لا ينفصل السباق العسكري على الرقة عن التنافس على إدارة هذه المنطقة بعد تحريرها من تنظيم داعش. وإذ يؤكد مسؤولون في «قوات سوريا الديمقراطية» أنهم سينهون وجودهم العسكري بعد التحرير، وأن أهالي الرقة هم من سيتولون إدارة منطقتهم، يخشى معارضون من سيطرة الأكراد عليها محذرين من وقوع فتنة عربية - كردية.
وتعمل «قوات سوريا الديمقراطية»، بدعم أميركي، على تجهيز «مجلس الرقة المدني»، فيما عقد قبل يومين «الائتلاف الوطني السوري» ورشة عمل حول الإدارة المدنية المقبلة لمحافظة الرقة، مما يشير إلى أنه ليس هناك أي قرار نهائي حول الجهة التي ستتولى إدارة المنطقة بعد تحريرها من «داعش»، وهو ما يلفت إليه عضو «الائتلاف» جورج صبرا بقوله: «لا يزال هذا الأمر قضية إشكالية، والكلمة الفصل ستكون للولايات المتحدة الأميركية».
وأوضح أحمد رمضان، عضو «الائتلاف» الذي كان حاضراً في ورشة العمل التي نظمت في إسطنبول، أنها تميزت بحضور دبلوماسي أميركي وأوروبي، إضافة إلى رئيس «الائتلاف» رياض سيف وعدد من الأعضاء، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كان موضوع إدارة الرقة رئيسياً في الورشة، وأكدنا خلالها على عدم قبولنا بأن تدار من أي جهة غير عربية، أو تحت وصاية (حزب الاتحاد الديمقراطي) الذي يقوم بمهمة إعداد المجلس المدني، وطالبنا بأن يتولى (مجلس المحافظة) المنتخب الذي يتبع للائتلاف إدارة المنطقة».
وأشار رمضان إلى أن ممثلة أميركا التي كانت حاضرة في الاجتماع أكدت أن علاقة الولايات المتحدة مع «الاتحاد الديمقراطي» علاقة عسكرية وليست مدنية، مرحّبة بالتعاون مع «الائتلاف» في إدارة الرقة، لافتاً في الوقت عينه إلى أنه لم يتم حسم القرار بشأن الجهة التي ستتولى مهمة إدارة المدينة لغاية الآن، قائلاً: «الاجتماع كان لعرض الخيارات المطروحة، وليس لاتخاذ قرارات أو إعلان التزامات».
في المقابل، أكد نوري محمود، الناطق باسم «وحدات حماية الشعب» الكردية، أنه «سيتم تسليم إدارة الرقة لأبناء المنطقة المنضوين تحت مجلس الرقة المدني»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «نحن، وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية، مكلّفون بعملية تحرير الرقة من (داعش)، لكن لسنا من يقرّر من سيديرها، علماً بأنه يتم العمل على إعداد (مجلس الرقة) لإدارتها فيما بعد بشكل مستقل، ونحن سنقوم بإنهاء الوجود العسكري منها بعد التحرير».
بدوره، أوضح صبرا أنه «لطالما حذّرنا ممثلي أميركا من نتائج تسليم الرقة إلى (سوريا الديمقراطية) التي باتت مخالفاتها معروفة وواضحة، مؤكدين أن الاستمرار في هذا النهج سيؤدي إلى إشعال فتيل الصراع العربي - الكردي الذي لا بد من اتخاذ الخطوات اللازمة لتجنبه لأن سيطرة الأكراد على الرقة سيؤدي إلى تعزيز الإرهاب، بدل القضاء عليه».
وإذ لفت صبرا إلى أن الأميركيين واعون لهذا الواقع، وأنهم قالوا: «لا نريد القضاء على الإرهاب بيد، واستحضاره بيد أخرى»، أشار إلى أن المعارضة طرحت على الولايات المتحدة أن تدار الرقة من قبل مجلس محافظة الرقة الممثل في «الائتلاف»، لكنها لم تتلقَ جواباً، وأضاف: «إذا ما تقرّر إدارة الرقة، التي لا يمثل الأكراد فيها إلا نسبة 2 في المائة (في المحافظة)، من قبل (سوريا الديمقراطية) المؤلفة في معظمها من الإيرانيين والأتراك الأكراد، عندها ستكون المواجهة حتمية بينهم وبين أهلها العرب».
وفي حين لفت إلى أن المعارضة لا تملك تفاصيل حول «مجلس الرقة» الذي يتم الإعداد له، قال: «قد تعمل أميركا على إنشائه نتيجة تحذيراتنا لها، لكن لا يزال لدينا القلق من رفض (سوريا الديمقراطية) الخروج من الرقة بحجة أنها هي التي حرّرتها من التنظيم، لا سيما أن هذا المجلس يدار من قبل هذه القوات».
وعن إمكانية تسليم إدارة الرقة إلى المعارضة المتمثلة بـ«الائتلاف الوطني السوري»، قال محمود: «كل من يؤمن بإرادة الشعب السوري، وبمبادئ الثورة، يمكنه أن يقوم بهذه المهمة، لكن لا نعتقد أن (الائتلاف الوطني) الذي اتسمت سياسته بالتطرف، ولم يقم بأي أمر سوى تنفيذ مشاريع السلطة التركية، مخوّل لها».
وكانت وكالة «رويترز» قد نقلت عن مسؤول أميركي قوله: «إن واشنطن مستعدة لتمويل المجلس المدني شرط أن يثبت أنه يحتضن الجميع، ويمثل التجمعات السكانية التي يحكمها». غير أن تركيا لها رأي مخالف، إذ ترى أن وجود مجلس متحالف مع «سوريا الديمقراطية» التي تعتبرها امتداداً لحزب العمال المحظور سيوسع نفوذ أكراد سوريا الذين أصبحوا مقاتلين مهرة خلال الحرب الدائرة منذ 6 سنوات، وأقاموا حكماً ذاتياً في شمال سوريا.
وتشارك الدول الأوروبية تركيا والولايات المتحدة مخاوفهما من أن يتصرف مجلس الرقة المدني بشكل مستقل عن «سوريا الديمقراطية» في الرقة، وهي مدينة غالبية سكانها من العرب، لكنها تشعر بقلق شديد مما قد يحدث بعد الحرب، في ضوء عدد الهجمات التي وقعت على أراضيها.
وتأسس «مجلس الرقة» في أبريل (نيسان) الماضي، ويشترك في قيادته كل من الشيخ محمود شواخ البورسان، وهو من القيادات العشائرية، والمهندسة المدنية الكردية ليلى مصطفى. ويقع مقره في قرية عين عيسى، الواقعة على مسافة 50 كيلومتراً شمال الرقة، ويتمتع بدعم «قوات سوريا الديمقراطية» المؤلفة من مقاتلين من الأكراد والعرب تدعمهم الولايات المتحدة.
وأعلن المجلس أن نحو 80 في المائة من أعضائه من العرب، وأن نواب قائديه اثنان من العرب وكردي واحد. ويقول إدريس محمد الكردي، الذي وقع عليه الاختيار ليكون رئيس الأمن في الرقة مستقبلاً، إنه تم تدريب 700 فرد حتى الآن، وأضاف: «الهدف هو تدريب 3 آلاف، لكن تدريب 10 آلاف سيكون رائعاً».
8:6 دقيقة
تنافس على إدارة الرقة بعد التحرير... وتحذيرات من فتنة كردية ـ عربية
https://aawsat.com/home/article/958976/%D8%AA%D9%86%D8%A7%D9%81%D8%B3-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D8%A9-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D8%B0%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D9%86-%D9%81%D8%AA%D9%86%D8%A9-%D9%83%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%80-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9
تنافس على إدارة الرقة بعد التحرير... وتحذيرات من فتنة كردية ـ عربية
- بيروت: كارولين عاكوم
- بيروت: كارولين عاكوم
تنافس على إدارة الرقة بعد التحرير... وتحذيرات من فتنة كردية ـ عربية
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة