ابن كيران: لم تحزني مغادرة رئاسة الحكومة

قال إن «العدالة والتنمية» مثّل للشعب أملاً في التغيير

TT

ابن كيران: لم تحزني مغادرة رئاسة الحكومة

وضع عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية الذي يقود الائتلاف الحكومي بالمغرب، أمس، أمام أعضاء حزبه خمسة شروط كفيلة بتجاوز «الزلزال» الذي ضرب الحزب، وهي التشبث بالحرية، واستقلالية القرار، والديمقراطية الداخلية، والثقة والمرجعية الإسلامية.
كما أجمع قياديو «العدالة والتنمية» على ضرورة صيانة التماسك الداخلي للحزب لتجاوز الوضعية الصعبة التي يعيشها منذ إعفاء أمينه العام من رئاسة الحكومة، وتعيين سعد الدين العثماني خلفاً له.
جاء ذلك خلال انعقاد الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للحزب (برلمان الحزب) أمس بالرباط، وهي حسب مراقبين أول محطة اختبار يمر منها الحزب بعد الدورة الاستثنائية الأخيرة للمجلس، التي كان الحزب قد دعا إليها عقب قرار الملك محمد السادس إعفاء ابن كيران من تشكيل الحكومة، والتي قرر خلالها قواعد الحزب التجاوب مع قيادته بشأن الموافقة على اختيار شخصية أخرى بديلة قبل أن تؤثر تنازلات العثماني إبان مفاوضات تشكيل الحكومة على المسار السياسي التصاعدي الذي بناه الحزب في عهد ابن كيران، والذي أضحى مهدداً في الوقت الراهن.
وفي هذا السياق، أقر ابن كيران أمس خلال تقديم عرضه السياسي أمام المجلس بأن «هذه الدورة جاءت في ظروف جد صعبة بالنسبة لي شخصيّاً، وبالنسبة لأعضاء الحزب والمتعاطفين معه»، مضيفاً أن «مجرد انعقاد هذا المجلس وحضوري فيه هو أمر إيجابي جدّاً وانتصار على أنفسنا».
وللتذكير بمكانة الحزب داخل المشهد السياسي المغربي، قال ابن كيران إن «الشعب صوَّتَ لحزب العدالة والتنمية، مواطنين صغاراً وكباراً ويساريين وغيرهم، لأن الحزب مثل للشعب بأن الأمل في التغيير ممكن، باعتباره وصفة جمعت بين الحفاظ على هوية المجتمع، والوفاء لمؤسساته وثوابته، وبين منطق التعاون، وفي نفس الوقت النزاهة والشفافية والديمقراطية الداخلية».
وذكر ابن كيران بأن حزبه دخل السياسية لحل مشكلات البلاد، وليس للبقاء في المواقع أو الحكومة، وقال بهذا الخصوص: «حين دخلت الحكومة قلت إني مستعد للبقاء، ولكني مستعد أيضاً للرحيل، وكان هذا واحداً من مصادر قوتنا».
ووضع ابن كيران أمس أمام أعضاء حزبه خمسة شروط كفيلة بتجاوز «الزلزال» الذي ضرب الحزب، وهي التشبث بالحرية واستقلالية القرار، والديمقراطية الداخلية والثقة، والمرجعية الإسلامية، وأضاف موضحاً: «لقد أفزعتني محاولة أحد الإخوة النيل من هذه الحرية داخل الحزب، أكثر مما أحزنني ذهاب رئاسة الحكومة»، لافتاً في المقابل إلى أن «الحرية يجب أن تكون وتمارس بمسؤولية»، وذلك في إشارة إلى الأصوات المعارضة داخل الحزب من القياديين، الذين باتوا ينتقدون التوجه العام الذي مضى فيه الحزب منذ تولي العثماني رئاسة الحكومة، والذي طالب البعض بإسكاتها.
أما بشأن استقلالية القرار الحزبي، فقال ابن كيران إن حزبه كان دائماً حريصاً عليها، وهي ثاني شروط الخروج من الأزمة، من وجهة نظره، ثم الشرط الثالث وهو «الحرص على الديمقراطية الداخلية»، وقال مخاطباً أعضاء المجلس الوطني بهذا الشأن إن «المجتمع يراقبكم ويتابعكم». كما نبَّه ابن كيران أعضاء حزبه إلى أن تلك الشروط تصب جميعاً في اتجاه الشرط الأول والأساس، وهو المرجعية الإسلامية.
بدوره لم يخف سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني للحزب، أن «الحزب تقع عليه مسؤولية تاريخية بحكم موقعه في الحكومة، تستدعي درجة عالية من اليقظة ومن الرشد، ومن استشراف المستقبل ودرجة عالية من التماسك الداخلي». كما لم يتردد في اتهام جهات كثيرة لم يسمها «تشتغل ضد الحزب من مواقع متعددة، سواء من موقع المنافسة السياسية أو من موقع معاكسة الأفق الإصلاحي للحزب»، أما أدوات اشتغال هذه الجهات فهي «مرة بالتشويش، ومرة بالقصف الإعلامي، ومرة بأدوات أخرى».
وأكد العثماني أيضاً خلال افتتاح دورة المجلس أمس أن «الوعي بالمرحلة ومتطلباتها وصعوباتها هو شرط الاستمرار في مجال الإصلاح»، مشدداً على أنه «ليس هناك من خيار أمامنا، إلا أن نعمل صفّاً واحداً متراصين متكتلين محافظين على وحدة الحزب وعلى تماسكه، وبهذا يمكن أن يستمر الحزب حالاً ومستقبلاً في دوره الإصلاحي».
من جهته، أقر مصطفى الخلفي عضو الأمانة العام للحزب، الذي يشغل منصب الوزير المنتدب المكلف العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والناطق الرسمي باسم الحكومة، بأنه «لا يمكن أن ننكر أن هناك اختلافات في وجهات النظر داخل الحزب، لكن الحزب بديمقراطيته الداخلية، وبتراكمه التنظيمي قادر على استيعاب هذا التباين بما يحفظ للحزب وحدته وقوته وتماسكه».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».