ابن كيران يعلن نهاية الخلاف بين قيادات «العدالة والتنمية»

المجلس الوطني للحزب يقرر عقد المؤتمر الثامن في ديسمبر المقبل

ابن كيران يتحدث في المجلس الوطني للعدالة والتنمية السبت («الشرق الأوسط»)
ابن كيران يتحدث في المجلس الوطني للعدالة والتنمية السبت («الشرق الأوسط»)
TT

ابن كيران يعلن نهاية الخلاف بين قيادات «العدالة والتنمية»

ابن كيران يتحدث في المجلس الوطني للعدالة والتنمية السبت («الشرق الأوسط»)
ابن كيران يتحدث في المجلس الوطني للعدالة والتنمية السبت («الشرق الأوسط»)

عكس ما كان يتوقعه كثير من مراقبي الشأن السياسي والحزبي بالمغرب، نجح حزب العدالة والتنمية في اجتياز امتحان عقد دورة استثنائية لمجلسه الوطني (برلمان الحزب)، هو الأول من نوعه بعد تفاقم حدة الصراع والاختلاف بين مؤيدي ومعارضي استمرار عبد الإله ابن كيران أمينا عاما للحزب لولاية ثالثة.
وجرت مياه كثيرة تحت جسر «العدالة والتنمية» منذ إعفاء ابن كيران من تشكيل الحكومة قبل أشهر، الأمر الذي خلّف هزة عنيفة داخل الحزب الذي يقود التحالف الحكومي بالبلاد، وجعل المراقبين يتوقعون استمرار الانقسام داخله أو حتى حدوث انشقاق وشيك داخله.
لكن عبد الإله ابن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية رئيس الحكومة السابق، كذّب كل هذه التكهنات وظهر في كلمته التي ألقاها أمام أعضاء المجلس الوطني أول من أمس السبت والتي نشرت كاملة أمس، حريصا على وحدة الحزب، داعيا إلى تجاوز الخلافات التي برزت بعد إعفائه والاستمرار في العمل والتركيز على المستقبل.
وعد ابن كيران حضوره أشغال دورة المجلس الوطني الاستثنائية «إنجازا وانتصارا على النفس»، مؤكدا أنه فكر في تقديم استقالته من الحزب و«بعث برسالة الاستقالة عندما كان يقضي مناسك العمرة في الديار المقدسة بعد إعفائه من تشكيل الحكومة»، معتبرا أن هذه الدّورة استثنائية جاءت بعد ظروف وصفها بـ«جد صعبة».
وقال رئيس الحكومة السابق إنه «بعد الذي وقع، خطرت ببالي مجموعة من الأفكار، وتساءلت: هل أتخلى وأذهب لأنه ضاق بي الأمر في الحزب ويلحقني إخوان آخرون؟ وقلت سأتحامل على نفسي وأذهب إلى الأمانة العامة». وأردف موضحا «في النهاية، قلت سنتغلب على هذا الوضع ونتوكل على الله، صحيح وقع بيننا خلاف، ولكن الحمد لله كل شيء عاد إلى وضعه الطبيعي واستطعنا أن نتجاوز الوضع»، وذلك في إشارة منه إلى أن الحزب طوى مرحلة الخلافات التي عاشها في الأشهر الأخيرة.
وأضاف ابن كيران «ها نحن نعقد مجلسنا الوطني، وأظن أنه من الواجب علينا جميعا أن نختمه كرجال قادرين على الاستمرار، وعلينا تجاوز الأمر وألا نبقى محصورين في المشكل 14 قرنا، كما علينا أن نستمر للأمام»، مشددا على أنه «ليس من السهل أن نتخلى ونذهب».
وعاد ابن كيران لتوجيه سهام نقده لخصوم حزبه، حيث ذكر في كلمته بمطلب حل حزب العدالة والتنمية الذي رفعه عدد من الأحزاب والقادة السياسيين لعاهل البلاد الملك محمد السادس بعد أحداث 16 مايو (أيار) 2003 الإرهابية بمدينة الدار البيضاء، وهو ما لم يستجب له الملك. وقال «مرت علينا أحداث كادت أن تعصف بنا، وخصومنا لم ينفكوا ولن ينفكوا عن محاربتنا. فلولا أن جلالة الملك لم يرضخ لهذا الطلب، لكان الحزب حل وانتهى»، معتبرا أن «كل المؤامرات التي مرت ضدنا لم تتوقف ولم تنجح منذ سنة 2002».
ولم يفوت رئيس الحكومة السابق في كلمته الفرصة دون الحديث عن مشكل الاحتجاجات التي تعيشها منطقة الريف (شمال البلاد)، مؤكدا أن سبب ما وقع في الحسيمة «هو الشعور بامتهان الكرامة، ولما انتصر حزب واحد باع الوهم للناس ولم يصل إلى شيء، كان التفاعل الذي نعيش نتائجه إلى اليوم، ونتمنى أن تخرج عاقبته على خير»، وهو ما يمثل انتقادا واضحا من ابن كيران لحزب الأصالة والمعاصرة الذي يسير أغلب الجماعات (البلديات) بإقليم الحسيمة، وحمله مسؤولية ما يجري فيها.
وعبر ابن كيران عن اعتزازه بحصيلة الإنجازات التي حققها حزبه في الولاية الحكومية الماضية، وقال: «هي إنجازاتنا، ولن يستطيع أحد أن ينازعنا عليها»، مبرزا أن المواطنين صوّتوا بكثافة للحزب، لأنه شكل بالنسبة لهم أملا، «وجسد وصفة جمعت بين الحفاظ على هوية المجتمع والوفاء للمؤسسات والإصلاح والتعاون مع الملك، لا التنازع».
ولم يخف ابن كيران أن حزبه تلقى ضربة موجعة من خصومه في المرحلة الأخيرة، استهدفت النيل من قيمة الثقة التي كانت تميز العلاقة بين أفراده وقياداته. وقال «لم أسمع من أي أحد من الإخوان أنه يتهم أحدا من إخوانه بالخيانة، ربما هناك تأويلات واجتهادات وهناك أخطاء أو حتى مخالفات»، وذلك في عتاب مخفف منه لرئيس الحكومة ومن معه في تدبير المفاوضات. وأضاف «قلت لكم من البداية من استطاع مساعدة سعد (العثماني) يفعل ومن لم يستطع يسكت، ولم أطلب الشيء الكثير».
وزاد ابن كيران مبينا «سايرت العثماني إلى أن كان سيعلن أغلبيته، وقلت له الآن لا أستطيع أن أكون معك لأنني كنت رافضا انضمام حزب الاتحاد الاشتراكي للحكومة، وحضرت آخر جلسة التي كان فيها الاستوزار وتركتها، ولم أكن أريد الحضور لكن الإخوان طلبوا مني ذلك وقالوا إنه واجب علي، وحضرت وشجعت الإخوان على القيام بمهامهم».
وأشار ابن كيران إلى الخلافات التي ظهرت داخل الحزب والحديث عن الخيانة، مؤكدا «تكلم الناس عن الخيانة فطالبتهم بالدليل. الأمر لا يحتمل الكلام والتأويل»، وأضاف «استقر رأيي بعد ذلك على ما يلي: كان بعض الإخوان يصرون على التدقيق والرجوع إلى التفاصيل، أنا هذا ليس من رأيي ولن نجني من ذلك أي شيء»، قبل أن يردف «هناك شيء اسمه المغرب ونحن اليوم نقوم فيه بدور. هناك عهود ثقيلة مع المواطنين، وربما الإخوان لم يتابعوا جيدا خلال الحملة ماذا كنت أقول للناس». وتابع أن «الكلام الذي كنت أقوله ثقيل، وأحيانا كنت أندم أنّني أذهب إلى هذه الدرجة في الكلام، لكن ليس لي الحق في التراجع هناك عهود ومواثيق بيننا وبين الناس وبين جلالة الملك ينبغي أن نفي بها».
واعتبر العديد من أعضاء المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الذين حضروا أشغال الدورة المغلقة، في اتصالات مع «الشرق الأوسط»، أن كلمة ابن كيران لعبت دورا مهما في إنجاح دورة المجلس، وتهدئة النفوس، وتوجيه النقاش العام، وتغليب روح التوافق والانتصار لوحدة الحزب، مشددين على أنه خيب آمال من سموهم «خصوم الذين كانوا يراهنون على تفجير الحزب وتعميق الخلاف بين قياداته وأعضائه».
تجدر الإشارة إلى أن المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، صادق في دورته الاستثنائية على انعقاد المؤتمر الوطني الثامن يومي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، حيث يرتقب أن يعرف مشاركة 1500 مؤتمر يمثلون فروعه بمدن ومحافظات المملكة، بالإضافة إلى 60 مندوبا عن تمثيليات الحزب خارج البلاد.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».