اليأس سيد الموقف في الموصل القديمة

مدنيون: ننتظر الموت في أي لحظة

اليأس سيد الموقف في الموصل القديمة
TT

اليأس سيد الموقف في الموصل القديمة

اليأس سيد الموقف في الموصل القديمة

مع انطلاق معركة تحرير الموصل القديمة، يخيم اليأس على سكانها الذين تحدثوا أثناء مقابلات عبر الهاتف على مدى الأيام القليلة الماضية، عن ظروف مأساوية يعيشونها. وقال أحد السكان، طالبا عدم نشر اسمه حرصا على سلامته: «ننتظر الموت في أي لحظة من القصف أو من الجوع... الكبار يأكلون وجبة واحدة في اليوم، إما الطحين أو حساء العدس».
وعبرت الأمم المتحدة عن «قلق بالغ» على مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين وراء خطوط «داعش» وذلك في بيان صادر عن ستيفن أوبراين، سكرتير الأمين العام للشؤون الإنسانية. ونقلت وكالة «رويترز أوبراين» قوله إنه «على الرغم من أن الأمم المتحدة غير موجودة في المناطق التي يدور فيها القتال، فإننا تلقينا تقارير مزعجة للغاية عن أسر محاصرة في منازل ملغومة وأطفال يتعمد القناصة استهدافهم».
وذكر سكان، أن المتشددين نشروا قطعا معدنية مسطحة في الحارات كنظام إنذار مبكر؛ إذ سينبه صوت السير عليها المتشددين لأي حركة لقوات أو مدنيين يحاولون الفرار. وقالوا: إن البعض يطهو حبوبا تقتات عليها الطيور كالأرز ليأكلوها في ظل ارتفاع أسعار الغذاء إلى عشرة أمثالها. وشوهد أناس يجمعون زهورا بأعداد كبيرة ويأكلون أوراق الشجر ونباتات أخرى.
ومنذ بدء معركة الموصل قبل ستة أشهر، دفع الخوف والجوع نحو 600 ألف شخص إلى النزوح، عاد 133 ألفا منهم. وألقت طائرات القوات العراقية مطلع الأسبوع مئات الآلاف من المنشورات على المناطق في الجانب الأيمن للموصل تحض «المواطنين على الخروج من خلال ممرات آمنة باتجاه القوات الأمنية». لكن منظمة «سيف ذا تشيلدرن» غير الحكومية، المعنية بالطفولة، عبرت عن قلقها إزاء دعوة المدنيين للمغادرة؛ لأنهم قد يتعرضون إلى مخاطر إضافية. وقالت في بيان أوردته وكالة الصحافة الفرنسية: إنها «تشعر بقلق كبير إزاء أي دعوة للمغادرة»؛ لأنها «تعني أن المدنيين وخصوصا الأطفال سيتعرضون لخطر كبير في الوقوع وسط الاشتباكات». وأضافت أن «على الحكومة العراقية ضمان أن تكون جميع الممرات آمنة فعلا لجميع الناس الفارين». وأشارت المنظمة إلى أن «دعوة المدنيين إلى مغادرة منازلهم تشكل منعطفا على التوجيهات السابقة التي أجبرت المدنيين على البقاء وانتظار المعركة تمر (...) وهذه تعليمات أثارت أيضا مخاوف بشأن تعرض المدنيين للخطر».
وأسفرت المعارك عن سقوط أعداد كبيرة من المدنيين ودفعت مئات آلاف على الهرب من منازلهم. وأعلنت الولايات المتحدة الخميس الماضي نتائج التحقيق في الضربة الجوية الدامية التي شنتها طائرات أميركية في الموصل في مارس (آذار). وأفادت التحقيقات بأن الضربة أدت إلى انفجار مواد متفجرة داخل منزل في غرب الموصل، وأدت إلى قتل 105 بين المدنيين، وفقدان 36 آخرين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».