المعارضة تقترب من تحرير حي المنشيّة وتهدد معقل الأسد في سجنة

النظام يشكّل ميليشيات جديدة بريف السويداء و«الحرّ» يتأهب لمواجهتها

المعارضة تقترب من تحرير حي المنشيّة وتهدد معقل الأسد في سجنة
TT

المعارضة تقترب من تحرير حي المنشيّة وتهدد معقل الأسد في سجنة

المعارضة تقترب من تحرير حي المنشيّة وتهدد معقل الأسد في سجنة

حققت فصائل المعارضة السورية تقدماً جديداً على حساب النظام في أحياء درعا البلد، داخل مدينة درعا، لتصبح على تماس مع خطّ الدفاع الأول للنظام قرب حي سجنة، ما استدعى تصعيداً من قبل النظام، الذي قصف النقاط الجديدة التي سيطرت عليها المعارضة بالبراميل المتفجّرة لوقف تقدمها، كما كثّفت طائراته الحربية غاراتها على مناطق واسعة في درعا وريفها.
وتفيد المعلومات الميدانية، بأن معركة درعا ستشهد تصعيدا كبيرا في الساعات والأيام المقبلة، ليس بسبب أهمية حي المنشية، فحسب، بل لأن السيطرة عليه تفتح طريق الفصائل باتجاه المواقع الاستراتيجية للنظام في الجبهة الجنوبية. وأضح عبد الحميد ناصير، عضو «الهيئة السورية للإعلام» في درعا، أن النظام «صعدّ قصفه الجوي في الساعات الماضية، واستهدف مناطق سيطرة المعارضة بغارات جوية مكثّفة لوقف تقدمها».
وأكد ناصير لـ«الشرق الأوسط»، أن «طائرات النظام استهدفت بالبراميل المتفجرة بلدة معربة، كما استهدفت بلدة بصرى الشام بعشرات الغارات الجوية». وعزا تكثيف الغارات على بصرة «لأن مقاتلي فصيل (شباب السنة) الذين يشكلون 80 في المائة من المقاتلين في حي المنشية، هم من أبناء بصرى الشام، وهم المسؤولون عن حفر الأنفاق وتزويد المعركة بالكثير والعتاد». وقال إن «غرفة عمليات (البنيان المرصوص)، تمكنت في الساعات الماضية، من صدّ هجوم واسع لقوات الأسد والميليشيات الإيرانية على مواقعها في حي المنشية، واستطاعت السيطرة على كُتل سكنية كبيرة في الحي، وطرد مقاتلي الميليشيات الإيرانية وقوات (الدفاع الوطني) من 40 منزلاً، كانت تتخذ منها خطّ الدفاع الأول عن حي سجنة المجاور»، لافتاً إلى أن المعارضة «تقترب من إعلان سيطرتها الكاملة على حي المنشية».
أهمية المعركة لا تتوقف عند سيطرة الفصائل على حي المنشية، فحسب، إذ يؤكد عضو «الهيئة السورية للإعلام»، أن «هذا الإنجاز يفتح الطريق أمام غرفة عمليات (البنيان المرصوص)، للتقدّم نحو حي سجنة الاستراتيجي، الذي يعدّ المعقل الأهم للنظام في درعا»، ما يجعل المعارضة على مشارف مبنى «البانوراما»، حيث يتواجد الأمن السياسي والعسكري للنظام. ويشدد عبد الحميد ناصير أن «المعركة الحقيقية في المستقبل القريب، ستكون في هذه المنطقة».
من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن قوات النظام «جددت قصفها على أحياء درعا البلد بمدينة درعا. وقال إن المدينة شهدت منذ، صباح أمس، قصفاً مكثفاً من قبل قوات النظام والطائرات الحربية والمروحية، حيث أطلقت قوات النظام صاروخين من نوع أرض – أرض، على درعا البلد، بالتزامن مع نحو 25 غارة على مناطق في المدينة»، مشيراً إلى أن «مروحيات النظام ألقت 18 برميلاً متفجراً على المناطق ذاتها».
وتزامن القصف مع «اشتباكات عنيفة دارت بين مقاتلي المعارضة من جهة، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة أخرى، حيث تمكنت الفصائل من تحقيق تقدم في نقاط ومواقع كانت تسيطر عليها قوات النظام، كما قصفت قوات النظام مناطق في بلدة النعيمة الواقعة في الريف الشرقي لدرعا».
ولا تبدو معركة درعا منفصلة عن التطورات التي يشهدها الجنوب السوري، حيث تخوص فصائل الجيش الحرّ، المنضوية تحت تشكيل «أسود الشرقية» في الجبهة الجنوبية، معارك مع النظام وحلفائه على محاور عدّة، خصوصاً في ريف السويداء، على خلفية تشكيل قوات الأسد والإيرانيين، ميليشيات تابعة لها، لقتال ما سمته «التنظيمات الإرهابية».
وكشف سعد الحاج الناطق باسم «أسود الشرقية» (التابع للجبهة الجنوبية)، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن النظام وحلفاءه «بدأوا التحضير لمعركة مع الجيش الحرّ في ريف السويداء». وقال: «لقد عمل النظام والإيرانيون على تشكيل ميليشيات في ريف السويداء، بعد خروج (داعش) من المنطقة، بذريعة التصدي للإرهاب، قاصدين بذلك الجيش الحرّ، حيث جرى تشكيل لواء (لبيك يا سليمان) و(سرايا التحرير)، وغالبية مقاتلي هذين الفصيلين من أبناء الطائفة الدرزية، التابعين لوئام وهاب (وزير لبناني سابق موالٍ للنظام السوري)، وبدأوا التحضير لشنّ هجمات على مناطق سيطرة المعارضة»، لافتاً إلى أن «الجيش الحرّ سيجعل من أي قوة تقترب من المناطق التي حررها مؤخراً، هدفاً مشروعاً له»، مذكراً بأن «تنظيم داعش بقي مسيطراً على مناطق واسعة في ريف السويداء، لأكثر من سنتين، ولم يشكل النظام ألوية عسكرية لمحاربته، ما يؤكد أن النظام و(داعش) في خندق واحد».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.