السعودية تؤسس إدارة متخصصة لحماية مستثمري سوق الأسهم

في خطوة تعكس جدية هيئة السوق المالية في الحفاظ على حقوق المستثمرين

مستثمرون سعوديون يتابعون أسعار الأسهم على شاشات الكومبيوتر (الشرق الأوسط)
مستثمرون سعوديون يتابعون أسعار الأسهم على شاشات الكومبيوتر (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تؤسس إدارة متخصصة لحماية مستثمري سوق الأسهم

مستثمرون سعوديون يتابعون أسعار الأسهم على شاشات الكومبيوتر (الشرق الأوسط)
مستثمرون سعوديون يتابعون أسعار الأسهم على شاشات الكومبيوتر (الشرق الأوسط)

في خطوة من شأنها رفع مستوى حماية المستثمرين في سوق الأسهم السعودية، قررت هيئة السوق المالية في البلاد، استحداث إدارة متخصصة لحماية المستثمر تتولى مهام تلقِّي شكاوى المستثمرين ومعالجتها واستقبال البلاغات عن مخالفات نظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية.
وتأتي هذه الخطوة المهمة، عقب تصريحات أدلى بها محمد القويز رئيس هيئة السوق المالية في البلاد، حينما أكد لـ«الشرق الأوسط» مطلع يوليو (تموز) الحالي، أن حماية حقوق المساهمين تتصدر اهتمامات هيئة السوق، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن لائحة الدعوى الجماعية التي يجري العمل عليها ستقلل على المستثمرين الأفراد تكاليف التقاضي، وتختصر الجهد، عبر تكتل مجموعة من المساهمين الذين وقع عليهم الضرر لملاحقة الشخص المتسبب في تضررهم.
وأمام هذه التصريحات المهمة، استحدثت هيئة السوق المالية ضمن هيكلها التنظيمي إدارة متخصصة في حماية المستثمر، تتولى مهام تلقي شكاوى المستثمرين ومعالجتها واستقبال البلاغات عن مخالفات نظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية.
وأوضحت هيئة السوق في بيان صحافي، أمس، أن هذه الخطوة تعد مكملة لجهود الهيئة المتمثلة في برنامج الريادة المالية من خلال أحد المحاور الرئيسية فيه، وذلك بتعزيز الثقة في السوق المالية، والتي تقوم على حماية المستثمرين في الأوراق المالية من الممارسات غير العادلة، أو غير السليمة، والحفاظ على نزاهة السوق، وتطوير أساليب الأجهزة والجهات العاملة في تداول الأوراق المالية، بالإضافة إلى تطوير الإجراءات الكفيلة بالحد من المخاطر المرتبطة بمعاملات الأوراق المالية.
وقالت هيئة السوق: «تهدف هذه الإدارة بشكل رئيسي إلى تطوير إجراءات الشكاوى والبلاغات للرفع من مستوى السرعة والكفاءة وإنهائها وفق الطرق النظامية، وذلك بطريقة إلكترونية تمكِّن المتقدمين بشكاوى للهيئة من إتمام شكاواهم أو بلاغاتهم بيسر وسهولة، وإتمام جميع الإجراءات بشكل آليٍّ بحيث يتم الربط إلكترونيّاً ما بين الهيئة وجميع المتعاملين في السوق: المشتكي، وشركة السوق المالية السعودية (تداول)، وشركة مركز الإيداع، والأمانة العامة للجان الفصل في منازعات الأوراق المالية، والأشخاص المرخص لهم، والشركات المدرجة في السوق المالية».
وأوضح وكيل هيئة السوق المالية للشؤون القانونية والتنفيذ يوسف البليهد، أن الهيئة بإنشائها لهذه الإدارة واستقبالها لأي بلاغ عن مخالفة للنظام ولوائحه التنفيذية ووضع إجراءات ميسرة، تؤكد شراكتها مع المواطن والمستثمر للحد من الممارسات غير النظامية التي تضر بالسوق، مشيراً إلى أن الهيئة ستتعامل بسرية مع معلومات المبلغ الشخصية، مضيفاً: «هذا بدوره، سوف يعزز دور الهيئة في حماية المستثمرين ويرفع من مستوى الحوكمة والالتزام لدى الشركات المدرجة والأشخاص المرخص لهم».
وتتركز المهام الأساسية لإدارة حماية المستثمر في تلقي الشكاوى والبلاغات من المواطنين والمستثمرين والمتعاملين في السوق فيما تختص به الهيئة، وبحث ودراسة الشكاوى والبلاغات وفقاً لنظام السوق المالية ولوائحها التنفيذية ونظام الشركات ولوائحه التنفيذية فيما يخص الشركات المدرجة، والعمل على بحث الشكاوى والسعي نحو الوصول إلى تسوية موضوع النزاع بين الأطراف المتنازعة.
وفي هذا الشأن، أوضح البليهد أن الإدارة تباشر إصدار الإخطارات لإيداع الشكوى لدى لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية في حال تعذر الوصول إلى تسوية ورغبة الأطراف المتنازعة في متابعة الشكوى أمام اللجنة، كما تقوم الإدارة بإحالة البلاغات المعتبرة إلى إدارات الضبط وفقاً للاختصاص لاستكمال إجراءات الاستدلال والتحقيق.
وقال: «تتضمن مهام الإدارة دراسة القرارات الصادرة من لجان الفصل في منازعات الأوراق المالية لبحث ومتابعة المخالفات المترتبة على تلك القرارات الصادرة في القضايا المدنية».
وأمام هذه التطورات، أكدت هيئة السوق المالية، أمس، أنها تعمل على التطوير المستمر واستثمار التقنية والموارد بأفضل الطرق من أجل تقديم خدمات متميزة للأفراد والمتعاملين في السوق بشكل عام وتيسير إنجاز معاملاتهم وطلباتهم، بما يسهم في حماية المستثمرين، وتطوير السوق المالية، وتعزيز استقراره، وتتسق مع التوجه الاستراتيجي للهيئة من خلال برنامج الريادة المالية بما يحقق أهداف رؤية المملكة 2030.
وفي هذا شأن ذي صلة، أصدر مجلس هيئة السوق المالية في وقت سابق قراره بنشر مشروع تنظيم الدعوى الجماعية في منازعات الأوراق المالية (المشروع) على موقعها الإلكتروني لاستطلاع مرئيات العموم، وهو الأمر الذي ما زال يجري العمل عليه.
ويأتي هذا المشروع في إطار مبادرات هيئة السوق الكثيرة الرامية إلى تيسير إجراءات التقاضي للمتعاملين في السوق المالية، كما أنه يمكن تعريف الدعوى الجماعية بأنها «دعوى يقيمها مدعٍ أو أكثر ضدَّ مدعى عليه أو أكثر باسمه وبالنيابة عن مجموعة أشخاص تشترك دعواهم في الأسس النظامية والوقائع المدعى بها وموضوع الطلبات، وأي قرار يصدر في الدعوى يؤثر على جميع أطرافها».
ويهدف المشروع - الذي سيُضمّن فور اعتماده لائحة إجراءات الفصل في منازعات الأوراق المالية - إلى تيسير إجراءات التقاضي في الدعاوى التي يكون المدعي فيها مجموعة كبيرة من الأشخاص يشتركون جميعاً في نفس المسائل النظامية والوقائع المدعى بها، وهو الأمر الذي يتناسب مع طبيعة شركات المساهمة المدرجة وحجم المساهمين فيها.
وقد تضمن المشروع كثيراً من الأحكام التفصيلية التي عُنيت بتوضيح آليات وإجراءات الدعوى الجماعية وحقوق جميع أطرافها، ومن ذلك على سبيل المثال أحكام تقييد الدعوى الجماعية، وشروط قبول طلب تقييد الدعوى كدعوى جماعية وانضمام مدعين جدد بعد رفع الدعوى، وتنظيم ما يتعلق بتمثيل المدعين والقيود التي عليهم، وحقوق الأطراف في الدعوى، ومعايير اختيار المدعي الرئيسي والمستأنف الرئيسي، إضافة إلى تنظيم إجراءات الانسحاب والتسوية، ودور اللجنة في إدارة الدعوى الجماعية.
وحول ما يتعلق باختيار المدعي الرئيسي، فقد حدد المشروع المعايير التي بناء عليها يختاره أعضاء مجموعة المدعين، ومن ذلك مناسبة المدعي الرئيسي لاتخاذ إجراءات الدعوى الجماعية مع مراعاة مصالح أعضاء مجموعة المدعين، وذلك بأن يكون قادراً على ممارسة هذه المهام في جميع مراحل الدعوى، وأن يكون لديه الفهم الكافي لالتزاماته تجاه المجموعة، وأن يكون ملمّاً بتفاصيل الدعوى والوقائع المتعلقة بها. وأكدت هيئة السوق المالية السعودية، في بيان صحافي سابق، أن مشروع تنظيم الدعوى الجماعية يأتي انسجاماً مع برنامج الهيئة لتحقيق «رؤية المملكة 2030»، الذي يهدف في إحدى مبادراته إلى تطوير وتنفيذ آليات التقاضي وإجراءاته بما ينسجم مع أفضل الممارسات الدولية، وبما يعزز من جاذبية السوق المالية السعودية، ويقلل من مخاطر الاستثمار فيها، بالإضافة إلى دوره في تقليص المدد الزمنية اللازمة للبت في قضايا تعويض المستثمرين بما ييسر عمل اللجان من جهة ويركز جهود المستثمرين من جهة أخرى.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.