ملف «الجزيرة» وعلاقتها بالتطرف أمام اجتماع وزراء الإعلام العرب

وزير الإعلام السعودي: مكافحة الإرهاب لن تنجح في حال هناك من يدعو له ويغذيه

الدورة الثامنة والاربعون لمجلس وزراء الاعلام العرب
الدورة الثامنة والاربعون لمجلس وزراء الاعلام العرب
TT

ملف «الجزيرة» وعلاقتها بالتطرف أمام اجتماع وزراء الإعلام العرب

الدورة الثامنة والاربعون لمجلس وزراء الاعلام العرب
الدورة الثامنة والاربعون لمجلس وزراء الاعلام العرب

خيّمت الأزمة مع قطر على أعمال اجتماعات الدورة الـ48 لوزراء الإعلام العرب في القاهرة أمس، فيما هاجم وزيرا الإعلام السعودي والبحريني بقوة ما تقوم به قطر عبر قناة «الجزيرة» من «بث للإشاعات والتطاول على كل الدول العربية والإسلامية ومؤسساتها».
وأعرب وزراء إعلام عرب عن استيائهم من سياسة القناة، وأخذوا عليها «ما تقوم به من تحريض ودعم التنظيمات المتطرفة وتقديمهم (المتطرفين) بوصفهم أبطالاً». وشدد الاجتماع على أهمية تصحيح المسار الإعلامي من خلال بث رسائل تحافظ على أمن المنطقة واستقرارها وفق رؤية استراتيجية واضحة، وإدانة كل وسائل الإعلام التي تدعم الإرهاب. وقال عواد العواد، وزير الثقافة والإعلام السعودي، في كلمته، إنه لا يمكن أن تنجح جهود مكافحة الإرهاب فيما هناك من يدعو له ويغذيه ويرعاه و«يعرّض أمننا وأمن منطقتنا للخطر»، مضيفاً أن «(الجزيرة) قناة تطبيل لقطر، وتهاجم الآخرين بكل ما أوتيت من وسيلة». وقال: «إذا تحدثت قناة (الجزيرة) عن أنها منبر للرأي والرأي الآخر، فإننا لم نسمع أن قناة (الجزيرة) توجهت بالنقد لأي وسيلة إعلامية في قطر أو أي قرار اتخذته قيادتها»، داعياً الدوحة إلى أن «تكف عن دعم الإرهاب وتمويله وتمويل وسائل الإعلام التي تروّج له». وقال إن «(الجزيرة) قناة للشر وزرع الفتنة ودعم الإرهاب والخراب والتلاعب بقيم إعلامية لخدمة الأجندة العدائية للحياة والسلام».
وأكد العواد أن «دولة قطر تبادر في شق الصف العربي وتبث الفتنة عبر ذراعها الإعلامية قناة (الجزيرة)، وهو ما يتطلب وقفة جادة لإنهاء هذا العمل الإجرامي». وشدد على ضرورة أن تتوقف وسائل الإعلام أياً كانت؛ سواء في قطر أو خارجها، عن استضافة الإرهابيين والترويج لهم ونشر فكرهم وتقديمهم على أنهم أبطال و«هم في الحقيقة مجرمون قتلوا الأبرياء من دون سبب»، داعياً الدوحة إلى أن تكف عن الدعوة إلى العنف والتطرف والتدخل في شؤون الغير.
من جهته، استنكر وزير الإعلام البحريني علي بن محمد الرميحي، هجوم القناة القطرية على «الجيش المصري الذي قدّم كثيراً من التضحيات دفاعاً عن الوطن العربي». وقال إن الدول العربية مستهدفة في أوطانها، مشيراً إلى أن من يستهدف المملكة العربية السعودية «فلا شك يستهدفنا في عقيدتنا وعروبتنا». وتساءل: «أي إعلام حر يستهدف الإمارات العربية المتحدة صاحبة التجربة الاقتصادية العالمية التي نفتخر بها نحن كعرب، والتي قدمت كثيراً من التضحيات خدمة للقضايا العربية والإسلامية؟!».
وأضاف وزير الإعلام البحريني في كلمته أن قناة «الجزيرة» القطرية لم تلتزم بأخلاقيات العمل الإعلامي، مؤكداً أن هناك قنوات ووسائل إعلام خرجت من المنطقة تبث التطرف والفتنة، وتنحاز لمنظمات إرهابية. وانتقد ما وصفها بـ«قنوات الفتنة» المملوكة لإيران التي تسعى بشكل ممنهج إلى استهداف الأمن والاستقرار وترويج الإشاعات والأكاذيب. وقال: «خلط الأوراق لن يحمي الأمن القومي العربي الذي يتطلب منا الوقوف بحزم، وليست هناك حرية مطلقة حتى في الغرب الذي يجده البعض مثالاً». وأضاف: «(الجزيرة) القطرية لم تلتزم بأي أخلاقيات للعمل الإعلامي، وبدأت في التطاول على الجميع بلا استثناء، إلا مُلاّكها، وقامت بالترويج للإرهاب ورموزه في مناسبات كثيرة».
في المقابل، طلب سيف بن مقدم البوعينين، مندوب قطر لدى جامعة الدول العربية، التعقيب على كلمة وزير الإعلام السعودي، إلا أن رئيس وفد الإعلام التونسي الذي تترأس بلاده أعمال الدورة، رفض إعطاءه الكلمة قائلاً: «مع كل الاحترام والتقدير؛ هناك قائمة وترتيب للتدخلات. أخذت حظك في الكلمة، وهناك تسجيل لكلمات للسادة رؤساء الوفود. نكمل بقية الكلمات، فهناك ترتيب للتدخلات من فضلك».
وكان مندوب قطر قد سبق أن رد على وزير الإعلام البحريني بكلمة قال فيها إن «قناة (الجزيرة) هي للرأي والرأي الآخر... وتنقل الحقيقة، لكن الدول العربية تخشى من الحقائق».
وقبل بداية الاجتماع، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وزراء الإعلام العرب، وأكد على أهمية الدور الذي يقوم به الإعلام في «تشكيل الوعي الحقيقي للشعوب العربية التي تواجهها تحديات وتهديدات، لا سيما في ضوء الظروف الإقليمية غير المسبوقة التي تمر بها المنطقة، وانتشار خطر الإرهاب وتهديد كيان الدولة الوطنية ذاته».
وأكد السيسي عدم تراجع مصر عن موقفها الرافض لدعم الإرهاب وتمويله، مشيراً إلى أنه لا توجد حلول وسط فيما يتعلق بأرواح الأبرياء والحفاظ على مقدرات الشعوب. كما أكد أن «مصر تحرص، كمبدأ ثابت في سياستها الخارجية، على عدم التدخل في شؤون الدول، وعلى عدم التآمر أو الإضرار بأحد، لا سيما دول الجوار».
وقدم الوزراء مذكرة لتطوير العمل الإعلامي على المستوى العربي؛ تتضمن تفعيل ميثاق الشرف الإعلامي العربي بحيث تتم مراعاة الضوابط المهنية والأخلاقية في العمل الإعلامي، وكذلك تشكيل لجنة وزارية مصغرة من وزراء الإعلام العرب لتفعيل الاستراتيجية الإعلامية لمواجهة الإرهاب؛ بحيث يقوم الإعلام بنقل «الصورة الحقيقية والكاملة للمواطن العربي بموضوعية ومسؤولية».
كما عقد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط جلسة مباحثات مع وزراء الإعلام العرب، طالبهم فيها بأن «يشكل الإعلام جسر ترابط بين الوطن والمواطن لتشكيل رؤيته لما يجري حوله من أحداث وظواهر». وانتقد بعض القنوات الإعلامية التي «تحولت من منابر للتنوير إلى منصات للتخريب ولبث سموم التجريح والتحريض»، وطالب برفض هذه الرسائل وإدانتها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».