السلطة الفلسطينية تتهم إيران بالتدخل في شؤون الحرم القدسي

TT

السلطة الفلسطينية تتهم إيران بالتدخل في شؤون الحرم القدسي

اتهمت السلطة الفلسطينية السلطات الإيرانية بالسعي لمد نفوذها إلى الحرم القدسي الشريف، والعمل على تفسيخ وحدة المقدسيين، التي تجلت في أروع صورها في هبة الأقصى الأخيرة.
وقال مصدر فلسطيني، إنه «لا يكفي التدخل التركي، ليتضح الآن أن الإيرانيين، أيضا، ضالعون في تشجيع الفوضى والتمرد على قرارات المرجعيات الدينية والسياسية في القدس، تحت شعارات عاطفية في ظاهرها مواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي، وفي باطنها إيجاد موطئ قدم في الساحة النضالية، وأخذ المعركة في الاتجاهات التي تريدها إسرائيل وحكومتها المتطرفة».
وحسب المصدر، فإن السلطة الفلسطينية في رام الله، غاضبة على التدخل الإيراني الذي حدث خلال الأيام التي جرى فيها وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل. وكشف أن الطريقة التي تجلى فيها الدور الإيراني، كانت عندما حصل آلاف الفلسطينيين الذين امتلأت بهم أزقة البلدة القديمة، خلال هبة الأقصى، على وجبات مغلفة تشمل أنواعا مختلفة من الطعام والمشروبات، حملت أغلفتها ملصقا كتبت عليه عبارة معروفة لآية الله علي خامنئي: «بعون الله فلسطين سوف تُحرر! القدس لنا»، وذلك على خلفية صورة قبة الصخرة والعلم الفلسطيني. وادعت السلطة الفلسطينية، أن من وقف وراء توزيع الوجبات في الحرم وفي محيطه، هي جمعية تقوم بتفعيلها حركة شبابية إيرانية. كما نشرت مواقع عربية على الإنترنت، أن جمعيات إيرانية وقفت وراء «تغذية الأبطال المحاربين لتحرير الأقصى المحاصر حتى النصر على الاحتلال الصهيوني».
لكن مسؤولا في أجهزة الاستخبارات الفلسطينية، قال لوسائل الإعلام الإسرائيلية، أمس، إنه لا يمكن لأي «حركة شبيبة» الوقوف وراء الدعم اللوجستي وتمويل توزيع وجبات الطعام والشراب على عشرات الآلاف من الناس كل يوم، في ذروة أحداث الحرم. وأضاف: «من الواضح لنا أن السلطة في طهران، بواسطة أذرعها الطويلة، تقف وراء حملة التغذية هذه. والمقصود مبالغ تصل إلى ملايين الشواقل، وقد عثر الإيرانيون على ثغرة لتحقيق مكاسب وتمرير رسالة إلى الجمهور الفلسطيني، من تحت أنف إسرائيل، مفادها أن إيران تهتم بهم».
وقال مصدر فلسطيني لصحيفة «يسرائيل هيوم»، إن نية الإيرانيين توزيع الطعام والشراب على المتظاهرين، كانت معروفة لأجهزة الأمن الفلسطينية، لكنها لم تحول المعلومات إلى أجهزة الأمن الإسرائيلية بسبب تجميد التعاون والتنسيق الأمني بين الطرفين. وقال المصدر، إن «مثل هذا الأمر ما كان ليحدث في منطقة تخضع للسيطرة الفلسطينية. ما كنا لنسمح للإيرانيين بموطئ قدم كهذا؛ لأن هذا يرتد علينا (...) من خلال رد الدول العربية. وقد فهمت إيران، على ما يبدو، أنه يمكن تنفيذ هذه الحملة من دون أن تطرح السلطات الإسرائيلية تساؤلات زائدة. كانت لدينا معلومات حول نية الإيرانيين تخصيص كثير من المال لشراء هذه السلال الغذائية، لكن الأمر صدر بوقف التعاون وعملنا وفقا لذلك». وقال مسؤول في مقر الرئاسة الفلسطينية، إن «التدخل الإيراني ومحاولات إظهار مؤشراته على الأرض سبب غضبا كبيرا. فالإيرانيون لا يترددون في اللجوء إلى أي أمر ويرسلون أذرع الأخطبوط إلى كل مكان. لقد كان من الخطأ السماح لهم بموطئ قدم كهذا».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».