دراسة ألمانية: المتطرفون لا يفهمون أصول الدين

وزير العدل يدعو إلى إنشاء قاعدة بيانات أوروبية للمتشددين

دراسة ألمانية: المتطرفون لا يفهمون أصول الدين
TT

دراسة ألمانية: المتطرفون لا يفهمون أصول الدين

دراسة ألمانية: المتطرفون لا يفهمون أصول الدين

بعد أعمال العنف التي شهدتها مدينة هامبورغ إبان انعقاد قمة العشرين في نهاية الأسبوع الماضي، طالب وزير العدل الألماني هايكو ماس بقاعدة بيانات أوروبية عن المتطرفين. وقال الوزير، من الحزب الديمقراطي الاشتراكي، يوم أمس الاثنين إن أوروبا لا تمتلك قاعدة بيانات شاملة حول التشدد، وهذا ما كشفته قمة العشرين في هامبورغ. وأكد ماس، في مقابلة مع صحيفة «بيلد» الواسعة الانتشار، أن عدداً كبيراً من المتطرفين جاءوا إلى هامبورغ من الخارج، ولهذا فإن أوروبا بحاجة إلى قاعدة بيانات توضع تحت تصرف الجميع. ويمكن للسلطات في كل بلد أوروبي، في ضوء هذه البيانات، منع المتطرفين من دخول البلد.
وقال ماس إن المتطرفين اليساريين ارتكبوا جرائم وصل بعضها حد محاولة القتل، وعبر عن قناعته بضرورة أن لا تعقد القمم في مدن كبيرة مستقبلاً. وأشار أيضا إلى توظيف المزيد من المال في مراقبة المتطرفين، وطالب بردود فعل اجتماعية مناهضة للتطرف. وضرب مثلاً على ذلك في المظاهرات الكبيرة التي تتصدى لحفلات موسيقى الروك النازية، ودعا إلى حفلات روك ضد اليسار المتطرف.
من ناحيته، أكد وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير أن الأشخاص الذين قاموا بأعمال العنف التي شهدتها قمة مجموعة العشرين «جي20» بمدينة هامبورغ لم يكن لديهم أي دافع سياسي، وأشار إلى أنهم يضاهون النازيين الجدد والإرهابيين الإسلاميين.
وقال دي ميزير في العاصمة برلين أمس: «لم يكونوا متظاهرين. كانوا فوضويين مجرمين»، لافتاً إلى أنهم هاجموا أشخاصاَ وممتلكات وسلبوها أيضاً وأشعلوا حرائق متعمدة.
وتابع الوزير الاتحادي قائلاً: «لا يمكن لفوضويين من ألمانيا وأوروبا على الإطلاق استغلال شعارات سياسية لصالحهم». وأشار إلى أن هؤلاء الأشخاص هم ناشطون ومناهضون لمجموعة العشرين مثلما تم وصفهم دائماً من جانب المعسكر السياسي اليساري. وقال دي ميزير: «إنهم متطرفون يقومون بأعمال عنف ويستحقون التحقير، تماماً مثل النازيين الجدد والإرهابيين». وتوقع الوزير أن يصدر القضاء أحكاماً صارمة بالنسبة لمن تم اعتقالهم بتهمة ارتكاب أعمال عنف شديدة خلال القمة. وأكد الوزير الاتحادي أنه سيتم الاستمرار في إقامة مثل هذه القمم في مدن كبرى، وقال: «أي شيء آخر سيكون بمثابة استسلام من جانب سيادة القانون». وكانت الجملة الأخيرة رداً مباشرا على وزير العدل الاتحادي هايكو ماس، الذي دعا إلى عدم عقد القمم في المدن الكبرى. وتعرضت تصريحات الوزير ماس إلى نقد شديد من قبل وزيرة العدل السابقة زابينة لويتهويزر - شنارنبيرغر من الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) أيضاً. وقالت الوزيرة السابقة إن قمم العشرين ينبغي أن تعقد في المدن الكبيرة بلا تحفظ، وأضافت أن الخيار لن يكون أفضل لو أن الفوضويين في هامبورغ نجحوا في قسر الرؤساء العشرين على الاجتماع فقط في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
في هذه الأثناء، تحولت قمة العشرين في هامبورغ، إلى موضوع خلافي داخل التحالف الحاكم ببرلين بين الحزب الديمقراطي الاشتراكي والاتحاد المسيحي بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل. وطالب الكثير من النواب المسيحيين والليبراليين باستقالة عمدة هامبورغ أولاف شولتز (من الحزب الديمقراطي الاشتراكي) من منصبه. واتهمت المعارضة الهامبورغية حكومة هامبورغ بالفشل في مواجهة عنف اليساريين المتطرفين، وبالتغاضي عن نشاطهم.
ووصف توماس شتروبل، وزير داخلية ولاية بادن فورتمبيرغ من الحزب الديمقراطي المسيحي، قمة العشرين في هامبورغ بأنها «قمة العنف». وقال شتروبل لصحيفة «شتوتغارتر ناخرشتن» إن التغاضي لسنوات طويلة عن الذين يخرقون القانون، باسم ليبرالية خاطئة، كشف عن نفسه في هامبورغ. وشاركه في هذا الرأي شتيفان ماير المتحدث باسم الكتلة المسيحية في البرلمان الألماني، والنائبة ايفا هوغل من نفس الحزب في تصريحها لصحيفة «راينشه بوست».
وقال كريستيان لندنر، رئيس الحزب الليبرالي، لصحيفة «بيلد» إنه جرى التقليل من شأن التطرف اليساري لفترة طويلة. وطالب لندنر الحزب الاشتراكي وحزبي الخضر واليسار، الذين يشكلون التحالف الحاكم في ولاية هامبورغ، بالكف عن سياسة «التسامح» الخاطئة.
وقررت شرطة مدينة هامبورغ أمس تشكيل لجنة تحقيق خاصة في أعمال العنف التي أسفرت عن إصابة نحو 500 شرطي وأدت إلى اعتقال عدة مئات من الفوضويين. وكانت شرطة هامبورغ صنفت المشاركين في أعمال العنف، الذين اصطدموا مع رجال الشرطة، في ثلاث مجموعات. وتتألف المجموعة الأولى من اليساريين الفوضويين المحليين (الأوتونومز)، وتتألف الثانية من «السياح المتطرفين» الذين وفدوا من البلدان الأوروبية القريبة، والمجموعة الثالثة التي شكلها «غاوون» آنيون ساهموا في أعمال العنف واللصوصية والتخريب. ومعروف أن وزارات الداخلية الأوروبية تمتلك قاعدة بيانات عريضة حول «هوليغانز» كرة القدم. وتمكنت السلطات أثناء مباريات كأس أوروبا وكأس العالم لكرة القدم من فرض الإقامة الجبرية على بعض المشاغبين الخطرين، كما نجحت في منع الآخرين من دخول البلدان المنظمة للدورات الرياضية.
على صعيد التطرف الإسلامي، توصلت دراسة جامعية إلى أن المسلمين الشباب الذين ينضمون إلى المجموعات الإسلامية المتطرفة المستعدة لممارسة العنف لا يفهمون في الدين الإسلامي. اعتمد الباحثون من جامعتي اوسنابروك وبيلفيلد، وكلتاهما في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، على البيانات المستمدة من التطبيقات التي يستخدمها المسلمون الشباب في ألمانيا في اتصالاتهم مع المجاميع الإسلامية المتطرفة. وظهر من تحليل هذه البيانات أن المنجذبين للدعاية المتطرفة ليسوا من مرتادي المساجد المنتظمين ولا من العارفين في شؤون الدين الإسلامي. بل إن فرائض الدين الإسلامي غير معروفة بالنسبة للكثير من هؤلاء الشباب.
وذكر ميشائيل كيفر، من معهد الدراسات الإسلامية في جامعة اوسنابروك، أن هؤلاء الشباب يكوّنون «إسلاماً خاصاً» بهم يستمدون تعاليمه من الإنترنت، وأن تصورهم عن الإسلام لا يجمعه جامع مع الإسلام الحقيقي.
وأضاف كيفر أن 12 من هؤلاء الشباب، من عمر يتراوح بين 15 و35 سنة، يعتبرون معظم المسلمين «أعداء» لأنهم لا ينسجمون مع آرائهم المتطرفة. وقال كيفر إنه يمكن في هذه الحالة الحديث عن «تطرف متأسلم» وليس عن «إسلام متطرف».
حلل الباحثون بيانات مستمدة من 5700 اتصال على واتسآب تستخدم في الوصول إلى معلومات حول التخطيط لأعمال عنف. وقال الباحث أندرياس تزيك، من جامعة بيلفيلد، إن معظم الشباب هم في سن المدرسة أو في سن تأسيس حياتهم المهنية، وكانت حوادث الموت والمرض في العائلة، وتعاطي المخدرات والميل للعنف في المراهقة، من أهم أسباب انجذاب هؤلاء الشباب إلى التطرف.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».