إدلب تستعيد ساحتها... وليونة مستجدة في سياسة «النصرة»

صراع الفصائل يتحول من المواجهة المباشرة إلى الاغتيالات

تجهيز ساحة «الساعة» في إدلب (أخبار إدلب)
تجهيز ساحة «الساعة» في إدلب (أخبار إدلب)
TT

إدلب تستعيد ساحتها... وليونة مستجدة في سياسة «النصرة»

تجهيز ساحة «الساعة» في إدلب (أخبار إدلب)
تجهيز ساحة «الساعة» في إدلب (أخبار إدلب)

احتفل أهالي مدينة إدلب التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية ومئات آلاف النازحين الذين يعيشون فيها بعدما تم تهجيرهم في الأشهر والأعوام الماضية من مناطق سوريا مختلفة، بإعادة إعمار ساحة «الساعة» التي تعد الساحة الرئيسية في المدينة، مستفيدين من إدراج إدلب على لائحة مناطق «تخفيف التصعيد» التي أقرها مؤتمر «آستانة 4» مطلع الشهر الجاري، وبالتالي من تحولها إلى أشبه بمنطقة حظر جوي يُمنع على طائرات النظام أو غيرها من الطائرات التحليق في أجوائها.
وتولت منظمة «بنفسج» المتخصصة بالإغاثة والتنمية في الشمال السوري إعادة إعمار الساحة التي تضررت قبل سنوات جراء المعارك بين النظام والمعارضة، ولم تتمكن الفصائل بعد السيطرة الكاملة على إدلب من القيام بعملية إعادة الترميم؛ نظراً للقصف المتواصل الذي كانت تتعرض له المدينة. وقال معاذ الشامي الناشط المعارض المتواجد في إدلب، إن المنظمة أعادت إحياء المدينة من خلال افتتاح الساحة وتأهيل عدد من الشوارع، لافتاً إلى أن الأهالي لاقوا بترحيب كبير هذه الخطوة التي أعادت الأمل إلى النفوس. وبدا في مقطع الفيديو الذي بثّه الشامي على صفحته على موقع «فيسبوك»، المئات من السوريين متجمهرين في الساحة، فيما أقام عدد من الشبان حلقات راقصة.
وفيما خَص الصراع الذي اندلع مطلع العام الجاري بين الفصائل في الشمال السوري، فقد زاد تعقيد المشهد هناك، وإن كان هذا الاقتتال توقف حاليا إلا أنه اتخذ على ما يبدو شكلا جديدا مع تكرار عمليات الاغتيال. في هذا السياق، قال مصدر قيادي في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط»، إن «جبهة النصرة» المنضوية في إطار «هيئة تحرير الشام»، «أدخلت بعض الليونة إلى سياستها أخيرا؛ سعيا للحفاظ على ما تبقى لها من حاضنة شعبية هي محدودة جدا بالأصل، خاصة بعد المعلومات التي تم تداولها عن استعداد تركيا للدخول إلى إدلب أو دعم مجموعات معينة لقتال عناصر النصرة». وأوضح المصدر أنه «وبعد الاستنفار العسكري الذي سيطر في الآونة الأخيرة على المشهد في إدلب، فقد تراجع الاستنفار حاليا، لكن المخاوف من عمليات الاغتيال المتتالية التي تلجأ إليها (النصرة) لتصفية حساباتها هي التي تثير مخاوفنا».
وكانت الدول الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار في سوريا (روسيا وتركيا وإيران) وقعت في ختام اجتماع «آستانة 4» مطلع الشهر الجاري مذكرة تنص على تحديد 4 مناطق خالية من الاشتباكات تشمل محافظة إدلب (شمال غربي)، وأجزاء من محافظات اللاذقية وحماة وحلب المجاورة، وبعض المناطق شمال محافظة حمص (وسط)، والغوطة الشرقية بريف دمشق، ومحافظتي درعا والقنيطرة جنوب سوريا قرب الحدود مع الأردن.
وبعدما تم وضع كامل منطقة إدلب تحت حالة منطقة آمنة ممنوع على الطيران الحربي التحليق فوقها وممنوع قصفها بالمدفعية والصواريخ وممنوع التقدم نحوها، ترددت أنباء عن استعدادات للجيش التركي لنشر بعض قواته هناك، إلا أنّ أنقرة ما لبثت أن نفت هذه المعلومات. وفي هذا السياق، قال الباحث بالملف السوري أحمد أبا زيد، إن «تركيا لا تزال تدرس خياراتها في هذا المجال بعد فشل زيارة الرئيس التركي رجب الطيب إردوغان إلى واشنطن، واستمرار اعتماد الإدارة الأميركية على الوحدات الكردية في معركة الرقة». وأضاف أبا زيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أنقرة تتخوف من حملة عسكرية روسية - إيرانية شبيهة بتلك التي حصلت في حلب، وهذا سيكلفها سياسيا وإنسانيا أكثر من أي حملة سابقة، ما يجعل خيار التدخل في إدلب موجودا على الطاولة بانتظار اتخاذ قرار نهائي بشأنه».
وتمتد حدود إدلب مع تركيا إلى مسافة تصل إلى 129 كيلومترا، وأشارت تقارير إلى أن السكان هناك يتعاملون بالليرة التركية الآن بدلا من الليرة السورية، ويتمتعون بحرية الدخول إلى تركيا والخروج منها، كما تم تسجيل عودة أعداد كبيرة من سكانها النازحين إليها. وبدأت حركة رواج كبيرة للبضائع التركية، وتخطط تركيا لترميم المنازل وإنشاء وحدات سكنية جديدة وإعادة الخدمات وتأهيل البنية التحتية بدعم من بعض الدول الخليجية في المناطق المحاذية عموماً والمرشحة لتكون مناطق آمنة، مثل: الباب وجرابلس وإدلب.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.