الإدارة الأميركية تدرس «خطة ألَن» لترتيبات أمنية

فاجأت تل أبيب بفتح ملف أعده مساعدو أوباما يقترح مطاراً فلسطينياً مستقلاً

جنود إسرائيليون على حاجز قلنديا بين رام الله والقدس بينما يقف فلسطينيون للعبور إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة أمس (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون على حاجز قلنديا بين رام الله والقدس بينما يقف فلسطينيون للعبور إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة أمس (أ.ف.ب)
TT

الإدارة الأميركية تدرس «خطة ألَن» لترتيبات أمنية

جنود إسرائيليون على حاجز قلنديا بين رام الله والقدس بينما يقف فلسطينيون للعبور إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة أمس (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون على حاجز قلنديا بين رام الله والقدس بينما يقف فلسطينيون للعبور إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة أمس (أ.ف.ب)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، أن إدارة الرئيس دونالد ترمب فاجأت إسرائيل بفتح الملف الأمني الذي كان قد أعده مساعدو الرئيس السابق باراك أوباما، ويحتوي على خطة متكاملة للترتيبات الأمنية المفترض إقرارها ما بين إسرائيل ودولة فلسطين العتيدة.
وقالت المصادر إنه في الأسابيع الأولى التي أعقبت دخول ترمب إلى البيت الأبيض، أجرى مبعوثه الخاص للعملية السلمية، جيسون غرينبلات، عدداً من اللقاءات مع مسؤولين فلسطينيين، وبحث معهم الاتهامات الإسرائيلية للرئيس محمود عباس بأنه يؤيد الإرهاب، فرد هؤلاء بأن قضية الأمن والترتيبات الأمنية تعتبر أكثر موضوع متفق بشأنه بين الطرفين، وأشاروا إلى «خطة ألَن» التي تحدد كل الترتيبات اللازمة بهذا الشأن. وعندما توجه إلى المسؤولين في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أجابوه بأنها خطة تعتمد الحلول التكنولوجية التي لا صلة لها بالواقع. وعندها، اجتمع مع أشخاص لهم صلة بالأمر في السابق من الإسرائيليين والفلسطينيين، وكذلك مسؤولين في إدارة أوباما، فعاد إلى الإسرائيليين وأخبرهم بأن ما قالوه ليس دقيقاً، وأن هذه الخطة تبدو جيدة.
و«خطة ألَن» هذه وضعها طاقم أميركي، بقيادة الجنرال جون ألَن من سلاح المظليين، الذي طلب منه الرئيس باراك أوباما علاج هذه القضية بشكل شخصي، في إطار الإعداد لصيغة إقامة دولة فلسطينية لا تشكل خطراً أمنياً على إسرائيل. وقد عمل عليها في حينه عشرات الضباط والخبراء الأميركيين لأشهر طويلة، ولم يتم الإعلان عنها رسمياً أبداً، وبقيت أغلبية تفاصيلها سرية، بعد محادثات السلام الفاشلة التي أجرتها إدارة أوباما مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية في عامي 2013 و2014. وأوصى المسؤول السابق في إدارة أوباما، غرينبلات، بالتعمق في تفاصيل الخطة لأنه إذا أصبحت المفاوضات التي يريد ترمب إجراءها جدية، فإن الإدارة ستحتاج إلى خطة شاملة تستجيب لاحتياجات إسرائيل الأمنية.
وحسب تلك المصادر، فإن «خطة ألَن» تتضمن أموراً كثيرة لا تروق لإسرائيل، بينها إقامة مطار مدني للفلسطينيين في الضفة الغربية، وإقامة أسطول مروحيات غير مسلحة من أجل تمكين القوات الأمنية التابعة للسلطة من الوصول بشكل سريع إلى الأماكن التي قد يكون فيها محاولات لتنفيذ عمليات أو مظاهرات عنيفة، وتقوية الجدار على الحدود مع الأردن، والتعاون الاستخباري بين إسرائيل والولايات المتحدة. وقد عرض الأميركيون أجزاء كبيرة منها على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق موشيه يعلون، ومسؤولين في هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي. وفي حين حظيت الخطة بمباركة المستوى العسكري الرفيع، فإنها رفضت من قبل يعلون، ووجهت لها انتقادات من نتنياهو. وكانت المرة الأخيرة التي وضعت فيها الخطة على الطاولة في عام 2014، لكن في الأسابيع الأخيرة تزايدت الإشارات إلى أن الإدارة الأميركية الجديدة مهتمة بها، والدليل على ذلك هو أن مستشار الأمن القومي في إدارة ترمب، الجنرال هيربرت ماكماستر، قرر تعيين كريس باومان مسؤولاً عن الموضوع الإسرائيلي الفلسطيني في مجلس الأمن القومي، وهو كولونيل متقاعد في سلاح الجو الأميركي كان ضمن الطاقم الرفيع الذي عمل على إعداد «خطة ألَن» في عامين 2013 و2014.
واعتبر مسؤولون إسرائيليون اطلعوا على الخطة أنها «وثيقة مشتركة للولايات المتحدة وإسرائيل»، و«ثمار عمل مشترك للبنتاغون والجيش الإسرائيلي وعشرات الضباط الإسرائيليين الذين شاركوا في المشاورات، في عدة طواقم وفي مستويات مختلفة، مع نظرائهم الأميركيين».
وحسب بعض المشاركين في المحادثات، قدم ضباط الجيش الإسرائيلي للأميركيين وثيقة من 26 نقطة، تم من خلالها تحديد مصالح إسرائيل الأمنية في المناطق المحتلة. وطلبت إسرائيل من الطاقم الأميركي إيجاد حل ناجع لكل نقطة من النقاط الـ26. وحسب بعض الضباط رفيعي المستوى الذين شاركوا في النقاشات، فإن جميع النقاط تقريباً كانت الإجابة عنها إيجابية من الطرف الأميركي. وقال رئيس قسم التخطيط في هيئة الأركان في تلك الفترة، الجنرال نمرود شيفر، الذي ركز المشاورات في الطرف الإسرائيلي: «أعتقد أن الخطة تُمكن من الحفاظ على مستوى أمني معقول بالنسبة لإسرائيل بعد الانسحاب الواسع من الضفة الغربية، الذي سيكون مقروناً باتفاقيات شاملة مع الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية والأردن».
لكن نتنياهو ويعلون أبديا رفضاً لكثير من بنودها. ويذكر الأميركيون الذين شاركوا في المشاورات أحد اللقاءات التي شارك فيها نتنياهو ويعلون ورئيس الأركان غانتس، والتي في سياقها فاجأ وزير الدفاع الحضور عندما أعلن أنه لا يتفق مع نتنياهو على أن الجيش الإسرائيلي يجب أن يبقى في غور الأردن مدة أربعين سنة بعد التوقيع على اتفاق السلام. ولكن التفاؤل الأميركي تلاشى، عندما قال يعلون إن على الجيش الإسرائيلي البقاء في غور الأردن مدة 80 سنة. وقد اقترح ألَن وطاقمه فترة أقصر، واعتقدوا أن الطرف الفلسطيني قد يوافق على فترة عقد من الزمن. كما شملت خطتهم إقامة غرفة عمليات أميركية، ومجسات، وطائرات من دون طيار، واستخدام صور الأقمار الصناعية، إضافة إلى تقوية الجدار الحدودي القائم على طول نهر الأردن. واقترح الأميركيون أيضاً إقامة جدار آخر مواز في الجانب الأردني من الحدود.
وفي إطار البحث الذي قام به مساعدو ألَن، ذهبوا إلى غور الأردن، وإلى ما وراء الحدود القائمة الآن بين إسرائيل والأردن. وحسب أقوال المسؤولين الأميركيين السابقين، فإن الطاقم الأميركي قام بهز الجدار مدة ربع ساعة، إلى أن جاءت دورية إسرائيلية ولاحظت وجود النشاط الاستثنائي. وقد أمر يعلون بوقف المحادثات مع الأميركيين، ومنع ضباط الجيش من إرسال أوراق العمل أو إجراء لقاءات أخرى. وكان توقف العمل المشترك، حسب بعض المشاركين، قد جرى قبل أسابيع من إمكانية التوصل إلى مسودة كاملة للوثيقة المشتركة، وتسليمها للمستوى السياسي في إسرائيل والولايات المتحدة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».