ميركل تنسق مع أوروبا والصين ضد ترمب وإردوغان

المستشارة الألمانية بحاجة إلى دبلوماسية عالية في التعامل مع بعض ضيوفها (رويترز)
المستشارة الألمانية بحاجة إلى دبلوماسية عالية في التعامل مع بعض ضيوفها (رويترز)
TT

ميركل تنسق مع أوروبا والصين ضد ترمب وإردوغان

المستشارة الألمانية بحاجة إلى دبلوماسية عالية في التعامل مع بعض ضيوفها (رويترز)
المستشارة الألمانية بحاجة إلى دبلوماسية عالية في التعامل مع بعض ضيوفها (رويترز)

قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمام البرلمان الألماني أمس إنها «تتوقع مباحثات غاية في الصعوبة» في قمة العشرين المنعقدة في هامبورغ. وتحدثت المستشارة عن كثير من العقد التي تعرقل صياغة بيان ختامي يعبر عن اتفاق الأقوياء العشرين على أمور مهمة، مثل مقررات قمة المناخ، والموقف من الهجرة، والخلاف حول ميزان التجارة الدولية. وأكدت ميركل أنها لن تتستر على هذه الموضوعات بهدف إظهار انسجام خادع، وإنما ستثيرها رغبة في الوصول إلى تفاهم بين قادة العالم.
وقبل القمة بثمانية أيام، وعينها على الانتخابات الألمانية العامة في سبتمبر (أيلول) المقبل، بدأت ميركل سلسلة مشاورات مطولة مع رؤساء الدول الأوروبية الذين يحضرون القمة. وبذلت المستشارة جهداً في توحيد «البيت الأوروبي» حول الموقف من الميزان التجاري العالمي، ومقررات قمة باريس حول المناخ، والموقف من اتفاقية المهاجرين مع تركيا. وبعد لقائها مع الرئيس الصيني شين جنبينغ ببرلين، أشارت ميركل بوضوح إلى أن ألمانيا تبحث مع الصين عن تسوية لبعض «العراقيل» التي تقف أمام قمة العشرين في هامبورغ. وأضافت أن الصين «حليف مهم في تخفيف التوتر ببعض مناطق هذا العالم المضطرب».
وكان لقاء «الباندا» الألماني - الصيني في حديقة حيوانات برلين مناسبة للطرفين للتأكيد على تحقيق «خرق» في العلاقات بين البلدين. وبينما تحدثت ميركل عن الصين بوصفها شريكا اقتصاديا وسياسيا استراتيجيا، ذكر جنبينغ أن العلاقات مع ألمانيا بلغت مرحلة القمة.
وتبدو مساعي المستشارة الألمانية تجاه توحيد الموقف الأوروبي، والتنسيق مع الصين، معقولة في ظل الحضور الرئاسي المتزمت في القمة الذي يبدأ بالرئيس الأميركي دونالد ترمب وينتهي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وطبيعي؛ لن تنتظر المستشارة الألمانية كثيراً من الدعم من رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي رغم توجه لندن الأخير نحو «البريكست الناعم».
يؤكد ذلك أن الرئيس ترمب لم يخفف من لهجته تجاه ألمانيا، خصوصاً في الموقف من ميزان الصادرات الألماني. وغرد ترمب على «تويتر» قبل إقلاع طائرته إلى بولندا، في جولته الأوروبية الثانية، يقول: «للولايات المتحدة واحد من أسوأ الاتفاقات الاقتصادية في العالم مع بعض البلدان (...). لماذا نواصل ذلك مع الدول التي لا تتعاون معنا؟». وسبق للرئيس الأميركي أن انتقد ألمانيا والصين مباشرة بسبب ميل ميزانهما التجاري نحو الصادرات.
وتكشف حصة الاتحاد الأوروبي والصين من التجارة الدولية بالفعل وجود فائض لصالح الصادرات على عكس الولايات المتحدة وبريطانيا؛ فحصة الاتحاد الأوروبي من التجارة الدولية هي 24.8 في المائة واردات، و30.8 في المائة صادرات. وهاتان النسبتان بالنسبة للصين هما 10.3 في المائة واردات، و14.2 صادرات، بينما بالنسبة للولايات المتحدة 14.2 في المائة واردات، و9.4 في المائة صادرات. وبلغت قيمة صادرات ألمانيا سنة 2016، بحسب بيانات دائرة الإحصاء المركزية الألمانية، نحو 1206 مليارات يورو مقابل 955 ملياراً واردات. وهذا الفارق، كما هو معرف، سبب انتقادات ترمب المتكررة لألمانيا وأوروبا.
من ناحيته، دافع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن نقده لألمانيا في مقابلة نشرتها صحيفة «تزايت» الألمانية الأسبوعية المعروفة. وقال إردوغان في المقابلة إن سياسية ألمانيا الحالية هي «الانتحار» وإن عليها تغيير هذه السياسة. وطبيعي لن تتفاءل المستشارة الألمانية بمثل هذه التصريحات التي نشرت قبل يوم واحد من وصول إردوغان إلى هامبورغ.
وسبق للرئيس التركي أن انتقد موقف ألمانيا بسبب الوحدة الألمانية في قاعدة «إنجيرليك»، وانتقد موقفها من صحافي جريدة «دي فيلت»، التركي الأصل دينيس يوتشل. وبلغ من شدة خلافه مع ألمانيا أن اتهم سياسة ألمانيا بالعودة إلى النازية، بسبب منع المسؤولين الأتراك من إلقاء الخطب في تجمعات الجالية التركية في ألمانيا.
وتساءل إردوغان في المقابلة عن السبب الذي يدفع الحكومة الألمانية لتشغل نفسها هكذا بمحاولة إطلاق دينيس يوتشل. وقال إنه يستغرب مساعي ميركل لإطلاق سراح مشتبه به بالإرهاب.
وأضاف أنه طلب شخصياً من ميركل أن تسلم أعوان غولن في ألمانيا، لكنها لم تفعل. وقال: «ما دامت لم تفعل ذلك، فإن تركيا ستتعامل مع ألمانيا على أنها بلد داعم للإرهاب».
وبدت عبارة «نحن بحاجة إلى بعضنا، ويجب أن نحافظ على ذلك»، التي ختم بها إردوغان المقابلة، باهتة أمام كل هذا الهجوم على السياسة الألمانية. وسبق للرئيس التركي أن جدد اتهام ألمانيا بالنازية في مقابلة مع «تلفزيون24» الفرنسي قبل يوم. وقال إن سياسة ألمانيا أشبه بالسلوك النازي، وإنها تعبير عن «فاشية». وتساءل: «كيف يمكن تفسير ذلك إن لم يكن اشتراكية قومية؟».
وفضلاً عن حاجة المستشارة الألمانية إلى دبلوماسية عالية في التعامل مع الرئيسين الأميركي والتركي في القمة، يبقى عليها أن تعد بياناً ختامياً، قالت بعض الصحف الألمانية إنها ستجد صعوبة بالغة في صياغته.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.