تجسس الحلفاء الغربيين متبادل

«دير شبيغل» تكشف تلصص المخابرات الألمانية على البيت الأبيض

تقول «دير شبيغل» إن الحكومة الألمانية رفضت التعليق على تقريرها الذي يستند إلى وثائق رسمية (إ.ب.أ)
تقول «دير شبيغل» إن الحكومة الألمانية رفضت التعليق على تقريرها الذي يستند إلى وثائق رسمية (إ.ب.أ)
TT

تجسس الحلفاء الغربيين متبادل

تقول «دير شبيغل» إن الحكومة الألمانية رفضت التعليق على تقريرها الذي يستند إلى وثائق رسمية (إ.ب.أ)
تقول «دير شبيغل» إن الحكومة الألمانية رفضت التعليق على تقريرها الذي يستند إلى وثائق رسمية (إ.ب.أ)

لا يبدو أن المخابرات الألمانية (بي أن دي) تأخذ بمبدأ «التجسس بين الأصدقاء غير جائز»، الذي تتبناه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في خطاباتها. وبعد فضيحة التجسس على المؤسسات السياسية والاقتصادية الأوروبية الصديقة، والتجسس على الصحافة الألمانية والبريطانية، تتهم مجلة «دير شبيغل» المخابرات الألمانية بالتلصص على آلاف الأهداف في الولايات المتحدة، بينها البيت الأبيض.
ويثبت الواقع، بعد فضيحة تجسس جهاز الأمن القومي الأميركي على ألمانيا، وعلى هاتف المستشارة ميركل الجوال بالذات، أن التجسس «الصداقي» بين الحلفاء متبادل. وقبل فترة قصيرة جداً، بعد تشكيك الساسة الألمان بفائدة التعاون مع المخابرات الأميركية في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، المتهمة بتسريب المعلومات السرية إلى روسيا، أكد وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزيير أن التعاون الأمني في مجال محاربة الإرهاب مع الولايات المتحدة «لا مناص منه».
وأكدت «دير شبيغل» أنها تستمد معلوماتها من وثائق رسمية تشي بأن المخابرات الألمانية تلصصت بين 1998 و2006 على4 آلاف هدف أميركي. واستخدم جهاز المخابرات الألماني «أربعة آلاف كلمة منتقاة»، بمعنى أرقام هواتف وفاكس وبريد إلكتروني، في مراقبة كثير من الأهداف، بينها البيت الأبيض ووزارة المالية الأميركية.
وتكشف الوثائق التي تتحدث عنها المجلة الألمانية المعروفة أن جهاز التجسس الخارجي الألماني لم يتردد في إدخال هواتف وأرقام مقر الرئيس الأميركي في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية في شبكته.
فضلاً عن ذلك، شملت أعمال التجسس الألمانية على الولايات المتحدة شركات كبرى مثل لوكهيد مارتن (الأسلحة) ووكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، ومنظمات إنسانية مثل «هيومان رايتس ووتش»، إضافة إلى كثير من الجامعات في كثير من الولايات الأميركية. بل إن المخابرات الألمانية تجسست أيضاً على مراكز اتصالات عسكرية أميركية «صديقة» مثل القوة الجوية الأميركية، والمارينز، ووكالة استخبارات الدفاع التابعة للبنتاغون (دي آي إيه) والاستخبارات العسكرية، بحسب مصادر «دير شبيغل». وامتدت أعمال التلصص على نشاط المؤسسات الأجنبية في الولايات المتحدة لتشمل مقر الجامعة العربية في واشنطن وصندوق النقد الدولي والسفارات الأجنبية في العاصمة الأميركية.
وتقول «دير شبيغل» إن المخابرات الألمانية رفضت التعليق على التقرير، وإن رئيس المخابرات الألمانية برونو كال، الذي يقود الجهاز منذ نحو سنة، أشار إلى المستقبل بالقول: «إن قضية على من يجوز للمخابرات الألمانية التجسس، وعلى من لا يجوز، لا تخضع مستقبلاً إلى أخذ الموفقات في ذلك، وإنما إلى رقابة مستقبلية طموحة».
وينتظر أن يستمع البرلمان الألماني في الأسبوع المقبل إلى تقرير اللجنة الخاصة بالتحقيق في تجسس وكالة الأمن القومية على ألمانيا. ولا يبدو أن اللجنة ستتمكن من إثبات تهمة التستر على الفضيحة لأسباب انتخابية في سنة 2013. وذكرت مارتينا رينر، عضو لجنة التحقيق من حزب اليسار، أن حكومة ميركل تسترت على الفضيحة عمداً لأسباب تتعلق بالحملة الانتخابية التي جرت سنة 2013. وقال كريستيان شتروبله، عضو اللجنة التحقيقية من حزب الخضر، أن نتائج انتخابات عام2013، التي انتهت لصالح ميركل، كانت قد تغيرت لو أن الحكومة كشفت فضيحة المخابرات الألمانية. وصف كونستانتين فون نوتز، رئيس لجنة التحقيق من حزب الخضر، تصريح ميركل «إن التجسس بين الأصدقاء غير مقبول على الإطلاق»، بأنه خداع تام لكامل الرأي العام الألماني.
وتم تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية في قضية تجسس وكالة الأمن القومي الأميركية في مطلع 2014، واجتمعت أكثر من 100 مرة حتى الآن للكشف عن تفاصيل القضية، وعن مدى معرفة المستشارة المسبقة بتفاصيل التجسس. ويعود الفضل إلى الجاسوس الهارب إدوارد سنودن في الكشف عن تفاصيل نشاط وكالة الأمن القومي على المستوى العالمي. وفشلت ألمانيا في سنة 2013 في إقناع الإدارة الأميركية في توقيع اتفاقية «عدم التجسس» بين الأصدقاء.
وأثارت الصحافة الألمانية، مثل صحيفة «زود دويتشة» المعروفة، الشكوك حول أن المستشارة الألمانية، كانت تعرف بفضيحة التجسس منذ مطلع 2013، إلا أنها تسترت على الموضوع حتى أكتوبر (تشرين الأول) من نفس العام، كي لا تؤثر سلباً في الحملة الانتخابية العام التي جرت في ذلك العام. وقد يعبر صمت الحكومة عن الفضيحة المعاكسة التي تم الكشف عنها في الوقت نفسه، وهي أن المخابرات الألمانية كانت بدورها تتجسس سياسياً واقتصادياً على الشركاء الأوروبيين وغيرهم، عن هذه الحال أيضاً.
وقد اهتز الإعلام الألماني قبل أقل من سنة لخبر تجسس المخابرات الألمانية على الصحافة والصحف الأجنبية، وخصوصاً على الـ«بي بي سي». وكانت «دير شبيغل» وراء فضيحة التجسس الإعلامي من جديد، واتهمت المجلة الجهاز بمراقبة الصحافيين الأجانب منذ سنة 1999 في عدة دول منها أفغانستان وباكستان ونيجيريا. وتحدثت دير شبيغل عن 50 رقماً لصحافيين ورؤساء تحرير في قائمة الرقابة.
وشملت الرقابة عشرات خطوط الاتصال التابع لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» في أفغانستان وفي مكاتبها الرئيسية في العاصمة البريطانية لندن. هذا إضافة إلى الرقابة على خط اتصال هاتفي لصحيفة «نيويورك تايمز» وعلى الهواتف الجوالة، والهواتف العاملة عبر الأقمار الصناعية، التي تستخدمها وكالة «رويترز» في أفغانستان وباكستان ونيجيريا.
واستغرب آنذاك متحدث باسم المخابرات الألمانية الضجة «غير الضرورية» حول التجسس على الصحافة. وقال المصدر لصحيفة «زود دويتشه» الواسعة الانتشار إن الحديث يجري عن قضايا تناسب «بروفيل» مهمات الحكومة الألمانية. وأضاف أن كل القضايا لم تكن «لا شرعية»، وأن كل الأمر يدور حول كسب المعلومات حول مناطق الأزمات. وأشار إلى أن الحكومة الألمانية أشارت في تقريرها للسنة الماضية إلى اهتمامها بما تتناقله الميديا.
ومعروف في ألمانيا أن نشاطات الأجهزة الأمنية تخضع مباشرة إلى دائرة المستشار، ويتولى وزير الدولة في دائرة المستشار الإشراف على نشاط هذه الأجهزة. وكان بيتر ألتماير، وزير داخلية دائرة المستشارة ميركل، أول من أطلق رصاصة الرحمة باتجاه رئيس المخابرات الألمانية السابق جيرهارد شندلر الذي أطاحت به فضيحة التجسس الأميركية.
جدير بالذكر أن المستشار السابق جيرهارد شرودر علق على خبر تجسس وكالة الأمن القومي الأميركي على هاتف ميركل الجوال بالقول: «ثم ماذا؟».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».