كهوف سيناء معقل لـ«داعش} وشمالها في انتظار التنمية

كهوف سيناء معقل لـ«داعش} وشمالها في انتظار التنمية
TT

كهوف سيناء معقل لـ«داعش} وشمالها في انتظار التنمية

كهوف سيناء معقل لـ«داعش} وشمالها في انتظار التنمية

خمسة عقود مَرّت على احتلال إسرائيل سيناء المصرية، وثلاثة عقود على عودتها بالكامل، لكنها تشهد مواجهات مستمرة بين قوات الجيش والشرطة من جهة، وجماعات العنف والإرهاب من جهة أخرى، لا سيما مع تزايد عدد الهجمات التي يشنها متشددون ضد قوات الأمن هناك.
بحسب خبراء في القاهرة، فإن «مصر عازمة على إنهاء ظاهرة الإرهاب في سيناء، مهما كلف ذلك الأمر من تضحيات سواء من القوات المسلحة أو الشرطة أو أبناء سيناء، فضلاً عن مواصلة تحقيق التنمية في شبه جزيرة سيناء وتنفيذ مشروعات عالمية عملاقة». واستهدفت جماعات مسلحة متشددة منذ سنوات بعيدة مدن سياحية في جنوب سيناء مثل شرم الشيخ، وطابا، ودهب، قبل أن يتزايد نشاط تلك الجماعات في السنوات الماضية، ليبلغ ذروته عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن السلطة في يوليو (تموز) عام 2013، لعوامل أبرزها غياب التنمية الاقتصادية، وضعف الاهتمام بالبنية التحتية في سيناء، تصاعد نمو الإحساس بالسخط لدى فئة كبيرة من الشباب «السيناوي»، مما جعلهم «هدفاً سهل الاستقطاب من قبل الجماعات المسلحة».
ويرى مراقبون أن «أرض سيناء بعدما تحررت من إسرائيل أصبحت هدفاً سهلاً لتنظيمات متشددة كانت تسكن الكهوف في الجبال، وتمارس في البداية عمليات تهريب الأسلحة والمواد الممنوعة، ثم بعد ذلك استهدفت عناصر الجيش».
ويُعد تنظيم «ولاية سيناء» الذي بايع أبو بكر البغدادي زعيم «داعش» في عام 2014، وبدل اسمه لـ«داعش سيناء» واحداً من أقوى التنظيمات المتطرفة التي ظهرت في شبه جزيرة سيناء، حيث كان يستهدف في البداية إقامة «إمارة» في شبة جزيرة سيناء، لكن خبراء أمنيين أكدوا «استحالة ذلك بالنظر إلى موازين القوى على الأرض».
العمليات التي كانت تُجرى في سيناء وقت الاحتلال الإسرائيلي، أعادها تنظيم «داعش سيناء» للأذهان من جديد، عقب تبنيه سلسلة الهجمات الإرهابية التي وقعت على أكمنة للجيش المصري بمدينة الشيخ زويد شمال شبه الجزيرة، والتي خلفت عشرات القتلى والمصابين بين الجنود.
ويفرض الجيش والشرطة المصرية طوقا أمنيا شديدا على المداخل الغربية لسيناء منذ سنوات، وهو ما يؤيد بشدة دخول الأسلحة والمتفجرات من خلال الأنفاق الموجودة شرقاً، خصوصاً مع تزايد العمليات ضد القوات، وتزايد حجم الأسلحة المستخدمة في تلك العمليات.
وأشار العميد السيد عبد المحسن الخبير الأمني والاستراتيجي إلى مشكلة الأنفاق الحدودية التي تمتد لنحو 15 كيلومترا بطول الحدود مع قطاع غزة كشبكة عنكبوتية تحت الأرض، موضحا أنها «تمثل مشكلة كبرى إذ كان يجري من خلالها إدخال كثير من الأسلحة والمتفجرات التي تستخدم في الهجوم ضد القوات المصرية».
وقال مراقبون إن أرض سيناء ضمت بعد تحريرها بسنوات فلولا من بواقي تنظيم «التوحيد والجهاد» المتطرف، إلى جانب عناصر من «أنصار الجهاد»، و«التكفير والهجرة»، و«أجناد مصر»، و«الأنصار والمهاجرون»، و«جيش الإسلام».
وحررت مصر أرضها التي احتلت عام 1967 بكل وسائل النضال من الكفاح المسلح بحرب الاستنزاف، ثم بحرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، وكذلك بالعمل السياسي والدبلوماسي بدءاً من المفاوضات الشاقة للفصل بين القوات عام 1974 وعام 1975 ثم مباحثات «كامب ديفيد» التي أفضت إلى إطار السلام في الشرق الأوسط «اتفاقيات كامب ديفيد» عام 1978 تلاها توقيع معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية عام 1979. وجاء جلاء القوات الإسرائيلية عن مجمل مساحة سيناء، التي عادت للسيادة المصرية في 25 أبريل (نيسان) عام 1982.
وعلى مدى هذه العقود لا تزال قضية الأمن والتنمية في سيناء تشكل المعضلة التي تسعى الحكومات المصرية المتعاقبة لتجاوزها. وأشار العميد عبد المحسن إلى أن الدولة المصرية مصممة على إنهاء ظاهرة الإرهاب في سيناء، مهما كلف ذلك الأمر من تضحيات سواء من القوات المسلحة، أو الشرطة، أو أبناء سيناء الذين يسقطون خلال الحرب على الإرهاب... فضلاً عن مواصلة تحقيق التنمية في شبه جزيرة سيناء، وتنفيذ مشروعات عالمية عملاقة.
وتمثل محافظة شمال سيناء بؤر تمركز وانتشار الجماعات المسلحة ومسرح عمليات قوات الجيش المصري، بينما تظل محافظة جنوب سيناء في منأى عن تلك المواجهات، سوى عملية إسقاط طائرة الركاب الروسية نهاية أكتوبر الماضي. وتكتسب سيناء أهمية بالغة من الناحية الاقتصادية، حيث تعتبر المورد الأول للثروة المعدنية في مصر. وفي جزئها الغربي يقع عدد من آبار البترول المهمّة الموجودة داخل وحول خليج السويس. كما تتمتع منطقة شرق سيناء بوفرة الكثير من المعادن مثل النحاس، والفوسفات، والحديد، والفحم، والمنغنيز، بالإضافة لكميات من اليورانيوم، كما تحتوي على أجود أنواع الفيروز الموجود بالعالم ولهذا أطلق عليها «أرض الفيروز». وتمثل السياحة أحد أهم الجوانب الاقتصادية في المنطقة حيث يوجد عدد من المنتجعات السياحية الشهيرة بمحافظة جنوب سيناء، في مقدمتها طابا، ودهب، وشرم الشيخ، ونويبع.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».