المؤتمر السنوي للمعارضة الإيرانية في باريس يطالب بتغيير النظام

رجوي: الطريق الوحيدة لتخليص إيران إسقاط ولاية الفقيه > تركي الفيصل: نظام طهران أكبر راعٍ للإرهاب

مريم رجوي لدى وصولها إلى مؤتمر المعارضة الإيرانية السنوي  في ضواحي باريس أمس («الشرق الأوسط»)
مريم رجوي لدى وصولها إلى مؤتمر المعارضة الإيرانية السنوي في ضواحي باريس أمس («الشرق الأوسط»)
TT

المؤتمر السنوي للمعارضة الإيرانية في باريس يطالب بتغيير النظام

مريم رجوي لدى وصولها إلى مؤتمر المعارضة الإيرانية السنوي  في ضواحي باريس أمس («الشرق الأوسط»)
مريم رجوي لدى وصولها إلى مؤتمر المعارضة الإيرانية السنوي في ضواحي باريس أمس («الشرق الأوسط»)

نظمت المعارضة الإيرانية، أمس، مؤتمرها السنوي لعام 2017 بحضور شخصيات وناشطين سياسيين دوليين، وسط حضور لافت لأنصارها من بين الجالية الإيرانية في ضواحي باريس، وقالت رئيس المعارضة مريم رجوي: إن «تغيير النظام الإيراني أمر ضروري وفي متناول اليد، وهناك بديل ديمقراطي وكفء»، مطالبة بـ«ضرورة إدراج قوات الحرس في القائمة السوداء، وطرد الملالي من المجتمع الدولي وتسليم كراسي إيران إلى المقاومة»، وفي المقابل اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف نشاط المعارضة الإيرانية على الأراضي الفرنسية «نقطة إبهام في العلاقات الثنائية بين طهران وباريس».
وانتقد المشاركون بشدة سلوك طهران الإقليمي والدولي، معلنين تأييدهم مشروع الجماعات المعارضة الإيرانية لـ«إسقاط النظام» في إيران، ورفع أنصار «مجاهدين خلق» العلم الإيراني الذي يحمل شعار الأسد والشمس وأعلاما، وردد الحضور هتافات تطالب بإسقاط النظامين الإيراني والسوري، ووضع حد للدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط.
وتعتبر المعارضة الإيرانية (مجاهدين خلق) من بين أبرز الأحزاب السياسية المطالبة بتغيير النظام الإيراني. وأعلن قادة «مجاهدين خلق» انشقاقهم عن الثورة الإيرانية بعد إعلان نظام ولاية الفقيه. وأسست الجماعة في 1965، وكانت من بين الفصائل التي أسقطت النظام السابق قبل أن تعلن معارضتها للنظام.
وذكرت رجوي في خطابها أمام المؤتمر، أن «الطريق الوحيدة لتخليص إيران من شر الاستبداد، والطريق الوحيدة للسلام والأمن في المنطقة هو إسقاط نظام ولاية الفقيه». وتحت عنوان «ثلاث حقائق أساسية لإقرار الحرية في إيران ولتحقيق السلام والأمن في المنطقة» أشارت رجوي إلى «ضرورة إسقاط نظام ولاية الفقيه» و«إمكانية إسقاط هذا النظام»، و«وجود بديل ديمقراطي ومقاومة منظمة للإطاحة بالنظام الاستبداد المذهبي».
واعتبرت رجوي أن النظام الحالي «غير قابل للإصلاح»، وقالت: إن «38 عاما من عمر النظام كانت دفّة الحكومة على مدى 20 عاما بيد المزعومين (الإصلاحيين)، لكنهم لم يقدموا شيئا سوى الخدمة لولاية الفقيه»، مطالبة الدول الغربية بوقف ما وصفته بـ«التنازلات» للنظام الإيراني. وتابعت أن الذي «توصّل إليه كثيرون في العالم بأن الحل، بل الحل الوحيد هو إسقاط نظام ولاية الفقيه».
وعلقت رجوي في كلمتها على الانتخابات الرئاسية التي جرت في إيران مايو (أيار) الماضي، وعدت «محاولة لوأد الانتفاضات الشعبية واحتواء الصراعات بين الأجنحة الحاكمة»، مشيرة إلى ترشح المدعي السابق وأحد المسؤولين عن إعدامات 1988 إبراهيم رئيسي.
وأفادت رجوي بأن المسؤولين في النظام الإيراني «حاولوا تحسين حالة نظامهم بالانتخابات، إلا أنهم قد جعلوه أكثر انشقاقاً وتصدّعاً ففقد استقراره، وبدأوا الآن يتوعّدون روحاني بالعزل والإقالة. إنهم أرادوا تمهيد الأرضية لوصول جلاد إلى كرسي الرئاسة، من خلال كيل الشتائم على (مجاهدين خلق)، لكنهم فشلوا في ذلك، وأظهروا مدى خوفهم من (مجاهدين خلق) والمقاومة الإيرانية».
وأشارت رجوي إلى إمكانية «إسقاط نظام ولاية الفقيه»، واستدلت في كلامها إلى ما اعتبرته «استياءً شعبيا واسعا تشهده البلاد»، وقالت: «خلافا لدعايات النظام، فإن أكبر خطر يهدد النظام ليس العدو الخارجي، وإنما هو الانتفاضات المتربّصة بالنظام في عمق المجتمع الإيراني».
ونوهت رجوي إلى أن «تورط النظام في ثلاث حروب استنزاف في الشرق الأوسط»، وأضافت أن «النظام عجز في احتواء الانهيار الاقتصادي والكوارث البيئية، وعجز عن توفير أبسط مَطالب الشعب». كما دافعت عن «قوة التغيير والبديل الديمقراطي»، واعتبرت أن هذه القوة «تكمن في تحويل الحالة المتأزمة إلى ظروف إسقاط النظام. ففي العام 2009 كانت هذه القوة هي التي شكّلت النواة الرئيسية للانتفاضات وحوّلت الشعارات من (أين صوتي) إلى (الموت لمبدأ ولاية الفقيه)».
في جانب آخر من خطابها، لفتت إلى ما وصفته «حلا للتصدع لمختلف الأقوام والقوميات في إيران» و«حلا للتفرقة والفصل بين الشيعة والسنة والمدافع عن حرية ومساواة أبناء وطننا من أهل السنة» وكذلك «حل للعلاقات المتوترة بين إيران ودول المنطقة»، وقالت في هذا الإطار إن «المطلب الرئيسي للبديل الديمقراطي هو الحرية والديمقراطية في إيران، كما أن هذه المقاومة معروفة بمعارضتها المستمرة لسياسة تصدير التطرف والإرهاب».
وشارك في المؤتمر عدد من الشخصيات والمسؤولون العرب والغربيين، وألقى المشاركون في المؤتمر خطابات دعما للتوجه السياسي للمعارضة الإيرانية.

تركي الفيصل: النظام الإيراني أكبر راعٍ للإرهاب
وقال رئيس مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية، الأمير تركي الفيصل: إن النظام الإيراني «أكبر راع للإرهاب». معتبرا المؤتمر فرصة «لتذكير العالم بجرائم هذا النظام ضد مواطنيه وضد جيرانه، وتهديده للأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي».
وفي إشارة الأمير تركي الفيصل إلى المشتركات الحضارية والتعايش السلمي بين دول مجلس التعاون وإيران، قال: إن «الأحوال تبدلت بعد ثورة الخميني في 1979»، وتابع إن «الخميني وأتباعه سعوا إلى استبدال منطق التعايش بصدام وما عرف بسياسات تصدير الثورة» وقال: إن الخميني «سعى إلى استبدال منطق الدولة بمنطق الثورة الذي يخفي وراءه رغبة توسعية جامحة، وبات من الصعب إذا لم يكن من المستحيل أن نتفاهم بمنطق الثورة والانقلاب لا بمنطق السياسة والدبلوماسية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لتثوير الجماعات، وأصبحت الاستراتيجية الخارجية لقيادة ولاية الفقيه هي إحلال فكرة الانقلاب والاضطراب على فكرة الاستقرار».
وذكر الفيصل أن «الخميني وعد الإيرانيين بالديمقراطية ويتشدق النظام اليوم بأنه عقد انتخابات، فما معنى هذه الانتخابات التي لا يدخلها إلا من يزكيه الولي الفقيه؟». وتابع إن «سلوك النظام في طهران لا يؤهله أن يكون نظاما ديمقراطيا، بل إن سلوكه هو سلوك دموي وديكتاتوري» وطالب الفيصل بتقديم قادة النظام الإيراني إلى محكمة الجنايات الدولية بسبب عمليات الإعدام التي نفذتها السلطات بحق آلاف السجناء السياسيين في صيف 1988.

بولتون: ترمب معارض للنظام الإيراني والاتفاق النووي
في السياق نفسه، قال سفير أميركا السابق لدى الأمم المتحدة، جون بولتون، إنه «يستطيع التأكيد أن في الولايات المتحدة رئيسا هو معارض تماما للنظام الإيراني»، مؤكدا أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب «يعارض الاتفاق النووي مع النظام الإيراني».
وأوضح بولتون، أن «هناك مراجعة في سياسات أميركا حيال إيران، وإن هذه المراجعة مستمرة»، مضيفا أن «الكونغرس الأميركي يدرس مشروع قرار ضد النظام الإيراني لدعمه الإرهاب في عموم العالم»، وقال: «نتيجة هذه المراجعة، فإن الثورة الإيرانية التي سرقت من قبل نظام الخميني هي مصدر مشكلة في الشرق الأوسط، وليس هناك فرق بين خامنئي وروحاني. اليوم لا نستطيع أن نثق بروحاني. كل يوم هذا النظام يخرق تعهداته. إنه وسع نشاطاته مع كوريا الشمالية. النظام الإيراني كثف نشاطاته مع كوريا الشمالية لتوسيع نشاطاته الصاروخية. النظامان الإيراني والكوري الشمالي هما متشابهان من وجهة نظر إدارة ترمب».
وتابع بولتون، إن «تصرفات هذا النظام لن تتغير، وإن الطريق الوحيدة هي تغيير هذا النظام. نحن سنحتفل بانتصاركم قريبا في طهران».
من جهته، قال عمدة نيويورك السابق والمرشح السابق للرئاسة الأميركية، رودي جولياني: إن «الطريق الوحيدة للاستقرار في الشرق الأوسط والعالم تمر عبركم وعبر إيران حرة». وأضاف أن «العالم يعرف أن النظام الإيراني هو خطر على العالم أجمع، وأنه خطر على العالم أن تتزود إيران بالقنبلة النووية».
من جانبه، دعا رئيس وفد المعارضة السورية، نصر الحريري، في كلمته إلى «تأسيس جبهة مشتركة مع مجلس المقاومة الإيرانية هدفه وضع الخطط والرؤى وتنسيق التحركات من أجل الإطاحة بالنظام الإيراني».
وقال الحريري: إن «النظام القاتل الذي نشر في بلدي سوريا ما لا يقل عن ثمانين ألف مرتزق ومقاتل أتى بهم لقتل الأبرياء، لقتل المدنيين، لقتل الأطفال والنساء»، مشددا على ضرورة «إخراج الحرس الثوري الإيراني والميليشيات المرتبطة به من سوريا والعراق واليمن ولبنان وكل الدول الأخرى التي يعبث فيها هذا النظام». وأضاف: «ندين النظام الإيراني لما يرتكب من جرائم حرب وجرائم إنسانية، يجب طردها من منظمة التعاون الإسلامي، وأي منظمة تعاون إسلامي».

ظريف: مؤتمر المعارضة نقطة إبهام في علاقات باريس وطهران
في الجانب الرسمي الإيراني، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إنه بحث مع المسؤولين الفرنسيين حضور المعارضة الإيرانية، معتبراً إياها «نقطة إبهام» في العلاقات الثنائية بين البلدين.
وقبل ساعات من إقامة مؤتمر المعارضة الإيرانية، أبدى ظريف انزعاج بلاده من إقامة المؤتمر على الأراضي الفرنسية، وقال في تصريح للتلفزيون الرسمي لدى مغادرته باريس بعد لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: إن «تنظيم مؤتمر (مجاهدين خلق) في باريس ونشاطهم في فرنسا نقطة إبهام في العلاقات بين إيران وفرنسا».
وأشار ظريف إلى إصدار بيان موقع من ثلث نواب البرلمان الأوروبي يدين انتهاكات حقوق الإنسان في إيران ويطالب بإدراج الحرس الثوري في قائمة التنظيمات الإرهابية. وقال: إنه ناقش مع المسؤولين الفرنسيين وجود المعارضة الإيرانية على أراضيها، مضيفا أن «المسؤولين الفرنسيين يؤكدون دائما عدم وجود علاقات مع الجماعة».
وزعم ظريف أن نشاط المعارضة الإيرانية في فرنسا بحضور شخصيات سياسية من دول مختلفة «لن يؤدي إلا إلى مزيد من النفور لدى الشعب الإيراني تجاه هذه الحركات».



مطالب بعزل رئيس كوريا الجنوبية رغم تراجعه عن الأحكام العرفية

موظف في الجمعية الوطنية يرش بطفايات الحريق لمنع الجنود من دخول القاعة الرئيسية للجمعية الوطنية في سيول (أ.ب)
موظف في الجمعية الوطنية يرش بطفايات الحريق لمنع الجنود من دخول القاعة الرئيسية للجمعية الوطنية في سيول (أ.ب)
TT

مطالب بعزل رئيس كوريا الجنوبية رغم تراجعه عن الأحكام العرفية

موظف في الجمعية الوطنية يرش بطفايات الحريق لمنع الجنود من دخول القاعة الرئيسية للجمعية الوطنية في سيول (أ.ب)
موظف في الجمعية الوطنية يرش بطفايات الحريق لمنع الجنود من دخول القاعة الرئيسية للجمعية الوطنية في سيول (أ.ب)

واصل المسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مراقبة التطورات الدراماتيكية عن كثب في كوريا الجنوبية، حيث تتواصل الضغوط لعزل الرئيس يون سوك يول، الذي اضطر إلى التراجع وذلك بعد ساعات من إلغاء العمل بالأحكام العرفية التي جرى فرضها لفترة وجيزة بعد ساعات قليلة من إعلانها يوم الثلاثاء، الأمر الذي دفع بقوات الجيش إلى تطويق البرلمان قبل تصويت النواب على إلغاء ما حاول الرئيس فرضه.

امرأة تحمل لافتة كُتب عليها «يجب على يون سوك يول التنحي» خلال وقفة احتجاجية بالشموع ضد رئيس كوريا الجنوبية يون في سيول اليوم (أ.ف.ب)

ورفع يون الأحكام العرفية في وقت مبكر من صباح الأربعاء (في التوقيت المحلي) بعد تصويت البرلمان بالإجماع على مطالبة الرئيس بإلغائها.

وتضغط قوى المعارضة من أجل عزل الرئيس أو إجباره على الاستقالة. وخيّر المشرعون، الأربعاء، الرئيس يون بين التنحي طوعا والعزل بعدما أثارت خطوته أكبر أزمة سياسية منذ عقود في رابع أكبر اقتصاد في آسيا.

أحزاب المعارضة تتقدم بطلب لعزل الرئيس (رويترز)

ودعا زعيم حزب (سلطة الشعب الحاكم) الذي ينتمي إليه يون إلى إقالة وزير الدفاع كيم يونغ-هيون واستقالة مجلس الوزراء بأكمله.

ودعا الحزب الديمقراطي الرئيسي المعارض، يون، الذي تولى منصبه في 2022، إلى الاستقالة طوعاً أو العزل. وقال بارك تشان-داي، النائب البارز في الحزب الديمقراطي: «بات واضحاً للأمة بأكملها أن الرئيس يون لم يعد قادراً على إدارة البلاد بشكل طبيعي. عليه أن يتنحى عن منصبه».

ويتطلب اتخاذ إجراءات لعزل يون دعم ثلثي البرلمان للاقتراح، وبعد ذلك دعم ما لا يقل عن ستة من قضاة المحكمة الدستورية.

وقال النائب في الحزب الديمقراطي كيم يونغ مين، إن الاقتراح الذي جرى تقديمه يوم الأربعاء، يمكن طرحه للتصويت، الجمعة، على أقرب تقدير.

وأشعل الإعلان المفاجئ، يوم الثلاثاء، مواجهة مع البرلمان الذي رفض محاولته حظر النشاط السياسي وفرض رقابة على وسائل الإعلام، فيما اقتحمت قوات مسلحة مبنى الجمعية الوطنية (البرلمان) في العاصمة سيول.

وعرض كبار مساعدي الرئيس يون، بمن فيهم كبير موظفيه، تقديم استقالتهم الجماعية، الأربعاء، وفق ما أعلنه المكتب الرئاسي. ويشمل عرض الاستقالة كلاً من تشونغ جين-سوك، كبير موظفي الرئاسة، ومستشار الأمن القومي شين وون-سيك، وسونغ تاي-يون، كبير موظفي السياسات، إلى جانب سبعة من كبار المساعدين الآخرين، حسب وكالة «يونهاب» للأنباء.

مواطنون من سيول يسيرون بجوار دبابة للجيش يوم السبت 27 أكتوبر 1979 بعد إعلان الأحكام العرفية في أعقاب وفاة الرئيس بارك تشونغ هي (أ.ب)

واتهم الرئيس المعارضة بأنها «قوى مناهضة للدولة» تعمل على شل عمل البلاد من خلال تقديم اقتراحات إقالة وتقليص الميزانية. وقال يون للأمة في خطاب بثه التلفزيون إن الأحكام العرفية ضرورية للدفاع عن كوريا الجنوبية في مواجهة كوريا الشمالية المسلحة نووياً والقوات المناهضة للدولة المؤيدة لبيونغ يانغ وحماية نظامها الدستوري الحر رغم أنه لم يحدد ماهية التهديدات.

وقال مسؤول في الرئاسة الكورية لـ«رويترز» في مكالمة هاتفية: «هناك من يرى أن فرض الأحكام العرفية كان مبالغاً فيه، وأن الإجراءات لم تُتَّبَع بشكل صحيح، لكنّ القرار اتُّخذ ضمن حدود الدستور».

ومن المتوقع حدوث مزيد من الاحتجاجات، الأربعاء، مع اعتزام أكبر ائتلاف نقابي في كوريا الجنوبية، الاتحاد الكوري للنقابات العمالية، عقد تجمع حاشد في سيول وتعهده بالإضراب لحين استقالة يون.

رجل يقف أمام الشرطة يحمل لافتة كتب عليها «يون سوك يول... ارحل!» فيما يشارك المتظاهرون بمسيرة ضد رئيس كوريا الجنوبية يون نحو المكتب الرئاسي في سيول (أ.ف.ب)

وشهدت الأسواق المالية تقلبات، مع هبوط الأسهم الكورية الجنوبية نحو اثنين في المائة في وقت مبكر من اليوم، فيما استقر الوون بعد هبوطه إلى أدنى مستوى في عامين. وأفاد متعاملون بأن السلطات الكورية الجنوبية ربما تدخلت للحد من تراجع العملة المحلية.

وحثت السفارة الأمريكية المواطنين الأمريكيين في كوريا الجنوبية على تجنب المناطق التي تشهد احتجاجات، فيما نصح بعض الشركات الكبرى الموظفين بالعمل من المنزل.

وهيمن القلق البالغ على المسؤولين الأميركيين نظراً إلى أن كوريا الجنوبية حليف رئيسي للولايات المتحدة منذ عقود في آسيا، ولأن نحو 30 ألف جندي أميركي متمركزون في بلاد يعدّها الأميركيون منارة للديمقراطية في منطقة تستبدّ فيها دول قوية.

جاء فرض الأحكام العرفية بعد اتهام يون للمعارضة بالتآمر مع كوريا الشمالية، ليضع العلاقة الأميركية - الكورية الجنوبية أمام أكبر اختبار لها منذ عقود، علماً أن الرئيس بايدن يرى أيضاً أن الاتفاق الأمني الثلاثي بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان يشكل رادعاً ضد كلٍّ من الصين وروسيا.

رجل يقرأ جريدة تفيد بإعلان الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول تراجعه عن الأحكام العرفية في سيول (إ.ب.أ)

ويرجح أن تكون الأيام المقبلة متوترة لكل من سيول وواشنطن، رغم أن مسؤولي إدارة بايدن عبروا عن بعض التفاؤل بأن الاتفاق الثلاثي سيستمر. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه، أن يون يعد «إحدى ركائز استراتيجيتنا للمشاركة الإقليمية» لكنَّ مستقبله السياسي بات موضع شك بعد الخطوات المفاجئة التي اتخذها.

وتعليقاً على التطورات الأخيرة، أفاد مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض عبر بيان مقتضب، بأن «الإدارة على اتصال بحكومة جمهورية كوريا وتراقب الوضع عن كثب فيما نعمل على معرفة المزيد»، مؤكداً أن «الولايات المتحدة لم تعلم مسبقاً بهذا الإعلان». وأضاف: «نحن قلقون للغاية بشأن التطورات التي نراها على الأرض في جمهورية كوريا».

وسيتعين على بايدن، الذي اطلع على مجريات الأحداث خلال جولته في أنغولا، أن يتخذ خيارات صعبة بشأن كيفية التعامل مع الأزمة، بعد سنوات من تنمية العلاقات مع يون، علماً بأنه بنى سياسته الخارجية على أساس الديمقراطية في مقابل الاستبداد.

وتعليقاً على إلغاء حال الطوارئ، قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن، في بيان، إنه يرحب بذلك، مؤكداً دعم بلاده للشعب الكوري والتحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية «على أساس المبادئ المشتركة للديمقراطية وسيادة القانون».

وفي حدث دبلوماسي أميركي - ياباني في واشنطن، عبَّر نائب وزير الخارجية كيرت كامبل، عن «القلق الشديد» من «التطورات الأخيرة» في كوريا الجنوبية. لكنه قال إن «تحالفنا مع جمهورية كوريا قوي، ونحن نقف إلى جانب كوريا في وقت عدم اليقين». وأضاف أن «لدينا كل الأمل والتوقعات أن تُحل أي نزاعات سياسية سلمياً ووفقاً لسيادة القانون».

لكنَّ المحللين توقعوا أسابيع من الصراع السياسي، بما في ذلك إجراءات عزل الرئيس يون. وقال الخبير في الشؤون الكورية في مركز الشرق والغرب في هاواي جان لي، لصحيفة «نيويورك تايمز»: «كانت مقامرة قام بها (يون) لمحاولة فرض السيطرة السياسية في وقت يشعر فيه بالإحباط بسبب عجزه عن تنفيذ رؤيته للبلاد». وأضاف: «لكن في نهاية المطاف، يقدِّر الرئيس يون تحالف كوريا الجنوبية مع الولايات المتحدة، ومكانتها في العالم كاقتصاد عالمي رائد وسمعتها كديمقراطية نابضة بالحياة في آسيا».

نزل متظاهرون إلى الشارع مساء الأربعاء بالتوقيت المحلي مطالبين بتنحي الرئيس أو عزله (أ.ب)

وقال مسؤول أميركي إن «الكثير يحدث على المستويات الأدنى في كل المجالات، على أساس يومي تقريباً». وأضاف: «نعتقد أن هذا سيستمر لأنه من مصلحتنا المشتركة أن نفعل ذلك». لكن سيتعيّن على بايدن «الموازنة بين مدى جودة يون بالنسبة لأسهم التحالف الأميركي والأسهم الاستراتيجية في المنطقة مقابل ما إذا كانوا يعتقدون أن هذا الرجل يمكنه البقاء»، وفقاً لما قاله الأستاذ لدى جامعة جورج تاون والمساعد السابق لشرق آسيا السابق في البيت الأبيض خلال عهد الرئيس جورج دبليو بوش، فيكتور تشا.

وشاعت تكهنات في واشنطن بأن يون ربما اختار هذه اللحظة لأن الحكومة الأميركية في مرحلة انتقالية من إدارة بايدن إلى الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

متظاهرون يتجهون إلى المكتب الرئاسي بعد وقفة احتجاجية بالشموع ضد الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول في سيول (أ.ب)

ولم يعلق الرئيس المنتخب فوراً على التطورات، ومن غير الواضح كيف قد ينظر إلى خطوة يون، الذي كان عازماً على التودد إلى ترمب، رغم أن الأخير اشتكى مراراً لأن سيول لا تدفع لواشنطن مليارات الدولارات مقابل وجود القوات الأميركية. حتى إن مكتب يون كشف عن أنه كان يتدرب على لعبة الغولف بعدما ابتعد عنها لفترة طويلة لكي يتمكن من اللعب مع ترمب.

وعبَّرت المسؤولة الاستخبارية السابقة في كلٍّ من الإدارات الديمقراطية والجمهورية، بيث سانر، عن قلقها من أن كوريا الشمالية يمكن أن تسعى إلى الاستفادة من الفوضى في الجنوب. وقالت إن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون «قد يجعل هذا الوقت معضلة حقيقية» للرئيس المنتخب ترمب.