روسيا تتحدث عن «تصحيح» في موقف المعارضة من استقالة الأسد «فوراً»

معارضون يعتبرون أن لا جدوى من «جنيف 8» إلا بضمان الانتقال السياسي... ويتهمون دي ميستورا بالتسويف

TT

روسيا تتحدث عن «تصحيح» في موقف المعارضة من استقالة الأسد «فوراً»

اتهمت المعارضة السورية، أمس، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا بـ«اعتماد التسويف، وشراء الوقت من خلال إدارته لجولات المفاوضات التي تحصل في جنيف، التي لم تؤد إلى أي نتيجة»، وأكدت أن «لا جدوى من المشاركة بمحادثات جنيف 8، ما لم تكن هناك أجندة واضحة، تضمن الانتقال السياسي في سوريا».
وصدر هذا الموقف في وقت قال أليكسي بورودافكين مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف، للصحافيين أمس السبت إن أمام المحادثات السورية التي ترعاها المنظمة الدولية فرصة لتحقيق تقدم؛ لأن مطالب إطاحة رئيس النظام السوري بشار الأسد تراجعت. وأضاف أن الجولة السابعة من مفاوضات جنيف التي انتهت الجمعة تمخضت عن نتائج إيجابية ولا سيما في «تصحيح» نهج وفد «الهيئة العليا للمفاوضات»، وهي تكتل المعارضة الرئيسي. وقال: «جوهر هذا التصحيح هو أنه خلال هذه الجولة لم تطالب المعارضة قط باستقالة الرئيس بشار الأسد والحكومة السورية الشرعية فوراً». وأضاف أن «الهيئة العليا للمفاوضات» أدركت أن السلام يجب أن يحل أولاً، وبعدها يمكن التفاوض على إصلاحات سياسية.
وكانت «هيئة المفاوضات» تطالب دوماً برحيل الأسد، وهو ما قوبل برفض قاطع من روسيا التي ينظر لها على نطاق واسع على أنها تحافظ على توازن القوى في سوريا بسبب تدخلها العسكري وتحالفها مع رئيس النظام السوري.
وقال بورودافكين إن نجاح وفد موحد ممثل للمعارضة سيعتمد على استعداده للتوصل إلى حلول وسط مع فريق الأسد. وتابع قائلاً: «إذا كانوا مستعدين لإبرام اتفاقات مع وفد الحكومة هذا أمر أساسي. أما إذا انزلقوا مجدداً... لتحذيرات وشروط مسبقة ليست واقعية فهذا لن ينجح. بل سيقود المفاوضات، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة إلى طريق مسدود»، بحسب ما أوردت «رويترز».
ودعا المندوب الروسي أيضاً إلى تمثيل أوسع في المعارضة، مشيراً إلى الأكراد كمثال واضح في هذا الصدد، مضيفاً أنهم مواطنون سوريون لهم نفوذهم السياسي والعسكري. لكنه قال إن الأمر يعود إلى دي ميستورا ليقرر كيفية وتوقيت إشراكهم في العملية السياسية.
في سياق متصل، رحّب المندوب الروسي في جنيف بتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال مؤتمره الصحافي المشترك مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي قال فيها إن «فرنسا غيّرت عقيدتها بالنسبة لسوريا. ومهمتنا المبدئية استئصال المجموعات الإرهابية، أيا كانت». وكان ماكرون قد قال في وقت سابق، إن رحيل الأسد لم يعد شرطا بالنسبة إلى فرنسا. وفي تعليقه على تلك التصريحات الفرنسية، قال بورودافكين إنه «من المهم في هذه المبادرة أن فرنسا لم تعد تطالب برحيل الأسد الفوري، هذا تغيّر جذري» في الموقف الفرنسي. وتشعر موسكو بمزيد من الارتياح في ظل توجه مزيد من اللاعبين الدوليين الكبار إلى اعتماد أولوية «التصدي للإرهاب» في سوريا، وبالمقابل الابتعاد عن المطالبة برحيل الأسد، ذلك أن موسكو تدعو منذ عام 2015 بصورة خاصة إلى حشد الجهود الدولية لتسوية الأزمة السورية، وتتمسك دوما بضرورة التصدي للإرهاب أولاً.
وكان دي ميستورا دعا في ختام الجولة السابعة من مفاوضات السلام في جنيف أول من أمس، إلى جولة مفاوضات ثامنة خلال سبتمبر (أيلول) المقبل، وأوضح أن «بعض التقدم تحقق، حيث لا اختراق ولا انهيار ولم يرحل أحد». وأشار إلى أنه «سيدفع باتجاه مفاوضات مباشرة بين دمشق والمعارضة في الجولة المقبلة من المحادثات». وأعلن أنه طلب من كل الأطراف بما في ذلك النظام السوري «الاستعداد لمناقشة مسألة الانتقال السياسي الأساسية». وقال المبعوث الأممي: «لم أجد أي مؤشر يدل على أن النظام السوري مستعد لمناقشة تشكيل حكومة جديدة، لكننا نأمل في أن تسمح ضغوط دولية في السير في هذا الاتجاه».
ورأى سفير «الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة» لدى دول مجلس التعاون الخليجي أديب شيشكلي أن «دعوة دي ميستورا إلى جولة مفاوضات جديدة ليست إلا تسويفاً جديداً وشراء للوقت». وسأل: «منذ جنيف 1، أين كان وضع الثورة وأين أصبح الآن؟».
وأكد شيشكلي لـ«الشرق الأوسط» أن «مفاوضات جنيف، لم تكن إلا وسيلة للالتفاف على الانتصارات التي حققتها الثورة، وإفساحاً في المجال أمام النظام وحلفائه لسيطرة أكبر على الأرض». وقال: «عن أي انتقال سياسي يتحدث دي ميستورا؟، وأي دستور؟»، موضحاً أن «الشعب السوري لم ينتفض ضدّ نظام الأسد من أجل تغيير الدستور، بل من أجل تغيير النظام، والمفارقة أنهم يتحدثون (الأمم المتحدة) عن كل شيء ما عدا الانتقال السياسي».
ولم يتمكن دي ميستورا على مدى 5 أيام من المفاوضات الأخيرة، من تقريب وجهات النظر بين وفد «الهيئة العليا للمفاوضات» (المعارضة) ووفد النظام السوري حول مسألتي مكافحة الإرهاب والانتقال السياسي. وقدّم المبعوث الدولي فهمه لمكافحة الإرهاب، قائلاً إن الأمر «يتعلق فقط بالجماعات التي حددها مجلس الأمن الدولي كجماعات إرهابية، وإن ذلك يجب أن يتم وفق القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان».
وتريد «الهيئة العليا للمفاوضات»، التي تمثل المعارضة الرئيسية، التركيز على الانتقال السياسي وهذا يعني في رأيها إنهاء حكم الأسد. وأوضح دي ميستورا، في هذا الإطار، أن «مفاوضي الأسد لم يعطوا أي مؤشر على أنهم مستعدون لمناقشة الانتقال». وقال إن «أفضل ضمان ضد الإرهاب هو التوصل لاتفاق سياسي، عبر عملية انتقالية تقودها الأمم المتحدة».
من جهته، قال نصر الحريري، رئيس الوفد المعارض إلى مفاوضات جنيف، إن «المعارضة قدمت تفاصيل رؤيتها السياسية، حول الانتقال السياسي، الذي يعني في نظر المعارضة رحيل بشار الأسد». واتهم وفد النظام بـ«تجاهل هذا الموضوع عمداً». وشدد على أن «الانتقال السياسي هو الطريقة الوحيدة لمحاربة الإرهاب».
وتتزايد الحركة الاعتراضية داخل «الائتلاف» السوري، حيال المشاركة في المفاوضات، من دون جدول أعمال واضح، وممارسة ضغط دولي على النظام للقبول بالحلّ السياسي. وأكد أديب شيشكلي أن كلام المبعوث الدولي عن عملية انتقال سياسية تقودها الأمم المتحدة «ليس إلا محاولة إغراء للمعارضة حتى تشارك بالمفاوضات في سبتمبر (أيلول) المقبل»، معتبراً أن «لا جدوى من ذهاب المعارضة إلى جنيف 8 إلا بأجندة واحدة وواضحة مختلفة عن جداول الحوارات السابقة». وأضاف: «إذا لم تضمن الأمم المتحدة الانتقال السياسي، فلا داعي للمشاركة في أي مفاوضات مقبلة».
وبدأت مباحثات جنيف بإشراف دي ميستورا في 2016، لكنها لم تحقق نتائج تذكر منذ ذلك الحين. وفي بداية 2017، تم الاتفاق على تحديد النقاط التي سيتم بحثها في المفاوضات، وهي مكافحة الإرهاب والدستور والحوكمة وتنظيم انتخابات.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.