المعارضة تدافع عن درعا وتستعد للهجوم

النظام يواصل قصف المدينة وغوطة دمشق

المعارضة تدافع عن درعا وتستعد للهجوم
TT

المعارضة تدافع عن درعا وتستعد للهجوم

المعارضة تدافع عن درعا وتستعد للهجوم

لم يتبدَّل المشهد الميداني في مدينة درعا وريفها، وبقيت هذه الجبهات كلّها هدفاً للغارات الجوية والقصف المدفعي والصاروخي الذي ينفذه النظام وحلفاؤه، فيما أكد قائد عسكري في الجبهة الجنوبية، أن «الفصائل تمكّنت من إحباط كلّ هجمات النظام، وهي ستنتقل في الأيام المقبلة من وضعية الدفاع إلى مرحلة الهجوم».
وقال قائد عسكري في غرفة عمليات «البنيان المرصوص» تحفَّظ على ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الثوار أحبطوا في الساعات الماضية، ثلاث هجمات للنظام على مخيم درعا وحي المنشية». وقال: «لقد عززنا مواقعنا بشكل كامل سواء بالتحصينات أو بالمقاتلين، وقمنا بتلغيم نقاط وممرات يحاول النظام والميليشيات الطائفية التقدّم عبرها»، مؤكداً أن «الثوار بدأوا يعدّون العدة للانتقال من وضعية الدفاع إلى مرحلة الهجوم المعاكس».
إلى ذلك، أفادت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، بأنه «لا سيطرة جديدة في الساعات الماضية لأي من طرفي الصراع في درعا، رغم حدّة المعارك». وأشارت إلى أن «النظام نفذ عدّة محاولات للتقدم على أكثر من محور، لا سيما في حي المنشية ومخيم درعا، إلا أن غرفة عمليات (البنيان المرصوص) أحبطت محاولاته، التي استعاض عنها بتصعيد القصف الجوي والتدميري لأحياء درعا»، مؤكداً أن «الطائرات الحربية غالباً ما تنشط في ساعات الليل، خصوصاً المروحيات التي تلقي البراميل المتفجرة على مناطق الاشتباكات».
بدوره، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «الطيران المروحي ألقى ما لا يقل عن 8 براميل متفجرة على مناطق في درعا البلد بمدينة درعا»، مؤكداً أن هذه الغارات «ترافقت مع قصف المدينة بـ30 صاروخ أرض - أرض أطلقتها قوات النظام على درعا البلد، وسط استمرار الاشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وفصائل المعارضة من جهة أخرى في محور حي المنشية بمدينة درعا».
ووفق المرصد، فإن فصائل المعارضة «استهدفت دبابة للنظام بصاروخ، قرب فرع المخابرات بمدينة درعا، مما أدى إلى إعطابها، فيما قصفت الفصائل تمركزات للواء (جيش خالد بن الوليد) المبايع لتنظيم (داعش)، في بلدتي سحم الجولان وعدوان بمنطقة حوض اليرموك، بالريف الغربي لدرعا، ولم ترد معلومات عن خسائر بشرية».
ولم تسلم مناطق سيطرة المعارضة في درعا من الغارات الجوية، وفق ما أوضح الناشط الإعلامي في درعا حميد ناصير، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الطيران الحربي نفّذ أمس أربع غارات على أحياء درعا، فيما ألقت المروحيات أكثر من 20 برميلاً متفجراً على الأحياء المحررة في المدينة، التي استهدفت أيضاًبـ22 صاروخ أرض - أرض من نوع (فيل)، بالإضافة إلى قصف مدفعي استهدف بلدة الغرية الشرقية، وقذائف الهاون التي طالت بلدة اليادودة.
وأكد ناصير، أن «غرفة عمليات (رص الصفوف)، تمكَّنَت من تدمير مجنزرة لقوات النظام على جبهة مخيم درعا، ودمرت دبابة للنظام أمام مبنى المخابرات الجوية».
هذا التصعيد انسحب على مناطق الغوطة الشرقية أيضاً، حيث دارت أمس اشتباكات، بين قوات النظام والميليشيات الموالية له من جهة، و«جيش الإسلام» من جهة أخرى، في محور بلدة النشابية بمنطقة المرج، إثر محاولة النظام التقدّم في المنطقة، وترافقت الاشتباكات مع قصف قوات النظام لمناطق المواجهة بقذائف الهاون على مناطق الاشتباك، كما استهدفت القذائف بلدة بيت جن بريف دمشق الجنوبي الغربي.
وعلى جبهة البادية، في الريف الشرقي لدمشق، استمرّت المعارك بين قوات النظام وفصائل الجيش الحرّ، وأعلن سعد الحاج مسؤول المكتب الإعلامي لـ«جيش أسود الشرقية»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «جبهة الريف الشرقي للسويداء شهدت معارك عنيفة مع قوات النظام، خصوصاً في منطقة الزلف والرصيعي»، مؤكداً أن «الثوار نفذوا هجوماً على منطقة دكوة التي تقدم إليها النظام قبل أيام، حيث جرى استهداف مواقع للأخير ونقاط كان يعمل على تحصينها»، واعداً بأن «الأيام المقبلة ستحمل مفاجآت سارة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.