الاستخبارات الخارجية الروسية لا تؤكد مقتل البغدادي

TT

الاستخبارات الخارجية الروسية لا تؤكد مقتل البغدادي

تصبح قضية مقتل «الإرهابي رقم واحد» أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش أقرب إلى الأحجية في ظل تضارب المعلومات حول مصيره. ويوم أمس لم يتمكن سيرغي ناريشكين، رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، من تأكيد المعلومات التي تتحدث عن مقتل البغدادي. ومعروف أن الاستخبارات الخارجية الروسية واحد من أقوى أجهزة المؤسسة الأمنية الروسية، وهو واحد من أقوى وأضخم أجهزة الاستخبارات والتجسس عالمياً.
وفي إجابته عن سؤال وجهته له وكالة «إنتر فاكس» بهذا الخصوص، قال ناريشكين: «لا معلومات لدي أكثر من تلك التي ظهرت على وسائل الإعلام». وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت يوم 16 يونيو (حزيران)، أن المعلومات الأولية تشير إلى مقتل أبو بكر البغدادي و300 إرهابي نتيجة قصف جوي روسي نهاية شهر مايو (أيار) في سوريا. لاحقا قال أكثر من مسؤول روسي إن المعلومات حول مقتل البغدادي ليست أكيدة. وفي 21 يوليو (تموز) قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إن الولايات المتحدة، حتى اللحظة، لا تتوفر لديها معلومات تؤكد أن زعيم «داعش» قد قُتل.
في غضون ذلك، وبغض النظر عن تأكيد أو نفي المعلومات حول مصير زعيم التنظيم الإرهابي، تواصل الأجهزة الأمنية الروسية تنفيذ عمليات في أرجاء البلاد بهدف التصدي لأي نشاط إرهابي، و«وأده في مهده»، وفي هذا الإطار نفذت قوات الأمن الروسية عملية خاصة في ضواحي مدينة بطرسبورغ، وأعلنت أنها تمكنت خلالها من توقيف 4 أشخاص للاشتباه بتهريبهم الأسلحة. وجاء في بيان للحرس الوطني الروسي أن الأجهزة الأمنية داهمت إحدى ضواحي سان بطرسبورغ ما أسفر عن توقيف 4 أشخاص تتراوح أعمارهم ما بين 27 و56 عاما. وأكد البيان أنه تم ضبط 16 قطعة من الأسلحة النارية، إضافة إلى قطع غيار، وذخيرة أثناء أعمال تفتيش في أماكن إقامة الموقوفين. وأضاف البيان أن التحقيق جار، وأن السلطات قد فتحت قضية جنائية بحق المشتبه بهم.
وهذه ثاني عملية أمنية في نوعها تشهدها مدينة بطرسبورغ خلال الأيام الأخيرة. إذ أعلنت هيئة الأمن الفيدرالي الروسي (الكي جي بي سابقاً) يوم 28 يوليو عن اعتقال سبعة مواطنين في مدينة بطرسبورغ جميعهم من جمهوريات آسيا الوسطى، قالت إنهم كانوا يعدون لتنفيذ سلسلة هجمات إرهابية على شبكات السكك الحديدية في روسيا وفي أماكن تجمع حشود كبيرة من الناس. ولم يفصح الأمن عن أسماء المعتقلين المشتبه بهم، حفاظاً على التحقيق المستمر في هذه القضية. وبعد ساعات على اعتقال المشتبه بهم، قام الأمن الفيدرالي بنشر مقطع فيديو لعمليات الاعتقال التي جرت في ورشة لصيانة السيارات وفي مكان آخر. ويظهر في التسجيل مشتبه به، يسأله عنصر الأمن: «ماذا أردتم أن تفعلوا»، فيجيب المتهم: «كنا نخطط لافتعال حادث قطار».
وفي ضواحي موسكو، تمكن الأمن الروسي من اعتقال مواطنين من واحد من جمهوريات آسيا الوسطى، كانا يخططان لتنفيذ عمليات إرهابية في الأراضي الروسية. وأعلنت هيئة الأمن الفيدرالية الروسية أن قوات الأمن ضبطت في مقاطعة موسكو عنصرين مرتبطين بتنظيم داعش كانا يخططان لشن هجوم إرهابي. وأضافت الهيئة في بيان لها أن المعتقلين كانا يقيمان في مقاطعة فلاديمير المجاورة، وينحدران من إحدى دول منطقة آسيا الوسطى. وأكد البيان أن المتهمين كانا على اتصال مع عناصر «داعش» الموجودين في سوريا، وكانا ينتظران أوامر بشراء أسلحة نارية ومواد مطلوبة لتصنيع عبوات ناسفة، فضلا عن تحديد المواقع التي كان سيستهدفها الهجوم المقبل. وأشار البيان إلى أن المعتقلين أكدا أثناء التحقيق معهما صلتهما بالإرهابيين، وكان أحدهما قد نشر في الإنترنت معلومات تحرض على ممارسة الأنشطة الإرهابية. واعترف الموقوفان بأنهما كانا يخططان لشن اعتداءات إرهابية، ثم الذهاب إلى أفغانستان للانضمام إلى الصراع المسلح في صفوف «داعش».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».