تنظيم حقوقي ينتقد تقييد الحريات في الجزائر

TT

تنظيم حقوقي ينتقد تقييد الحريات في الجزائر

انتقد أهم تنظيم حقوقي مستقل عن الحكومة في الجزائر «تقييد الحريات في البلاد»، وطالب السلطات بالإفراج عن صحافي سجين منذ أكثر من شهر، اتهم بـ«التخابر والجوسسة لمصلحة جهات أجنبية». فيما تفيد أنباء بأن الضابط العسكري الكبير قايد صالح هو من يقف وراء سجنه.
وأصدرت «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، أمس تقريرا حادا يخص أوضاع الحقوق والحريات، تضمن دعوة السلطات إلى «التوقف عن الانتهاكات عن طريق وضع تشريع يتلاءم مع الدستور المعدل سنة 2016 والذي نص على احترام حقوق الإنسان، وحماية شاملة لجميع الحريات المضمونة دستوريا، والمتوافقة مع التزامات الجزائر الدولية».
وجاء في التقرير أن الحكومة «مطالبة بالتوقف فورا عن المتابعات القضائية ضد الطائفة الأحمدية، مع إطلاق سراح بعض من اعتقلوا من هذه الطائفة، الذين تمت إدانتهم بسبب ممارستهم حقهم في العبادة، بالرغم من أن الدستور والاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف الجزائر تضمن حرية المعتقد». وصرح وزير الشؤون الدينية محمد عيسى مؤخرا بأن متابعة «أحمديين» وسجنهم، كان بسبب مخالفتهم القوانين بخصوص بناء مقرات للعبادة وجمع تبرعات من دون رخصة.
وعبر التنظيم الحقوقي، الذي يرأسه المحامي نور الدين بن يسعد، عن ارتياحه لاستعادة الناشط السياسي الأمازيغي كمال الدين فخار، بعد أن استنفد عقوبة 3 سنوات سجنا، لاتهامه بـ«التحريض على الفتنة العرقية بغرداية»، وهي أحداث جرت منذ سنوات بجنوب البلاد وجمعت «ميزابيين» ناطقين بالبربرية و«شعانبة» ناطقين بالعربية.
ودعت «الرابطة» إلى الإفراج عن سعيد شيتور، وهو صحافي مراسل وسائل إعلام إنجليزية في الجزائر، «بسبب تدهور حالته الصحية، ونذكر القضاة بأن الأصل هو الإفراج والاستثناء هو الحبس الاحتياطي، وأن الصحافي يحوز على كافة الشروط المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية من أجل تمكينه من الإفراج».
ويواجه شيتور عقوبة السجن مدى الحياة بسبب طبيعة التهمة، ويظل هذا الملف غامضا إذا لا توجد جهة واضحة تتهمه، بحسب المحامي خالد بورايو المدافع عن الصحافي، الذي تحدثت إليه «الشرق الأوسط». فيما قال شقيق شيتور لصحافيين إن الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، هو من أمر بسجنه بذريعة أنه قال عنه في دردشة مع دبلوماسيين أجانب مقيمين بالجزائر، إنه «يعاني من مرض خطير»، وإن «لديه رغبة في خلافة الرئيس بوتفليقة في الحكم».
وأضاف التقرير موضحا: «نطالب السلطات بتطبيق مختلف القوانين العضوية المتعلقة بالحريات المنصوص عليها دستوريا، خاصة منها ما يتعلق بالقوانين العضوية للقضاء والمجلس الأعلى للقضاء، والتي في حالة ما إذا كانت متطابقة مع العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية والمصادق عليه من طرف بلدنا، ومختلف القرارات والتوصيات الصادرة عن الأمم المتحدة والمتعلقة باستقلال القضاء، سيتحقق المبدأ الصحيح لاستقلال السلطة القضائية في الجزائر، وسيستفيد القاضي من حماية تضمن استقلاله عن وزير العدل».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».