جدل في تونس بسبب الغياب المتكرر لنواب البرلمان

منظمة «البوصلة»: همهم الأكبر والأبرز الحفاظ على مكاسبهم المادية

جانب من جلسة للبرلمان التونسي
جانب من جلسة للبرلمان التونسي
TT

جدل في تونس بسبب الغياب المتكرر لنواب البرلمان

جانب من جلسة للبرلمان التونسي
جانب من جلسة للبرلمان التونسي

رفضت لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية في البرلمان التونسي، مقترحا يقضي باقتطاع مائة دينار تونسي (نحو 40 دولارا) من منح نواب الشعب عند كل تغيب عن دورات البرلمان؛ وهو ما أثار جدلا وردود أفعال قوية من قبل منظمات حقوقية عدة تتابع العمل البرلماني، حيث استنكرت موقف اللجنة التي خالفت المقترح التوافقي، الذي وافقت عليه وقدمته إلى اللجنة كل الكتل البرلمانية.
ودأبت المنظمات الحقوقية التونسية والدولية، على انتقاد الغيابات المتكررة وغير المبررة لعدد كبير من نواب البرلمان، وقالت: إنهم «يمعنون في الاستهتار بالثقة التي منحهم إياها الناخبون، وبالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهم»، ووجهت لهم اتهامات مباشرة بأن همهم الأكبر والأبرز هو «المحافظة على مكاسبهم المادية، بدل تنقيح النظام الداخلي في اتجاه مزيد من الحوكمة الرشيدة في التعاطي مع ملف الانضباط النيابي».
وكان البرلمان قد أعلن في شهر فبراير (شباط) 2016 تفعيل مقترح زيادة بقيمة 900 دينار تونسي (نحو 360 دولارا) المطروح منذ سنة 2013. ولاقى هذا المقترح تعليقات ساخرة من المواطنين، وبخاصة منهم العاطلون عن العمل، بحجة غياباتهم المتكررة وجلسات النقاش البرلماني التي غالبا ما تتحول إلى مجادلات وملاسنات بين التيارات السياسية المختلفة، علما بأن النواب يتقاضون رواتب شهرية في حدود 2300 دينار (نحو ألف دولار)، إضافة إلى عدد من المنح والامتيازات التي تقدم لهم حتى وإن تكررت غياباتهم عن جلسات البرلمان.
وفي السياق ذاته، رفضت لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية، مقترحا لتعديل طريقة تسجيل الحضور في اللجان البرلمانية، التي اضطرت في مناسبات عدة إلى تعطيل أشغالها وتأجيل اجتماعاتها بسبب غياب النواب. وكمثال على ذلك لم تستأنف اللجنة الانتخابية الثلاثاء الماضي أعمالها التي كانت مخصصة لانتخاب مرشحين لعضوية هيئة النفاذ للمعلومة بسبب غياب 15 عضوا من جملة 22 نائبا.
وشارفت هذه اللجنة على استكمال مقترحات لتعديل النظام الداخلي للبرلمان، ومن المنتظر عرض نتائج أعمالها خلال جلسة برلمانية عامة. ومن أهم النقاط التي صادقت عليها هذه اللجنة مدونة سلوك، تحدد عمل النائب وتضبط حدود تصرفاته، لكن المسألة تتعدى العمل السياسي إلى الأخلاق السياسية، على حد تعبير بعض نواب البرلمان.
من جهتها، قالت منظمة «أنا يقظ»، وهي منظمة حقوقية تونسية: «إن غيابات النواب باتت ظاهرة لافتة وتبعث على الحيرة، ومجلس نواب الشعب (البرلمان) لم يستطع تجاوز عقبة الغيابات المتكررة واللافتة للكثير من النواب؛ مما أثر على دوره التشريعي والرقابي».
أما بخصوص قرار لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية المتعلق بإسقاط مقترح تنقيح النظام الداخلي لخصم 100 دينار من منحة النواب المتغيبين دون مبرر فقد أوضحت المنظمة أن المسؤولية يجب أن تكون مقرونة بالمحاسبة، مشيرة إلى أن «ظاهرة غياب النواب أصبحت شرطا ملازما يستحضره المواطن كلما مثلت أمامه صورة المجلس النيابي».
من جانبها، دخلت منظمة البوصلة، وهي منظمة حقوقية مستقلة، تراقب العمل البرلماني وتسجل الحضور والغيابات على خط هذا الجدل، حيث قدمت رئيستها أميرة اليحياوي إحصائيات لـ«الشرق الأوسط»، أكدت من خلالها أن حركة النهضة تتصدر ترتيب الحاضرين بنسبة حضور لنوابها تقدر بـ67 في المائة، تليها كتلة الحرّة لحركة مشروع تونس، بزعامة محسن مرزوق، بنسبة 58 في المائة، ثم الكتلة الديمقراطية المعارضة بنسبة 56 في المائة.
وأوضحت اليحياوي، أن حزب النداء الفائز بالانتخابات البرلمانية لسنة 2014، اكتفى بنسبة حضور لا تزيد على 53 في المائة فقط من نوابه، وهي النسبة نفسها التي سجلها نواب الاتحاد الوطني الحر، بزعامة سليم الرياحي، تليهما كتلة آفاق تونس ونداء التونسيين بالخارج بنسبة 43 في المائة، ثم يأتي بعد ذلك تحالف الجبهة الشعبية المعارض (بزعامة حمة الهمامي) بنسبة 40 في المائة، في حين قدرت نسبة حضور نواب الكتلة الاجتماعية الديمقراطية بـ34 في المائة.
وطرح اقتراح الاقتطاع من منح نواب البرلمان في حال غيابهم قبل نحو سنة، حيث تم اقتراح تنقيح النظام الداخلي للبرلمان في فصله 26، وذلك بإقرار الخصم في حالة الغياب غير المبرر بنسبة 100 دينار من منحة النواب. وتبنى البرلمان هذا المقترح، كما تمت الموافقة عليه من قبل ندوة الرؤساء التي تضم رؤساء الكتل البرلمانية ورؤساء اللجان القارة والخاصة وأعضاء المكتب. غير أن لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية في مجلس النواب قررت إسقاط هذا المقترح، وهو ما خلّف تساؤلات عدة قد تؤثر على صورة نواب البرلمان لدى عموم التونسيين.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.