صراع أميركي ـ إيراني على «البادية السورية» بانتظار تفاهمات مع روسيا

يشمل ايضا دير الزور والرقة.. ومناطق «خفض التصعيد»

صراع أميركي ـ إيراني على «البادية السورية» بانتظار تفاهمات مع روسيا
TT

صراع أميركي ـ إيراني على «البادية السورية» بانتظار تفاهمات مع روسيا

صراع أميركي ـ إيراني على «البادية السورية» بانتظار تفاهمات مع روسيا

شكلت الضربة الأميركية على قافلة موالية للنظام يعتقد أنها تضم ميليشيات إيرانية في «البادية السورية» إشارة أخرى إلى أن واشنطن مستعدة لـ«الدفاع» عن مناطق «الجيش الحر» تدعمها، وسبق أن اتفقت على حدودها خلال المحادثات الأميركية - الروسية في عمان. لكنها قدمت دليلاً آخر على استمرار السباق على مناطق «داعش» والمثلث السوري - العراقي - الأردني وسط استمرار روسيا في تقديم غطاء لقوات النظام بقضم مناطق «خفض التصعيد» الأربع. وهنا أهم مناطق السباق:

معركة البادية
كانت أميركا عززت وجودها العسكري شرق سوريا وأقامت قاعدة جديدة في منطقة الزكف على بعد 70 كيلومتراً شمال معسكر التنف الذي تقيم فيه وحدات خاصة أميركية وبريطانية ونرويجية لتدريب فصائل معارضة تقاتل «داعش».
وبحسب مسؤولين غربيين، فإن أميركا أقامت قاعدة الزكف لتعزيز إقفال الطريق أمام قوات النظام وميليشيات إيرانية التي تسعي إلى التقدم إلى زاوية الحدود السورية - العراقية - الأردنية من جبهتين: الأولى، من منطقة السبع بيار شرق تدمر. الآخرى، من الريف الشرقي للسويداء جنوب دمشق. وكانت إيران عززت وجود ميليشيات لها في أكثر من نقطة شملت منطقة السبع بيار (وسط) وريف السويداء (جنوب) إضافة إلى القامشلي ودير الزور (شمال شرق)، في وقت تقدم «الحشد الشعبي» العراقي من الطرف الآخر للحدود. وقال مسؤول غربي: إن الجانب الأميركي أبلغ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بضرورة وقف «الحشد» من عبور الحدود، في وقت ترددت أنباء عن زيارة قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري قاسم سليماني مناطق الحدود.
وكانت أميركا حذرت ميليشيات إيرانية من التقدم من منطقة السبع بيار باتجاه معسكر التنف، وألقت طائراتها منشورات تضمن التحذير. كما أنها أبلغت روسيا خلال المحادثات في عمان بـ«وقف» الإيرانيين في «البادية السورية». لكن الإيرانيين استمروا في الحشد؛ ما أدى إلى توجيه ضربة مساء أول من أمس، هي الثانية خلال أقل من شهر. وقال مسؤول غربي أمس إنه مرة أخرى لم تلتزم هذه الميليشيات لـ«تحذيرات أرسلت عبر قناة منع الصدام بين أميركا وروسيا إلى أن تم تدمير قطعتين مدفعيتين وسلاح مضاد للطائرات وإصابة دبابة». وأضاف: «لا يسعى التحالف إلى محاربة قوات النظام السوري أو الميليشيات الموالية، لكنه مستعد للدفاع عن نفسه إذا رفضت القوات الموالية للنظام إخلاء منطقة منع الصدام». وكان تحالف عسكري تابع للنظام لإيران دور القيادة فيها، هدد أمس بـ«قصف» قواعد أميركية في سوريا في إشارة إلى التنف والزكف.

دير الزور والرقة
ظهر أن قوات النظام وميليشيات موالية سعت إلى التقدم من البادية شرق تدمر وحمص باتجاه البوكمال على حدود العراق ثم المضي إلى دير الزور، حيث تجري معارك بين قوات النظام وحلفائها بغطاء روسي لطرد «داعش» من هذه المدينة. لكن أميركا بإقامة قاعدة الزكف عززت موقع حلفائها قبل خوض معركة دير الزور.
وكانت أميركا سيطرت على مطار الطبقة العسكري في ريف الرقة، وسبقت قوات النظام و«حزب الله» التي سعت للتقدم من الريف الشرقي لحلب باتجاه الطبقة. وتسعى أميركا إلى تحويل مطار الطبقة، الذي حررته «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية من «داعش»، إلى قاعدة جوية عسكرية تضاف إلى مطارات وقواعد صغيرة أخرى تقع تحت سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية وتشمل مطارين زراعيين في الرميلان شرق الحسكة ومهبط آخر قرب الحسكة، إضافة إلى مطار كبير في عين العرب (كوباني).
بذلك، تعزز أميركا وجودها العسكري شرق سوريا، سواء مع الأكراد في شمال شرقي البلاد أو مع فصائل «الجيش الحر» في جنوب شرقي البلاد، ذلك ضمن خطة الرئيس دونالد ترمب لتقليص نفوذ إيران وقطع خط الإمداد من إيران إلى العراق ثم إلى «حزب الله» في لبنان وإلى البحر المتوسط. لكن أيضا يضع أميركا في موقع عسكري مفاوض مقابل روسيا التي تملك قاعدتين في اللاذقية وطرطوس وسعت إلى توسيع مطارات سوريا في تدمر وريف حمص وفي حلب.
ولا شك أن سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) على الرقة وطرد «داعش» منها في الخريف المقبل سيعزز أيضا الموقف الأميركي، لكن مساهمة حلفاء إيران في تحرير الموصل يضع بعض القيود على مدى قدرة أميركا للضغط على إيران في سوريا. واستعجلت قوات النظام و«حزب الله» التوغل في الحدود الإدارية لمحافظة الرقة من طرفي تدمر وشرق حلب.
وستكون المعادلة معقدة بين مدينتي دير الزور والرقة بعد طرد «داعش» مع احتمال التوصل إلى تفاهم أميركي - روسي وسط تساؤلات عن احتمال تكرار معادلة الباب ومنبج بعد تحرير فصائل «درع الفرات» التي يدعمها الجيش التركي بغطاء روسي مناطق «داعش» شمال حلب مقابل دخول قوات النظام إلى شرق حلب وبقاء «قوات سوريا» بغطاء أميركي في منبج وتسليم «قسد» بوساطة روسيا مناطق في الريف إلى النظام.

مناطق «خفض التصعيد» الأربع
بدأ أمس في طهران اجتماع بين خبراء فنيين لتبادل خرائط مناطق «خفض التصعيد» الأربع، وتشمل إدلب وريف حماة ودرعا وغوطة دمشق، تمهيدا لاجتماعات آستانة على مستوى نواب وزراء الخارجية التركي والروسي والإيراني يومي 12 و13 الشهر الحالي. لكن الواضح، أن قوات النظام تسعى إلى تقليص مساحة هذه المناطق إلى الحد الأقصى الممكن قبل الاجتماع المقبل؛ ما فسر حملة القصف والمعارك على معظم المناطق الأربع.
لكن الواضح، هو التركيز على درعا التي تعرضت لنحو 500 غارة خلال يومين وسط تعزيزات من قوات النظام و«حزب الله» لأسباب تتعلق بعلاقة درعا بـ«معركة البادية» من جهة والمحادثات الأميركية - الروسية التي تعقد في الأردن لإقامة «منطقة آمنة» قد تشمل القنيطرة ودرعا وريف السويداء وصولاً إلى التنف والزكف، اشترطت واشنطن أن تكون هذه المنطقة محظورة على وجود «الحرس الثوري الإيراني» وتشكل بمثابة منطقة عازلة بين إيران والأردن.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».