الاقتصاد يعيد نفسهhttps://aawsat.com/home/article/967586/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%87
من آثار الأزمة الاقتصادية الأخيرة أنها علمت العالم أن الأوضاع الاقتصادية تعيد نفسها ولو بلباس جديد وقوة أكبر. خطر للمسؤولين أن من المفيد أن تستعد المؤسسات المالية والتجارية والأوساط الحكومية كذلك لاحتمالات التطورات الاقتصادية، نفعا أو ضررا، تستقريء الماضي وتحسب حساباته. ظهرت الحاجة إلى دراسة التاريخ الاقتصادي وما تفتقت عنه من تطورات. هكذا، وربما لأول مرة راح المسؤولون يحتضنون علماء الاقتصاد وأساتذة وتلامذة الجامعات، يستفتونهم ويستمعون إليهم ويقرؤون مطالعاتهم. تهالكت أسواق النشر على إصدار المطبوعات التي تلقي أضواء على الماضي الاقتصادي للعالم. تدفقت الكتب، فرأينا الدكتور نائل القشطيني، أستاذ التاريخ الاقتصادي في كلية لندن للاقتصاد، التابعة لجامعة لندن، قد أصدر خلال العامين الماضيين ثلاثة كتب تتناول مستجدات التاريخ الاقتصادي. كان آخرها كتابه الشيق «تاريخ صغير للاقتصاديات» (A Little History of Economics). والكتاب من منشورات جامعة ييل الأميركية. وقد أثنت الصحافة البريطانية، وفي مقدمتها «الفاينانشيال تايمز»، على هذا الكتاب الذي لقي صدى واسعاً في الأوساط الجامعية. الغلاف الأمامي للكتاب يحمل صورة تخطيطية في الأعلى للإنسان القديم يحرث ويبذر، وصورة تخطيطية أخرى في الأسفل للدخان المتصاعد من مداخن المعامل الصناعية للعصر الحديث. تلخص هاتان الصورتان مسيرة المؤلف في كتابه هذا، مسيرة الاقتصاد البشري منذ فجر التاريخ حتى أيامنا هذه. هكذا، نجد أن الفصل الأول «رؤوس باردة وقلوب دافئة» يتناول صراع الشعوب الفقيرة في سعيها للبقاء والنهوض. وبعد كلمات دافئة من المؤلف تتعاطف مع سعي هذه الشعوب نراه ينتقل من مدرسة إلى مدرسة من مدارس الاقتصاد، من عهد اليونان والرومان إلى عهود القرون الوسطى، أكويناس وأوغستين، ثم تطل الثورة الفرنسية وما جاءت به من أحلام، فورير وروبرت أوين وبقية المثاليين حتى تفيقهم الثورة الصناعية انطلاقا من آدم سميث إلى ماركس والمدرسة الاشتراكية. يسرد المؤلف كل ذلك بأسلوب واضح وسلس يدخل الذهن من دون استئذان. العيب الرئيسي في الكتاب أن المؤلف يحصر منظاره تقريبا في الساحة الغربية وما توصل إليه علماؤها من اجتهادات وتصورات ونظريات، كل ذلك رغم اهتمامه الواضح بمشاكل شعوب العالم الثالث.
أسواق 2024: الكتب الأكثر مبيعاً... الخاسرون والرابحونhttps://aawsat.com/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/%D9%83%D8%AA%D8%A8/5097151-%D8%A3%D8%B3%D9%88%D8%A7%D9%82-2024-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D9%85%D8%A8%D9%8A%D8%B9%D8%A7%D9%8B-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B3%D8%B1%D9%88%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%AD%D9%88%D9%86
أسواق 2024: الكتب الأكثر مبيعاً... الخاسرون والرابحون
«من أجل عيون منى» لتوماس شيسلر
ككل نهاية سنة ينشر الإعلام الفرنسي قائمة بالكتب والإصدارات التي سجَّلت أقوى المبيعات على مدار السنة. النتائج تُنشر بناءً على أرقام معاهد الإحصاء المختصة، مثل «إيدستا» أو «داتاليب»، ولكن أيضاً انطلاقاً من الأرقام التي أعلنت عنها دور النشر، وهي لا تأخذ بعين الاعتبار القيمة الأدبية للإصدارات، بل النجاح التجاري فقط، حيث يحدث أن نجد في أسفل القائمة كتباً قيّمة لاقت ترحيب النقاد لكنَّ الإقبال الجماهيري عليها كان ضعيفاً.
من هذا المنظور تُوجت دار نشر «ألبان ميشال» هذه السنة «ملكة للمبيعات»، حيث سجلت بفضل غزارة ونوعية الأعمال التي أشرفت على نشرها هذه السنة، أكبر النجاحات. أول هذه الأعمال كانت رواية «من أجل عيون منى» للكاتب والباحث في تاريخ الفن توماس شيسلر، وهي الرواية التي فاقت منذ صدورها كل التوقعات، إذ حازت اهتماماً إعلامياً واسعاً، كما تُرجمت إلى 32 لغة بما فيها العربية، وبيعت بأكثر من 390 ألف نسخة (أرقام خاصة بفرنسا) وهي تروي قصّة «منى»، طفلة في العاشرة تصاب بتوقف تدريجي للبصر، فيقرر جدها معالجتها على طريقته الخاصة بأن يصطحبها في كل أسبوع إلى أكبر متاحف فرنسا لتتأمل روائع الفن العالمي.
من الأعمال الناجحة أيضاً الرواية الرابعة للكاتبة فاليري بيران «تاتا» وهي بوليسية نفسية تروي قصة كوليت، امرأة مختفية تقوم ابنة أختها بالتحقيق في سبب اختفائها لتكتشف أن لخالتها حياة مزدوجة. هذه الرواية بيعت بأكثر من 250 ألف نسخة وهو نفس الإنجاز الذي وصلت إليه رواية «نادل فندق الريتز» للكاتب فيليب كولين، وهي القّصة الحقيقية لفرانك مايير، أشهرا نادل في باريس إبان حقبة النظام الفيشي. «ألبان ميشال» كانت أيضاً المؤسسة التي نشرت السيرة الذاتية لرئيسة وزراء ألمانيا السابقة أنجيلا ميركل بعنوان «الحرية: الذكريات 1954 - 2021» التي تروي فيها مسيرتها السياسية عبر أكثر من 700 صفحة. ورغم أن الكتاب بيع منه نحو 350 ألف نسخة فإن الإنجاز لم يكن في مستوى توقعات وآمال الناشر على اعتبار أنه دفع أكثر من 400 ألف يورو في مزاد علني خاص (حسب مصادر مجلة «لكسبرس») مقابل الحصول على حقوق النشر، ناهيك بمصاريف الترجمة والدعاية والتوزيع، خصوصاً إذا ما قورن بما حققته دار نشر «فايار» مع الطبعة الفرنسية لمذكرات ميشال أوباما مثلاً، التي بيع منها داخل فرنسا 500 ألف نسخة وأكثر من عشرة ملايين في العالم. سنة 2024 أكدت أيضاً صحة الآراء التي ترى أن الجوائز تسهم في الترويج للكتب ورفع المبيعات، فعلى الرغم من الجدل الكبير بخصوص قضية نشر قصّة سعادة عربان البطلة الحقيقية لـ«الحوريات» لكمال داود دون إذنها، فإن الرواية تمكنت من تحقيق نجاح تجاري كبير منذ صدورها في 15 أغسطس (آب)، إذ بيع منها حتى الآن أكثر من 390 ألف نسخة، متبوعة برواية «جاكاراندا» التي يواصل فيها الكاتب غاييل فاي استكشاف إشكالات المنفى والذاكرة والهويات المتعددة من موطنه رواندا. هذه الرواية كانت تنافس «الحوريات» على جائزة «غونكور» لكنها ختمت السنة بجائزة «رونودو»، وبيع منها أكثر من 250 ألف نسخة، وهي الثانية لفاي بعد ثماني سنوات على صدور عمله الروائي الأول «البلد الصغير». أقل منهما حظاً الكاتبة هيلين غودي، فرغم ترحيب النقاد بعملها وترشحها للقائمة الصغيرة لـ«غونكور» فإن عملها الروائي لم يلقَ الرواج المتوقَّع، حيث لم تَبِعْ من روايتها «الأرخبيل» سوى 4000 نسخة منذ صدورها.
سنة 2024 تميزت أيضاً بنجاح الكتب السياسية لشخصيات من اليمين المتطرف، أهمها إصدارات تابعة لدار نشر «فايار» التي أصبحت مِلك رجل الأعمال فنسان بولوري المعروف بقربه من تيار اليمين المتطرف. أهم هذه الإصدارات السيرة الذاتية لجوردان برديلا، رئيس حزب التجمع الوطني، وهي بعنوان «عن ماذا أبحث؟»، حيث لاقت إقبالاً كبيراً وبيع منها 150 ألف نسخة، إضافةً إلى كتاب فيليب دو فيليي، وهو شخصية سياسية محافظة من اليمين المتطرف سجّل كتابه «مبيد الذاكرة» أكثر من 140 ألف نسخة، في الوقت الذي سجلت فيه كتب الشخصيات اليسارية أمثال الرئيس السابق فرانسوا هولاند، وآن هيدالغو، عمدة باريس، فشلاً ذريعاً، حيث بيع من عمل الرئيس السابق 6000 نسخة، و السيدة هيدالغو 250 نسخة فقط.
على أن روايات الجريمة والتشويق تبقى الأكثر شعبية.
على رأس القائمة الرواية البوليسية «حيوان متوحش» للكاتب السويسري جويل ديكير وهي من نوع المغامرات البوليسية، وحازت رواجاً شعبياً كبيراً وبيعت بأكثر من 420 ألف نسخة. تليها الرواية الجديدة لغيوم ميسو «شخص آخر»، وهي من النوع البوليسي أيضاً وبيع منها 390 ألف نسخة.
ودائماً في عالم الجريمة تَحوَّل الطبيب الشرعي البلجيكي فيليب بوكسو إلى نجم المكتبات الفرانكوفونية بفضل كتب استلهمها من خبرته في تشريح الجثث وأسلوبه المتسم بروح الفكاهة اللاذعة. وقُدرت مبيعات كتابه الأخير «في مواجهة الموت» بـ300 ألف نسخة.
والجديد هذه المرة اقتحام القصص المصوَّرة وسلاسل المانغا بقوة سوق الكتب. حيث نقلت وسائل الإعلام الفرنسية النجاح الساحق الذي سجَّله المؤثر الشاب «أنوكس تاغ» بسلسلة المانغا «الغريزة» أو «أنستا»، (دار نشر «ميشال لافون»)، التي بيع منها 265 ألف نسخة بعد شهرين فقط من صدورها، إضافةً إلى سلسلة الرسوم المصّورة: «أنا فادي... الابن المسروق» للرسّام السوري الفرنسي رياض سطّوف الذي يعد من الأسماء المتعودة على احتلال صدارة قوائم الكتب الأكثر مبيعاً (بيست سيلرز) في فئة القصّص المصورة (بي دي)، فهو معروف بسلسلة «عربي من المستقبل» التي أصدر منها 6 مجلدات، وهي سيرة ذاتية هزلية عن حياته من الطفولة في سوريا وليبيا إلى حياته في المهجر. «عربي من المستقبل» كانت قد حازت بها عدة جوائز منها «الجائزة الكبرى لمهرجان أنغولام» أما السلسلة الجديدة فقد بيع منها أكثر من 350 ألف نسخة.