الجزائر: هيئة حقوقية تنتقد ضعف تجاوب السلطات مع شكاوى خرق حقوق الإنسان

TT

الجزائر: هيئة حقوقية تنتقد ضعف تجاوب السلطات مع شكاوى خرق حقوق الإنسان

أفادت هيئة حقوقية جزائرية قريبة من الحكومة، تم حلها قبل شهرين، أن تعاطي السلطات إيجابيا مع آلاف العرائض والشكاوى التي تخص خرق حقوق الإنسان، التي رفعتها إليها خلال الـ15 سنة الماضية، لم يتعد 16 في المائة، وقالت إن ضحايا الاختفاءات القسرية في تسعينات القرن الماضي، المنسوبة لقوات الأمن، هم الفئة الأكبر من حيث مطالبة السلطات بالاقتصاص من مرتكبي التجاوزات.
وأصدرت «اللجنة الاستشارية لحماية حقوق الإنسان» أمس تقريرا مفصلا، يحصي كل نشاطها منذ تأسيسها عام 2002 إلى غاية حلها قبل شهرين بقرار من الحكومة، وذلك إثر استخلافها بـ«المجلس الوطني لحقوق الإنسان» الذي استحدثه التعديل الدستوري الذي جرى في 7 من فبراير (شباط) 2016.
وأفادت «اللجنة»، التي ترأسها المحامي المعروف فاروق قسنطيني، أنها سلمت إلى رئاسة الجمهورية 21332 عريضة مرتبطة بحقوق أساسية للمواطنين، كالشغل والسكن وأخرى تتعلق بالسجن لفترات طويلة من دون محاكمة، وعدم تجاوب المحاكم مع شكاوى أشخاص ضد قوات الأمن، متصلة بفترة الصراع مع الإرهاب، وبخاصة أهالي «المفقودين» الإسلاميين، الذين اختطفوا في تسعينات القرن الماضي، ولا يعرف مصيرهم إلى يومنا.
وأوضح التقرير أن عدد ردود الجهات المعنية بهذه الشكاوى لم يتجاوز 3322، مشيرا إلى أن القضايا التي تناولتها العرائض تضمنت أيضا شكاوى من عسكريين سابقين، تعرضوا لإصابات خطيرة أثناء الحرب الأهلية، والذين يتهمون السلطات بحرمانهم من التعويض وبالتخلي عنهم. كما تضمنت شكاوى مشابهة لمدنيين سلحتهم السلطات في إطار الحرب على الإرهاب، يسمون «عناصر الدفاع الذاتي».
وأضاف التقرير أن الهيئة الحقوقية رفعت إلى السلطات 651 عريضة لضحايا الإرهاب و554 عريضة لـ«تائبين عن الإرهاب»، يشتكون إقصاءهم من المشاركة في الحياة السياسية، و88 عريضة متعلقة بالأجانب واللاجئين والمهاجرين السريين في الجزائر. ويكشف ضعف تجاوب الأجهزة الرسمية مع العرائض الحقوقية، بحسب متتبعين، زيف الخطاب الحكومي بشأن «المتابعة الدقيقة لكل التجاوزات الخاصة بحقوق الإنسان»، وبأن السلطات مهتمة بتحسين وتطوير حقوق الإنسان في البلاد.
وكان رئيس «اللجنة» شديد الانتقاد تجاه الحكومة، وبخاصة ضد مرفق القضاء الذي اتهمه دائما بـ«الخضوع لإملاءات المسؤولين بالدولة»، وتسبب ذلك في ملاسنات حادة بينه وبين نقابة القضاة.
أما «المجلس» الجديد، فيبدو حسب تركيبته البشرية، بأن هامش استقلاله عن الحكومة ضيق. وتترأسه القاضية فافا سيد لخضر، المعروفة بتحفظها الشديد إزاء كل ما ينتقد الحكومة، وخاصة رئيس الجمهورية والهيئات النظامية، ما يعني أن أي اتهامات بخرق حقوق الإنسان تطال الجيش أو الشرطة سوف لن تتعامل معها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».