أوكرانيا تبتعد أكثر عن روسيا وتتجه للانصهار مع أوروبا

حظرت شريط غيورغي وتستعد لفرض تأشيرات على المواطنين الروس

أوكرانيا تبتعد أكثر عن روسيا وتتجه للانصهار مع أوروبا
TT

أوكرانيا تبتعد أكثر عن روسيا وتتجه للانصهار مع أوروبا

أوكرانيا تبتعد أكثر عن روسيا وتتجه للانصهار مع أوروبا

تصبح المسافة الفاصلة بين روسيا وأوكرانيا أكبر يوما بعد يوم، نتيجة الأزمات السياسية التي تهمين على العلاقات بين البلدين منذ عقد ونصف تقريباً. ويوم أمس اقترحت الحكومة الأوكرانية فرض إجراءات تكون بديلة عن تأشيرات الدخول، للمواطنين الروس الراغبين بالسفر إلى أوكرانيا. ولا يعني الاقتراح الجديد تراجعاً كلياً عن اقتراح سابق حول فرض تأشيرات سفر على المواطنين الروس، بل يهدف إلى تبسيط المسألة. إذ اقترح وزير الخارجية الأوكراني بافل كليمكين إنشاء منظومة يقوم المواطنون الروس عبرها بالإبلاغ مسبقاً عن نيتهم التوجه إلى أوكرانيا. ويرى أن منظومة تأشيرات السفر التقليدية قد أصبحت من الماضي، ويمكن لأي إنسان في عصر التقنيات الرقمية أن يدخل إلى الإنترنت ويكتب في صفحة هناك أنه ينوي التوجه إلى أوكرانيا، ويحدد الموعد «بهذا الشكل يجب على المواطنين الروس السفر إلى أوكرانيا» حسب قوله، لافتاً إلى أن هذا الأسلوب سيسمح بالتحكم بحركة الدخول والمغادرة «كي لا تبقى العملية خارج التحكم».
وأكد وزير الخارجية الأوكرانية أن تصميم مثل هذه المنظومة على الإنترنت يحتاج بضعة أشهر، لكن بعد اتخاذ قرار سياسي بهذا الخصوص، وشدد على أن «الهدف من هذا كله يجب أن يكون بسيطا للغاية ألا وهو إغلاق الحدود، لكن ليس على مستوى التصريحات السياسية فقط، بل أن تغلق الحدود وألا يسبب هذا الأمر في الوقت ذاته أي ضرر للمواطنين الأوكرانيين».
هذه ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها السلطات الأوكرانية عن ضرورة فرض تأشيرات سفر على المواطنين الروس لزيارة الأراضي الأوكرانية. وفي وقت سابق دعا إلكسندر تورشينوف إلى حل هذه المسألة وفرض تأشيرات السفر في أقرب وقت ممكن. وقالت موسكو إنها ستنطلق من مبدأ «المعاملة بالمثل» بحال اتخذت السلطات الأوكرانية قرارا بهذا الخصوص. واللافت أن الحديث حول هذا الأمر برز بصورة واضحة قبل أيام على بدء العمل بموجب قرار الاتحاد الأوروبي حول فتح الحدود مع أوكرانيا، أي إعفاء المواطنين الأوكرانيين من تأشيرة السفر لدخول دول الاتحاد الأوروبي.
وكان لافتاً خلال اليومين الماضيين أن أعداداً كبيرة من المواطنين الأوكرانيين، توجهوا نحو دول أوروبا الشرقية المجاورة، لا سيما بولونيا، حيث تتوفر فرض عمل في القطاع الزراعي، وذلك نتيجة فراغ نسبي بسبب هجرة جزء من العمالة البولونية إلى أسواق أوروبا الغربية. ودون ذلك جرت العادة أن يتجه عمال أوكرانيون صيف كل عام للمشاركة في الموسم الزراعي الصيفي في بولونيا، فضلا عن عمال في مجالات أخرى، كانوا سابقاً يواجهون صعوبات محدودة في السفر بسبب نظام التأشيرات، وقد زالت تلك العقبات بعد الإعفاء الأوروبي لأوكرانيا.
ويرى مراقبون أن ظهور نظام تأشيرات بين أوكرانيا وروسيا سيؤدي من جانب أول إلى تراجع الحركة بين البلدين، ما يعني تراجع أعداد الأوكرانيين العاملين في السوق الروسية، وكذلك تراجعا تدريجيا للعلاقات بشكل عام على مستوى المواطنين في البلدين. بالمقابل فإن فتح أوروبا حدودها للأوكرانيين، وإن كان القرار يحظر عليهم التوظيف، إلا أنه سيساعدهم في تأمين فرص عمل بصورة غير شرعية، تعوض عما سيخسرونه لمغادرتهم السوق الروس. كما سيساعد القرار الأوروبي الأوكرانيين في التحرك للاندماج تدريجيا مع المجتمعات الأوروبية. وهذا كله سيؤدي مع الوقت إلى تغير في طبيعة العلاقات التاريخية بين روسيا وأوكرانيا، وأوروبا وأوكرانيا على الطرف الآخر.
وتتخذ السلطات الأوكرانية منحنيين لآخر قرارات سياسية تهدف إلى تغييب أي عوامل تاريخية تؤكد على الروابط المصيرية بين الشعبين الأوكراني والروسي. ويوم أمس وقع الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو مرسوماً ينص على حظر إعداد والترويج لـ«شريط القديس غيورغي» الذي يشكل رمزاً للنصر بالنسبة لكل الشعوب السوفياتية التي شاركت في الحرب العالمية الثانية، وتقوم روسيا بحملات توزيع ذلك الشريط سنوياً في أكثر من بلد، إذ يقوم مواطنون أوكرانيون بحملات مماثلة في المدن الأوكرانية إحياء لذكرى أبطال الحرب العالمية الثانية. ولم يوضح الرئيس الأوكراني الأسباب التي دفعته لإصدار ذلك المرسوم، غير أن مراقبين يشيرون إلى أن التباين من النظرة بين موسكو وكييف لما جرى إبان الحرب العالمية الثانية، ونتائجها، قد يكون السبب وراء قرار حظر الشريط الذي يرمز للنصر على النازية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».