية الفكر، وحرية التجمع، والحق في الحياة الخاصة، والحق في العمل، والحق في الاحتجاج، والحق في التملك، والحق في السفر.
إلى ذلك، عبر جان كلود يونكر رئيس المجلس الأوروبي، في مقابلة أمس (الخميس)، عن موقف جديد من تركيا، مؤكداً وجوب استمرار مفاوضات انضمامها إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، واعتبر أنها جارة مهمة للاتحاد.
وأضاف يونكر: «على عكس مقترح البرلمان الأوروبي بوقف المفاوضات مع تركيا، أعتقد أنه من الصواب الاستمرار فيها والابتعاد عن التفكير في تعليق المساعدات». وصوت نواب البرلمان الأوروبي، في أواخر يونيو الماضي، لصالح قرار توصية بتعليق مفاوضات عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، وتوجيه نداء إلى الدول الأعضاء والمفوضية الأوروبية بخصوص تعليق المفاوضات بشكل نهائي في حال دخلت حزمة التعديلات الدستورية بشكلها الحالي، حيز التنفيذ.
وطالبت ألمانيا خلال الأيام الماضية الاتحاد الأوروبي بالضغط على تركيا اقتصادياً ووقف مساعداته لها بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان وحرية الصحافة والتعبير بعد القبض على ناشطين حقوقيين بينهم ألماني في اجتماع في إسطنبول وحبسهم بتهمة دعم الإرهاب.
من جانبه، أكد وزير شؤون الاتحاد الأوروبي كبير المفاوضين في الحكومة التركية عمر تشيليك أن خلط دول الاتحاد الأوروبي بين العلاقات الاقتصادية وسجالاتها السياسية مع تركيا، لن يكون في صالحها.
وأوضح في مقابلة تلفزيونية الليلة قبل الماضية أن استخدام ملف تحديث اتفاق الاتحاد الجمركي ورقة سياسية، يتعارض مع مصالح الاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أن بلاده لاحظت خلال الفترة الأخيرة تحولاً في خطاب بعض الأوساط الأوروبية، يتمثل في المطالبة بقطع العلاقات مع تركيا، وقال إن تحديث «اتفاق الاتحاد الجمركي» مع أوروبا ليس مطلباً تركياً من جانب واحد... «هناك علاقات هيكلية ومستقبل ومصالح مشتركة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ولا تتمنى أنقرة أن تسوء علاقاتها مع برلين وباقي العواصم الأوروبية».
المعارضة التركية تستعد لتدشين «مؤتمر العدالة» بعد نجاح مسيرتها
أنقرة تحذر الاتحاد الأوروبي من التلاعب بالملف الاقتصادي
المعارضة التركية تستعد لتدشين «مؤتمر العدالة» بعد نجاح مسيرتها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة