الأمن الإسرائيلي قلق من ضعف استعداد القيادة السياسية لما بعد عباس

يحلمون بخليفة له «يترك الأقصى ويسلم بالمستوطنات ويكتفي بحكم ذاتي صغير»

قوات أمن إسرائيلية تفتش سيارة فلسطينية عند معبر قلنديا بين القدس ورام الله (رويترز)
قوات أمن إسرائيلية تفتش سيارة فلسطينية عند معبر قلنديا بين القدس ورام الله (رويترز)
TT

الأمن الإسرائيلي قلق من ضعف استعداد القيادة السياسية لما بعد عباس

قوات أمن إسرائيلية تفتش سيارة فلسطينية عند معبر قلنديا بين القدس ورام الله (رويترز)
قوات أمن إسرائيلية تفتش سيارة فلسطينية عند معبر قلنديا بين القدس ورام الله (رويترز)

حذر عدد من جنرالات الجيش والمخابرات الإسرائيلية، أمس، من «الشلل السياسي» و«ترك الساحة (الإسرائيلية) للمتطرفين» اليهود، متهمين حكومة بنيامين نتنياهو، بالامتناع عن التحضير إلى ما بعد عهد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس.
وقال أحد هؤلاء، في حديث إلى صحافيين إسرائيليين، إن «الوقت يمضي بسرعة وقادتنا ينتظرون أوهاماً أو حدوث عجائب، ولا يفكرون بالمصلحة الاستراتيجية لإسرائيل في كل ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني». وانتقد مسؤول المخابرات الإسرائيلية الرئيس عباس نفسه، «الذي على الرغم من سنه المتقدمة (82 عاماً)، وحالته الصحية السيئة التي يصفها أطباؤه (بالممتازة)، يصر على مواصلة التمسك بحبال السلطة (...) ويتلكأ في تعيين وريث له، والإشارة إلى شخص يفضله، أو على الأقل، تحديد آلية لانتخاب وريث له». لكنه أضاف: «في نهاية المطاف، علينا أن نهتم بما نفعله نحن وليس ما يجري في الطرف الآخر. فعندنا ينتظر القادة انصراف أبو مازن، الذي يعتبرونه مصدر كل الشرور في العلاقات بين الفلسطينيين وإسرائيل. إنهم يتلاعبون بوهم أن وريثه سيكون أكثر اعتدالاً منه، وسيوقف التحريض ويوقف الإرهاب. إنهم يحلمون في اليقظة، بأن وريثه سيوافق على تغيير السيطرة الإسلامية في الحرم القدسي، وسيسلم بالمستوطنات، ويكتفي بكيان فلسطيني ذي حكم ذاتي صغير. هذه الأوهام لا أساس لها في الواقع. كل من يصغي إلى الحوار في الشارع الفلسطيني، والنخبة والقيادة السياسية، يفهم أنه لا توجد أي رغبة في مواصلة طريق أبو مازن المعتدلة. فما يجمع بين كل المنافسين على وراثة أبو مازن: جبريل الرجوب، ومحمد دحلان، ومحمود العالول، وماجد فرج، أو مروان البرغوثي، هو أنهم جميعاً أكثر صقرية منه. إن ما يوحد الفلسطينيين في صراعهم ضد إسرائيل، هو أسطورة الصراع وفي مركزها ثوابت الصراع - المبادئ الأساسية، التي لا يمكن تجاوزها أبداً، والتي تشمل إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وحق العودة، وإطلاق سراح الأسرى، وعدم الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي. ومن يشذ عن هذه المبادئ لن يبقى على قيد الحياة».
ويقول الباحث د. روني شكيد، إنه من خلال أحاديثه مع مختلف المسؤولين الأمنيين، يلمس الغضب من رؤيا اليمين الحاكم، الذي يجد في استمرار الوضع الحالي مصلحة إسرائيلية. ويقول: «في بعض الأحيان، تجدهم يجدون في عباس حليفاً جيداً لليهود، لا بل مفيد لسلطة الليكود واليمين، لأنه لا يحارب. لقد قاد إلى وقف الإرهاب المسلح والمنظم، ورسخ التعاون الأمني، الذي يقول قادة في الجيش إنه يسهم في إحباط الإرهاب، وتمسك برؤية حل الدولتين، الذي يعني التخلي عن 78 في المائة من أراضي فلسطين التاريخية لصالح الدولة الصهيونية، وعمل بقبضة صارمة ضد حماس، وعمق الانقسام بين الضفة والقطاع - وهي مصلحة لليمين في صراعه ضد إقامة دولة فلسطينية. كما أن معارضته الشديدة لإجراء مفاوضات خالية المضمون، يخدم مصلحة حكومة نتنياهو في التهرب من المفاوضات السياسية. صحيح أن أبو مازن نجح في إغضاب إسرائيل في خطوات نزع الشرعية، وكفاحه على الحلبة الدولية ضد الاحتلال، ولكن معارضة المستوطنات والدعم الدولي لحل الدولتين قائمة حتى من دونه».
ويضيف شكيد: «أبو مازن يمكن أن يكون الشريك الأفضل للمفاوضات. لقد فوتت الحكومة استغلال أيام سلطته لمحاولة دفع الاتفاق. إلا أن حكومة اليمين تفضل الآيديولوجية المتطرفة وتخلق بأيديها قاعدة للدولة الثنائية القومية مع غالبية ديموغرافية عربية في أرض إسرائيل، وهذا سيئ لليهود. وبالمناسبة، فإنه لا يوجد أي أساس للادعاء بأن عدم التعاون الأمني مع إسرائيل سيجعل حماس تسيطر على السلطة الفلسطينية: هذا ليس أقل من أسطورة هدفها تبرير التعاون الأمني من جانب إسرائيل. توجد لدى أبو مازن قوات جيش مدربة ومطيعة، أثبتت قدرتها على منع حماس من رفع رأسها في الضفة، حتى من دون مساعدة من قبل إسرائيل. في الجهاز الأمني يشعرون، وبحق، بالقلق من اليوم الذي سيلي أبو مازن. استقرار السلطة الفلسطينية هو ضمان للأمن، ويمكن أن يساعد في المستقبل على فتح مفاوضات. لذلك من المفضل أن تقوم إسرائيل، خلال هذه الفترة الانتقالية التي لا يعرف أحد مداها، بلفتات وأعمال ونشاطات تلمح، على الأقل، إلى وجود نية جدية لاستئناف بناء الثقة، من أجل منع الفوضى في اليوم التالي».
وتجدر الإشارة إلى أن المنابر الإعلامية لليمين الإسرائيلي، تدير حملة تحريض منظمة ضد السلطة الفلسطينية عموماً، والرئيس عباس بشكل خاص، منذ سنوات. وفي الوقت نفسه، لا تعترض على الإجراءات الإسرائيلية لتوسيع نطاق الاتجار مع قطاع غزة تحت قيادة حماس، وإدخال 500 أو 600 شاحنة محملة بالبضائع.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.