إعادة تشكيل التحالفات تصطدم بالنتائج غير المتوقعة للانتخابات العراقية

القوى الشيعية تتمسك بقاعدة الأكثرية

إعادة تشكيل التحالفات تصطدم بالنتائج غير المتوقعة للانتخابات العراقية
TT

إعادة تشكيل التحالفات تصطدم بالنتائج غير المتوقعة للانتخابات العراقية

إعادة تشكيل التحالفات تصطدم بالنتائج غير المتوقعة للانتخابات العراقية

في وقت نأى فيه الأكراد بأنفسهم حتى الآن عن إعطاء موقف حاسم من مسألة التحالفات السياسية المؤدية إلى تشكيل الحكومة العراقية بانتظار ما يمكن أن تسفر عنه نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في الثلاثين من شهر أبريل (نيسان) المنصرم، فإن التحالف الوطني الشيعي الذي لا يزال يتمسك بقاعدة الأكثرية الشيعية المؤهلة لتشكيل الحكومة بدأ الخطوة الأولى على مسافة الألف ميل على صعيد الخلافات العميقة بين أركانه لا سيما مع ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي. وكان التحالف الوطني الذي يشكل الأغلبية داخل البرلمان ويتألف من الكتل الشيعية الرئيسة (ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر بالإضافة إلى كتل أصغر مثل الفضيلة وبدر) قد بدأ منذ يوم أمس الأحد سلسلة اجتماعات تهدف إلى إعادة تشكيله بطريقة تجعل منه القوى السياسية والبرلمانية الرئيسة التي يتوجب عليها الاتفاق على ترشيح شخصية واحدة لرئاسة الحكومة المقبلة.
وقال عضو البرلمان العراقي عن كتلة الفضيلة حسين المرعبي، في تصريح صحافي له أمس الأحد، إن «جميع الكتل في التحالف الوطني وقعت ميثاق شرف بأنها لم ولن تنسحب من التحالف الوطني، كونه أمرا أساسيا في المفاوضات مع الآخرين».
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي والناطق الرسمي باسم كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري جواد الجبوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا يوجد خلاف داخل مكونات التحالف الوطني على أهمية بقاء التحالف وتعزيز دوره في المرحلة المقبلة»، مبينا أن «التحالف نجح خلال الفترة الماضية في مواجهة العديد من الصعاب والأزمات، ووقع أعضاؤه ميثاق شرف، كما انبثقت عنه هيئة سياسية تتولى رسم سياساته، وبالتالي فإن حرصنا على بقاء التحالف الوطني يجعلنا لا نقف أمام إشكالية واحدة فيه، وهي السيد رئيس الوزراء نوري المالكي»، مشيرا إلى أن «مسألة الولاية الثالثة قضية تخص دولة القانون والمالكي ولا يمكن حصر التحالف الوطني بزاوية حرجة بسببها، بل من المتوقع أننا سوف نجتاز هذه الجزئية ونذهب إلى ما هو أهم من ذلك».
وأوضح الجبوري أن «إصرار دولة القانون على ترشيح المالكي لولاية ثالثة من شأنه أن يعقد المشهد السياسي، ويمكن أن نواجه أزمة داخل التحالف الوطني، بالإضافة إلى أن هناك رغبة في تشكيل حكومة جديدة تأخذ على عاتقها تخطي سلبيات وأزمات الحكومة السابقة، وبالتالي فإن هذه المسألة واضحة لنا جميعا». وأكد الجبوري أن «الكتل الأخرى خارج التحالف الوطني مثل الكتل السنية والكردية لا ترغب في بقاء المالكي، لأنه تم تجريبه لولايتين، ولم يعد من الممكن منحه ولاية ثالثة»، مبينا أنه «من الضروري الفرز تماما بين التحالف الوطني كمؤسسة مهمة وقضية الولاية الثالثة التي لا نقبل بها».
لكن عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون صادق اللبان أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التحالف الوطني هو من سيرشح رئيس الوزراء، ونحن في هذا المجال نعول كثيرا على وحدة التحالف الوطني في إطار السياقات المؤسساتية التي يعمل في ضوئها»، مؤكدا أن «الحاجة باتت ماسة لتشكيل أغلبية سياسية قادرة على تشكيل حكومة قوية، وهذه الفكرة تحظى باهتمام من قبل الجميع، حيث إن هناك كتلا كثيرة تساندنا في ذلك سواء داخل التحالف الوطني أو على صعيد الكتل الأخرى».
وعلى صعيد الكتل الأخرى فإن الموقف لا يقل صعوبة حيث إنها جميعا تنتظر النتائج التي قد لا تكون متوقعة للانتخابات البرلمانية. وفي هذا السياق فإنه في الوقت الذي أكد فيه عضو البرلمان العراقي عن كتلة متحدون محمد الخالدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الكتل المناوئة للمالكي قادرة على تشكيل أغلبية سياسية كبيرة بإمكانها اختيار رئيس للوزراء»، فإن مسؤولا كرديا بارزا أبلغ «الشرق الأوسط» طالبا عدم الإشارة إلى اسمه بأن «التحالف الكردستاني ينطلق من موقف ثابت واحد وهو انسجامه على صعيد التفاهم بشأن الحكومة المقبلة»، مبينا أن «التحالف الكردستاني لم يعط رأيه حتى الآن، لكن كل ما نستطيع قوله إننا سبق أن جربنا المالكي وعبر أكثر من دورة، ولم ينفذ التزاماته، وبالتالي فإننا ننتظر موقف الكتل الأخرى، وفي حال كان هناك فريق مع المالكي وفريق آخر ضده فإننا سوف نقف مع الفريق الذي يمثله تكتل من المجلس الأعلى والتيار الصدري وعلاوي والنجيفي بهدف تشكيل الحكومة المقبلة على أساس التوافق والشراكة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.