الحكومة التونسية ترد على اتهامات برلمانية بالتطبيع مع إسرائيل

جلسة علنية لمساءلة وزيري الأمن والسياحة.. ونائب واحد يسألهما

الحكومة التونسية
الحكومة التونسية
TT

الحكومة التونسية ترد على اتهامات برلمانية بالتطبيع مع إسرائيل

الحكومة التونسية
الحكومة التونسية

في رده على تساؤلات المجلس التأسيسي (البرلمان التونسي) بشأن السماح لـ61 من حاملي جوازات سفر إسرائيلية بالدخول إلى تونس، قال رضا صفر الوزير التونسي المكلف بالأمن، إن قرار السماح لحاملي جوازات السفر الإسرائيلية جاء بعد أن جرى الترويج لتونس على أنها «تمارس التمييز بين الأديان» إثر منع سياح إسرائيليين من دخول البلاد.
وأضاف في جلسة مساءلة علنية عقدت أمس لغرض مساءلته، وآمال كربول وزيرة السياحة، أن تونس لم تكن تسمح للإسرائيليين بالدخول حتى حدود شهر فبراير (شباط) الماضي، قبل أن يقع التخلي عن هذا الإجراء. ونفى صفر سعي تونس نحو التطبيع مع الإسرائيليين، وقال إن جوازات السفر لا يجري ختمها، ولا يجري التعامل مع وثائق رسمية إسرائيلية.
وصوت81 نائبا لصالح جلسة برلمانية مغلقة، فيما صوت لصالح الجلسة العلنية 63 نائبا. ويتطلب عقد جلسة مساءلة مغلقة لوزيري السياحة والأمن الحصول على أصوات 109 نواب من إجمالي 217 نائبا. وحضر 142 عضوا برلمانيا جلسة التصويت المغلقة.
وأمسك البرلمان ورؤساء الكتل النيابية العصا من الوسط بتجنب إقرار جلسة برلمانية مغلقة لمساءلة وزيري السياحة والأمن، والابتعاد عن جعلها علنية بالكامل، ومن ثم فتح المجال لسجالات طويلة حول اتهامات بالتطبيع وجهت للوزيرين في أول جلسة مساءلة لحكومة مهدي جمعة.
وتقدم 83 من أعضاء البرلمان التونسي في وقت سابق، بطلب مساءلة الوزيرين بعد السماح خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي لـ61 من حاملي جوازات السفر الإسرائيلية بدخول التراب التونسي بتراخيص استثنائية من وزارة الداخلية.
واقتصر البرلمان على تدخل نائب برلماني وحيد وتمكينه من توجيه الأسئلة إلى الوزيرين. واكتفت التلفزة الوطنية التي نقلت المساءلة بالتركيز على النائب فيصل الجدلاوي (نائب مستقل) دون غيره ولم تظهر أي رد فعل للوزيرين تجاه سيل الاتهامات الموجهة إليهما. وتوجه الجدلاوي إلى وزيرة السياحة بالقول إنها «كانت صغيرة عندما أغار الطيران الحربي الإسرائيلي على حمام الشط وبعدها عند اغتيال أبو جهاد».
وقال الجدلاوي إن مذكرة دخول حاملي جوازات السفر الإسرائيلية كان من الممكن قبولها لو كانت موجهة إلى حج كنيس الغريبة (حج اليهود السنوي إلى جزيرة جربة التونسية)، ولكن الوزير المكلف بالأمن مكنهم من المشاركة في التظاهرات الدولية والرحلات الترفيهية التي تتجه إلى تونس، ودعا كل نقط العبور الحدودية لتمكينهم من الدخول. وعد هذا القرار بمثابة التعدي على إرادة التونسيين، وتساءل إن كان من صلاحيات الوزير مكافحة الإرهاب أم السماح للإسرائيليين بالدخول إلى تونس.
وانتقد الجدلاوي وزيرة السياحة، وقال إنها بعد منع سياح إسرائيليين من دخول تونس طارت إلى باريس واجتمعت بلجنة اليهود واعتذرت لهم.
وتزامنت جلسة المساءلة مع وقفة احتجاجية لممثلي القطاع السياحي أمام مقر المجلس التأسيسي (البرلمان) للاحتجاج ضد عملية المساءلة التي قد تفضي إلى تعثر القطاع السياحي. وقال سليم بن جاب الله (صاحب وكالة أسفار) في تصريح لوسائل الإعلام إن ممثلي القطاع السياحي يحتجون ضد مساءلة الوزيرين لأن هذا الأمر سيعرقل القطاع السياحي بعد أن بذل ممثلو وكالات الأسفار مجهودات كبيرة لإعادة الثقة إلى الوجهة السياحية التونسية.
كما تجمع عشرات التونسيين أمام مقر البرلمان لمساندة آمال كربول وزيرة السياحة قبل انعقاد جلسة المساءلة. وتحظى كربول بشعبية جارفة لدى الفئات الشبابية التونسية، بيد أنها تتلقى انتقادات كثيرة بسبب سياسة سياحية يقول خصومها إنها «لا تعتمد على خلفية سياسية».
وفي ردها على مساءلة البرلمان التونسي، قالت الوزيرة كربول إنها تركت السياسة للسياسيين، وأن هدفها الأساسي هو خدمة تونس وخدمة القطاع السياحي وتعزيز إشعاع تونس من جديد. ونفت أية علاقة لها بالتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وقالت إن غايتها هي النجاح في إدارة وزارة السياحة، وتحقيق أعلى الإيرادات لفائدة خزينة الدولة التونسية.
وعبرت كبرى الأحزاب التونسية على غرار حركة النهضة صاحبة أغلبية الأصوات في البرلمان (89 صوتا من إجمالي 217 في البرلمان) عن دعمها لحكومة جمعة، وقالت إنها لن تصوت لصالح سحب الثقة منها. ويتطلب سحب الثقة من الحكومة وفق الدستور التونسي الجديد، موافقة 131 نائبا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.