نبرة قومية متزايدة تهدد الانسجام العرقي في روسيا

توجه لتحميل مشكلات الفساد والجرائم إلى الأقليات ومسلمي الجمهوريات السوفياتية السابقة

نبرة قومية متزايدة تهدد الانسجام العرقي في روسيا
TT

نبرة قومية متزايدة تهدد الانسجام العرقي في روسيا

نبرة قومية متزايدة تهدد الانسجام العرقي في روسيا

في الوقت الذي احتفل فيه الروس بعيد «يوم الوحدة الشعبية» الأسبوع الماضي، انطلق متظاهرون في مسيرات حاملين أعلام الإمبراطورية الروسية ومرددين هتافات وشعارات عنصرية. جابت المسيرات المدن عبر مختلف أرجاء البلاد، في حين لم يظهر في المشهد مواطنو الأقليات العرقية والمهاجرون من دول الاتحاد السوفياتي السابق، الذين فضلوا عدم المشاركة لتجنب تعرضهم للضرب.
تشير أحدث استطلاعات الرأي إلى تزايد أعداد القوميين الروس، ومواجهة مسلمي القوقاز والعمال المهاجرين من آسيا الوسطى مزيدا من العداء. ويتحمل هؤلاء اللوم في كثير من المشكلات التي تحدث هنا، بما في ذلك قضايا الفساد والجرائم والوظائف الدنيا.
ويحاول الرئيس فلاديمير بوتين استغلال كراهية الأجانب الكامنة لدى الروس، ليجعل من نفسه زعيما مدافعا عن دولة متميزة، اعتمادا على تقاليد أرثوذكسية، عن العالم الذي يسوده الجشع والانحلال. وفي الوقت ذاته، يبدو أن بوتين على دراية وإحاطة شاملة بشأن النسبة البالغة 10 في المائة من السكان المسلمين، حينما تحدث عن روسيا كمجتمع متسامح ومتعدد الثقافات. والذي اعتبر محاولة فذة لإحداث توازن بدأ يظهر التوترات العميقة.
ففي منتصف أكتوبر (تشرين الأول) قام مواطنون روس بأعمال شغب في سوق خضار في الضاحية الجنوبية بموسكو، بيريوليفو، حيث جرت مطاردة أغلبية المهاجرين المسلمين داخل روسيا. واندلعت الاضطرابات إثر مقتل مواطن روسي، بيد أن ذلك التوتر كشف النقاب عن الشعور العميق بالامتعاض بين الشباب والعاطلين عن العمل.
في 24 أكتوبر الماضي، أدلى فلاديمير زيرينوفسكي، النائب الاشتراكي بمجلس النواب ورئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي، بتصريح للقناة التلفزيونية الرئيسة مشيرا إلى ضرورة فصل شمال القوقاز – الذي يعد جزءا من الأراضي الروسية المشتملة على داغستان والشيشان - من خلال سور من الأسلاك الشائكة. ودعا إلى فرض غرامة على المواليد بداية من الطفل الثالث لمنع وجود أسر كبيرة العدد.
يخصص «يوم الوحدة الشعبية»، الذي جعله بوتين عيدا في عام 2005 ليحل مكان الاحتفال السنوي بالثورة البلشفية، لإحياء الذكرى الرسمية للانتصار على البولنديين الذين غزوا موسكو في عام 1612. كان الهدف من ذلك العيد هو إلهاب مشاعر وحماس الروس لتذكيرهم كيف تكاتف الشعب بعضه مع بعض للتغلب على العدو الأجنبي.
وعوضا عن ذلك، صار يوم 4 نوفمبر (تشرين الثاني) بمثابة «يوم مسيرات الروس»، حيث يرفع المتظاهرون علم الإمبراطورية الروسية القديمة، المكون من اللونين الأسود والذهبي، بجانب الرايات الأرثوذكسية والصليب المعقوف، مرددين هتاف «روسيا للروس»، بالإضافة إلى رفع شعارات مناهضة للمسلمين واليهود.
وقد شهدت المسيرة الروسية في موسكو العام الحالي وجود حشد من رجال الشرطة يقدر بنحو 8,000 شرطي، وهو عدد أقل مما كان متوقعا بسبب برودة الجو واستمرار هطول الأمطار بغزارة. واعتقلت الشرطة نحو 30 شخصا بسبب ارتدائهم أقنعة أو حمل الصليب المعقوف والأشياء الأخرى المحظورة.
أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز «ليفادا» المستقل في أكتوبر أن 66 في المائة يؤيدون فكرة «روسيا للروس». وحتى الآن لم يعبر سوى عدد قليل من الأشخاص عن معارضة حالة الغليان التي يشهدها التوتر العرقي، بما في ذلك ميخائيل بروخوروف، الملياردير الروسي ومالك فريق كرة السلة الأميركي بروكلين نتس، الذي حث الشعب على الابتعاد عن المسيرات الروسية.
وفي الأسبوع الماضي، صرح رجل أعمال ثري يدعى فيكتور بوندارينكو بأنه كان يشكل حزبا جديدا يسمى «روسيا للجميع» من أجل محاربة التمييز العرقي والقومية المتشددة.
وفي لقائه بالصحافيين صرح بوندارينكو: «عندما أسمع شعار (روسيا للروس) فإنني أفكر بشأن يوغوسلافيا». وأردف أن الصرب أيضا كانوا يرون يوغوسلافيا دولة سلافية أرثوذكسية قبل أن تنفصل الدولة، مما أدى إلى ارتكاب حرب إبادة جماعية ضد المسلمين خلفت آلاف القتلى. وأضاف بوندارينكو: «يجب علينا أن نعلن عن أنفسنا كدولة علمانية يتساوى فيها الجميع».
تجنب بوتين اتخاذ خطوات لكبح تدفق العمال المهاجرين، الذين تحتاج إليهم البلاد للعمل في وظائف الإنشاءات ذات الرواتب الضعيفة وتنظيف الشوارع. وصرف بوتين انتباه الناس عن الاستياء من تقديم الحكومة معونات إلى داغستان والشيشان والاستياء الذي أبداه كثيرون في مناطق من البلاد بشأن الأموال التي يجري إنفاقها على السيارات الفارهة وأنماط المعيشة المترفة.
وفي سياق متصل، أعرب 55 في المائة من العينة التي شملها استطلاع «ليفادا» عن سخطهم وكراهيتهم للمهاجرين من هذه المناطق الذين يعيشون في مدنهم. وذكرت نسبة 43 في المائة أنهم أحسوا بالتوترات العرقية عندما عاشوا في تلك المناطق، مقارنة بنسبة 29 في المائة في العام الماضي.
يدخل إلى روسيا نحو 12 مليون مهاجر في كل عام، ويجري إجبار الكثير منهم على سداد مبالغ للشرطة التي تهددهم بالترحيل. وطبقا لما يقوله المدافعون عن المهاجرين فإن أصحاب العمل يستغلون تلك المخاوف لإساءة استخدام العمال.
في فبراير (شباط) الماضي نشرت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الحقوقية تقريرا يصف كيف تم استغلال العمال المهاجرين وتشغيلهم في الإنشاءات الخاصة بمنافسات دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2014 المقرر إقامتها في مدينة سوتشي، حيث تم إجبارهم على العمل لساعات طويلة مع الحصول على أيام إجازة أقل، وغالبا ما كان يتم حرمانهم من رواتبهم.
الآن ومع اقتراب عملهم من الانتهاء، يجري تجميع هؤلاء العمال بأوامر من ألكسندر تكاتشيف، الحاكم الإقليمي، واستغل بعض أصحاب الشركات هذه الخطوة لتجنب دفع رواتب العمال. وقال سيمون سيمونوف، منسق الهجرة والقانون في مؤسسة «سوتشي» للدفاع عن حقوق المهاجرين: «يريد الحاكم إخلاء المنطقة من المهاجرين قبل بداية الأولمبياد».
ويروي أوميد عليموف، 38 عاما، أوزبكي، في مقابلة أنه عمل لدى مقاول في سوتشي في الفترة من مايو (أيار) وحتى سبتمبر (أيلول) في بناء برج من ستة عشر طابقا بشكل يدوي دون استخدام رافعة، وبعد أن حصل على أقل من 300 دولار في الشهر الأول، لم يتلقَّ أي راتب آخر من صاحب العمل، الذي احتجز جواز سفره. وقال عليموف: «حصلت على تصريح عمل لكنه كان غير قانوني لأنني لم أحصل على عقد».
يعمل عليموف في روسيا منذ سنوات ليعيل زوجته وأبناءه الثلاثة ووالدته في أوزبكستان. وخلال السنوات الثلاث الماضية لم يقضِ سوى 28 يوما في منزله.
وقدم صابردزهون يونسوف، 27 عاما، من طاجيكستان، إلى سوتشي بحثا عن عمل مع والده وأخيه. وحصلوا على عمل في مجال بناء مقرات إقامة بعثات الألعاب الأوليمبية خلال الألعاب التي ستقام في شهر فبراير (شباط)، ولم يعد إلى منزله منذ 14 شهرا. وسعى يونسوف، الذي يعيل زوجة وابنا في طاجيكستان، لشهور عدة للحصول على المساعدة في الحصول على راتب عدة أشهر على الرغم من التحذيرات التي تلقاها من مهاجرين بأنه قد يواجه مشكلة مع الشرطة إذا تقدم بشكوى. وقال: «حتى وإن كنا خائفين، فليس هناك من خيار أمامنا. لذا ينبغي أن لا أخاف».
وخلال الأسبوع الماضي، حصل سيمونوف ويونسوف وأقرانهما من العمال الطاجيك أخيرا على رواتبهم وكانوا يستعدون للعودة إلى بيوتهم جنوب غربي طاجيكستان.
ولم يحالف عليموف وكثير من الأوزبك الآخرين الحظ، فتمكنوا من استعادة جوازات سفرهم لأن شخصا ما وجدهم بالقرب من سلة مهملات. وحاول المدعون العامون تحصيل رواتبهم، لكن ملكية الشركة كانت معقدة، وهو ما جعلهم يتوقفون عن المطالبة بها. وازداد الأوزبك خوفا.
وقال يونسوف: «عندما ينفد المال سأعود إلى روسيا»، التي تستضيف كأس العالم لكرة القدم عام 2018، وهذا يعني مزيدا من الإنشاءات ومزيدا من المهاجرين. ولا يتوقع توقف تدفق المهاجرين من القوقاز ووسط آسيا في القريب العاجل.

* خدمة «واشنطن بوست»
* خاص بـ«الشرق الأوسط»



وزير الإعلام السعودي: لا تسامح مع استخدام حرية التعبير لخلق فوضى

وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
TT

وزير الإعلام السعودي: لا تسامح مع استخدام حرية التعبير لخلق فوضى

وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)

شدد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، على عدم التسامح مع من يحاولون استخدام «حرية التعبير» لخلق فوضى في الفضاء الإعلامي، أو استخدام خطاب شعبوي زائف الهدف منه زيادة أعداد المتابعين، وذلك خلال المؤتمر الصحافي الحكومي بالعاصمة الرياض.

وقال وزير الإعلام السعودي إن القوانين والأنظمة في السعودية تكفل حرية التعبير كحق أصيل، لكن في الوقت نفسه تميز بوضوح بين الرأي المسؤول والنقد البناء، وبين التحريض الذي يهدف إلى التضليل أو تأجيج الرأي العام.

وبيّن أن إجراءات هيئة تنظيم الإعلام لا تستهدف الآراء أو النقد البناء، بقدر ما تأتي في إطار تطبيق الأنظمة تجاه أي ممارسات تتجاوز المسؤولية الإعلامية وتمس السلم المجتمعي.

وكشف الوزير الدوسري خلال المؤتمر، الذي عقد للحديث عن تطورات مشروع مدينة القدية، أن العمل جارٍ لإطلاق مشروع «مدرسة الموهوبين الإعلاميين»، وذلك بالتعاون مع وزارة التعليم، لاكتشاف ورعاية الموهوبين من مراحل مبكرة.

وأوضح أن مدينة القدية ستستضيف الملتقى الثاني لصناع التأثير إمباك 2026، لافتاً إلى أن العمل قائم مع الشركاء في القدية لإطلاق مشروع «بيت إمباك».

واستعرض وزير الإعلام السعودي مجموعة من الإنجازات التي حققتها السعودية خلال الفترة الماضية، ومن ذلك زيادة مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، حيث بلغت 55.4 في المائة خلال الربع الثالث من العام الماضي، مقارنة بـ45.9 في المائة في الربع الثالث من عام 2016. فيما ⁠«بلغت نسبة تملُّك الأسر السعودية للمنازل في نهاية العام الماضي 65.4 في المائة».

وتابع: ⁠«احتلّت المملكة المركز الأول عالمياً في عدد الجوائز التي نالتها في مسابقة الذكاء الاصطناعي العالمية للشباب بـ26 جائزة، كأكبر دولة في العالم تنال هذا العدد من الجوائز في تاريخ المسابقة».

وأضاف الوزير الدوسري أن قطار الرياض استقبل 120 مليون راكب منذ بدء انطلاق المشروع وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2025، وسجّل أعلى درجات الانضباط في التشغيل، بنسبة التزام بلغت 99.8 في المائة لعام 2025. مشيراً إلى أن السعودية تستهدف تنفيذ المرحلة السابعة من مشروع قطار الرياض خلال العام المقبل.

من جهته، قال العضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار»، عبد الله الداود، أن القدية مدينة فريدة من نوعها تجمع أكثر من 70 أصلاً في مكانٍ واحد، من بينها استاد الأمير محمد بن سلمان، ومجمع التنس الوطني، ومركز الفنون الأدائية، والعديد من الأصول النوعية الأخرى. ‏وأكد الداود أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يؤمن بالمشاريع النوعية التي تضيف لحياة الناس ولها القدرة على خلق اقتصادات وقطاعات جديدة، ولذلك كان كل العمل منصباً على تنفيذ أفكار الأمير محمد وتطلعاته، مشيراً إلى أن مشروع القدية يأتي من قلب «رؤية 2030»، وأن القدية تتبنى مفهوماً متكاملاً يندمج فيه الترفيه والرياضة والثقافة والسياحة بشكل متجانس.

وأعلن العضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار»، خلال المؤتمر، أن تاريخ 31 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، هو موعد افتتاح مدينة القدية لأول أصولها، منتزه «سيكس فلاغز»، مؤكداً أن الافتتاح سيشكل نقلة نوعية تحولية في مسيرة المدينة.

وأضاف الدواد أن منتزه «Six Flags» نجح في كسر عدد من الأرقام القياسية، وذلك من خلال 5 ألعاب في مكان واحد، من أبرزها لعبة أفعوانية الصقر التي تحطم 3 أرقام قياسية كأطول أفعوانية في العالم، وأسرع أفعوانية في العالم، وأعلى أفعوانية في العالم.

وكشف الداود أنه تم الانتهاء الكامل من منتزه «Six Flags» الذي صمم لاستقبال نحو 10 آلاف زائر يومياً، ومن المتوقع أن يتجاوز أعداد زوار المنتزه مليوني زائر خلال 2026، فيما تم الانتهاء من أكثر من 95 في المائة من منتزه أكواريبيا المائي وسيفتتح خلال العام المقبل، إضافة إلى المرحلة الأولى للبنية التحتية في الطرق والكهرباء والاتصالات وخدمات الطوارئ.


«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
TT

«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

يقدّم الفيلم المصري «خريطة رأس السنة» تجربة سينمائية إنسانية تنطلق من علاقة عائلية واضحة منذ اللحظة الأولى؛ إذ يعرف الطفل «نور» (يقوم بدوره الطفل آسر) أن «حبيبة» (ريهام عبد الغفور) هي خالته، ويتعامل معها على هذا الأساس، فالطفل المتفوق في المدرسة الداخلية التي يدرس فيها بالمجر، يخطط لمفاجأة والدته في رأس السنة بزيارتها في باريس مع تحضير مفاجأة لها، لتكون العطلة بمثابة بداية لأيام مختلفة في حياته.

نشاهد الفيلم من منظور الطفل «نور» على مدار الأحداث، بداية من المدرسة الداخلية التي يدرس فيها بالمجر والتي تقع بالقرب من منزل «حبيبة» وصديقتها التي تقيم معها، وكلتاهما من أصحاب «متلازمة داون»، مروراً بتواصله مع «سارة» (هنادي مهنا) باعتبارها والدته التي لم تأتِ لزيارته ولقائه من باريس منذ عامين، في حين يقتصر التواصل بينهما على الاتصالات الهاتفية.

يعتمد الفيلم بالكامل على رؤية العالم من خلال «نور»، فنحن نراه ونفهمه كما يراه هو، ونشهد تحوّلاته النفسية من دون تدخل تفسيري مباشر للقاءات التي يخوضها في الطريق مع غرباء، وتبدّل الأمكنة، والضغط المتواصل الناتج عن السفر، والظروف الاضطرارية التي تعوق ترتيب رحلته وإكمالها بالطريقة التي يريدها، مع إعادة ترتيب الأنشطة والأماكن التي يوجد فيها قبل الوصول إلى والدته.

في الأحداث التي تستمر على مدار أكثر من 90 دقيقة نتابع رحلة «نور» التي تشمل توقفات بعدد من المدن الأوروبية قبل الوصول لوجهته النهائية في باريس؛ توقفات لرغبته في تنفيذ مفاجأة استثنائية لوالدته وهدية لذكرى والده الراحل.

ريهام عبد الغفور مع عدد من الحضور في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

الفيلم الذي شارك في بطولته إلى جوار ريهام وآسر كل من هنادي مهنا، وأسماء أبو اليزيد، وعدد من الممثلين الأجانب، كتبه يوسف وجدي، ويخرجه رامي الجندي في أولى تجاربه الإخراجية، في حين صُوّر بين 6 مدن أوروبية مختلفة على مدار أكثر من عام.

وقال المخرج رامي الجندي لـ«الشرق الأوسط» إن نقطة الانطلاق في «خريطة رأس السنة» كانت تحديد زاوية الرؤية للأحداث، وإن القرار الأهم تمثّل في أن يُروى الفيلم بالكامل من داخل وعي الطفل «نور»، فالمتفرج لا يُفترض به أن يرى الشخصيات من الخارج، بل يختبر العالم بذات الدرجة من البراءة والارتباك والأسئلة غير المكتملة التي يعيشها البطل، وهو ما فرض إيقاعاً هادئاً ولغة بصرية تميل إلى المراقبة أكثر من الشرح، وفق تعبيره.

وأوضح الجندي أن «العلاقة بين (نور) و(حبيبة) لا تقوم على المفاجأة أو الاكتشاف، بل على المعرفة المسبقة، وهو ما منح الفيلم مساحة أعمق للاشتغال على الاختبار الإنساني، لا الصدمة الدرامية»، مشيراً إلى أن هذا الاختيار أتاح له التركيز على التفاصيل الصغيرة في العلاقة، وعلى التحوّلات التدريجية في فهم الطفل لمعنى المسؤولية، بدلاً من اللجوء إلى حلول سردية مباشرة.

ولفت المخرج إلى أن «اختيار التصوير في أجواء (الكريسماس) بأوروبا كان تحدياً كبيراً؛ إذ يُعد هذا التوقيت الأصعب من حيث الإجازات والتحكم في المواقع وحركة المدن»، على حد تعبيره، وقال إنه قام بتقسيم التصوير إلى ثلاث مراحل، عبر ست دول أوروبية مختلفة، معتبراً أن السيطرة على هذا الكم من التفاصيل لم تكن سهلة، لكنها كانت حاسمة للحفاظ على الإحساس الحقيقي بالطريق.

وأضاف الجندي أن «العمل مع ممثلين أجانب جرى بالكامل عبر الإنترنت، من خلال شركات متخصصة، وهو ما تطلّب تحضيرات طويلة قبل التصوير».

الملصق الترويجي للفيلم (الشركة المنتجة)

وأكد مؤلف الفيلم يوسف وجدي لـ«الشرق الأوسط» أن العمل لا يتعامل مع «متلازمة داون» بوصفها موضوعاً مستقلاً، بل كجزء من نسيج إنساني أوسع، موضحاً أن «التحدي الحقيقي كان في تجنّب الخطاب المباشر أو التفسير الأخلاقي الجاهز، خصوصاً أن ما شغله منذ البداية مرتبط بطبيعة الاختلاف بين كل حالة، والتفاوت الموجود لدى كل شخص، وكيف يمكن أن يستفيد منه ليعيش حياته بشكل أفضل».

وأضاف وجدي أن «فكرة العمل استُلهمت جزئياً من قضايا حقيقية أُثيرت في فرنسا، تتعلق بالأهلية الأسرية، وبالنظرة القانونية والاجتماعية إلى مفهوم المسؤولية لمن يعاني من (متلازمة داون)»، مشيراً إلى أن هذه القضايا فتحت أمامه مساحة للتفكير في الفجوة بين القانون والمشاعر، وبين ما يُعتبر صحيحاً على الورق وما يحدث فعلياً داخل البيوت والعلاقات اليومية.


معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
TT

معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)

ضمن فعاليات متنوعة احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، استضاف المتحف القومي للحضارة المصرية معرضاً تراثياً لفنون الخط العربي، وتضمنت الفعاليات معرضاً فنياً ضم مجموعة من اللوحات التي تُبرز جماليات فن الخط العربي، إلى جانب معرض متميز لأعمال ومقتنيات عائلة صوفي زاده، شمل لوحات فنية وأفلاماً تسجيلية توثّق مسيرتها الفنية بوصفها رائدة في فنون الخط العربي.

وتحت شعار «إرث يتجدد بخط يتألق»، جاءت الفعاليات المتنوعة، بالتعاون مع سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة، وجمعية أصدقاء المتحف القومي للحضارة المصرية، ومشيخة الأزهر الشريف، والمجمع اللغوي بالقاهرة، وعائلة صوفي زاده؛ تأكيداً على الدور المحوري للغة العربية بوصفها أحد أهم روافد الهوية الثقافية والإنسانية.

واحتفلت أكثر من مؤسسة مصرية باليوم العالمي للغة العربية المقرر في 18 ديسمبر (كانون الأول) عبر ندوات وأنشطة ومعارض متنوعة، من بينها: ندوة مشتركة بين كلية دار العلوم ودار الكتب والوثائق القومية، واحتفالية بجامعة الدول العربية، وفعاليات ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي الذي أقيم في قصر الفنون وضم لوحات العديد من رواد الخط العربي فضلاً عن الفنانين المعاصرين.

وتسعى الفعاليات التي نظمها متحف الحضارة إلى «نشر الوعي بالتراث المصري وتعزيز قيمه الحضارية، وإيماناً بأهمية اللغة العربية ومكانتها التاريخية بوصفها وعاءً للهوية وذاكرة للأمة»، وفق بيان للمتحف.

وأكد الدكتور الطيب عباس، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، أهمية هذه الفعاليات في «صون التراث المصري وتعزيز الوعي به»، مشيراً في البيان إلى أن اللغة العربية ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي وعاء الحضارة وذاكرة الأمة، وحلقة الوصل بين الماضي والحاضر، بما تحمله من قيم ثقافية وجمالية قادرة على التعبير عن هوية الشعوب وصون تراثها عبر العصور».

ولفت إلى أن مقتنيات المتحف تضم العديد من القطع الأثرية، لا سيما الإسلامية منها، التي تزخر بنماذج راقية من الفنون والزخارف والخطوط العربية، وتعكس تطور الكتابة وجمالياتها عبر العصور، بما يجعلها شاهداً حياً على عبقرية الفنان المصري وقدرة اللغة العربية على التجدد والتألق.

فيما عدّ المستشار محمد شيرين فهمي، رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء المتحف القومي للحضارة المصرية، اللغة العربية «ركيزة أساسية في حفظ الذاكرة الحضارية المصرية ونقلها إلى الأجيال المتعاقبة»، مشيداً بالدور الذي يقوم به المتحف في صون هذا الإرث الثقافي.

وتضمّنت الفعالية عرض فيلم تسجيلي قصير عن تراث عائلة صوفي زاده، إحدى أعرق العائلات التي توارثت فنون الخط العربي والزخرفة والرسم والنحت والتذهيب عبر خمسة أجيال متعاقبة.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت قراراً عام 1973 بإدراج اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل بالأمم المتحدة، في 18 ديسمبر، وهي المناسبة التي تم خلالها عدّ هذا اليوم يوماً عالمياً للغة العربية.