«داعش» محاصر في 3 أحياء بالموصل... والبيشمركة تنقذ 800 مدني

البنتاغون يقر بمقتل 105 مدنيين في غارة أميركية بالمدينة في مارس

«داعش» محاصر في 3 أحياء بالموصل... والبيشمركة تنقذ 800 مدني
TT

«داعش» محاصر في 3 أحياء بالموصل... والبيشمركة تنقذ 800 مدني

«داعش» محاصر في 3 أحياء بالموصل... والبيشمركة تنقذ 800 مدني

واصلت القوات الأمنية العراقية استعداداتها لخوض المرحلة الأخيرة من عملية تحرير الموصل التي انطلقت في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولم تبق أمام القوات الأمنية سوى ثلاثة أحياء ومنطقة الموصل القديمة لاستكمال عملية تحرير المدينة.
وبحسب مصادر أمنية عراقية مطلعة، فإن أعداد مسلحي التنظيم المحاصرين في المدينة القديمة تبلغ أكثر من 500 مسلح من جنسيات عربية وأجنبية إلى جانب المسلحين العراقيين، وغالبية مسلحي «داعش» الموجودين في المدينة القديمة هم من الانغماسيين الذين يفجرون أنفسهم بعد خوض اشتباكات مباشرة مع القوات الأمنية، وما زالت المدينة القديمة تحتضن عددا كبيرا من المدنيين الذين لا يمتلكون أي منافذ مؤمنة للهروب من المعارك.
وفي هذا السياق، أعلنت قوات البيشمركة أمس، تحريرها لأكثر من 800 مدني من قبضة تنظيم داعش في الجانب الغربي من مدينة الموصل، ونقلهم إلى مخيمات النازحين في المناطق الآمنة. بينما واصلت القوات الأمنية العراقية حصارها للمدينة القديمة والأحياء الأخرى الخاضعة لسيطرة التنظيم في أيمن الموصل، استعدادا لخوض المرحلة الأخيرة من عمليات تحرير المدينة.
وقال مسؤول الاستخبارات في قوات بيشمركة الزيرفاني (النخبة) في محور آسكي الموصل، المقدم رمضان عمر، لـ«الشرق الأوسط»: «تمكنت قواتنا أمس من تحرير 827 مواطنا موصليا من قبضة إرهابيي (داعش) في المناطق الواقعة شرق قضاء تلعفر (غرب الموصل)»، لافتا إلى أن المدنيين الذين أمنت لهم قوات البيشمركة منافذ للهرب كانوا يعيشون في قرى وبلدات خاضعة لسيطرة مسلحي التنظيم، وهربوا بسبب الجوع والخوف من مناطقهم، مبينا بالقول: «بعد إنقاذهم من التنظيم وفرنا لهم الطعام والماء، ومن ثم نقلناهم بعجلاتنا إلى مخيمات النازحين في المناطق المؤمنة».
وأضاف عمر أن مسلحي التنظيم «حاولوا مثل كل مرة أن يتعرضوا لهؤلاء المدنيين ويمنعوهم من الهروب، لكن قوات البيشمركة تصدت لهم وأنقذت الهاربين»، كاشفا أن عدد المدنيين الذين حررتهم البيشمركة من «داعش» على مدى شهر من الآن بلغ أكثر من 7500 مدني.
من جهة ثانية، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أمس، أن نحو 105 مدنيين على الأقل قتلوا في مارس (آذار) في غارة جوية أميركية استهدفت مبنى في الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، وآخر المعاقل المهمة لتنظيم داعش في العراق. ومع ذلك، حمل تحقيق أجراه الجيش الأميركي في قصف في 17 مارس المتطرفين مسؤولية كبيرة، موضحا أنهم وضعوا كمية ضخمة من المتفجرات في المبنى المستهدف.
وقال الجنرال مات إيسلر، من القوات الجوية الأميركية، إن القصف الأميركي أدى إلى «انفجار ثانوي قاد إلى انهيار المبنى الذي قتل فيه قناصان من (داعش)، و101 مدني كانوا يحتمون في الطوابق السفلى من المبنى وأربعة مدنيين في مبنى مجاور إلى الغرب». وأضاف أن «36 مدنيا آخرين يعتقد أنهم كانوا في المبنى لا يزالون مفقودين».
وأقرت الولايات المتحدة في السابق بأنه كان لها «على الأرجح» دور في مقتل المدنيين، إلا أنها أكدت دائما أن ذلك كان غير متعمد. وطبقا للجنرال إيسلر كان عناصر من قوات مكافحة الإرهاب العراقية يدخلون حي الجديدة غرب الموصل صباح 17 مارس عندما تعرضوا لنيران قناصة من تنظيم داعش، كانوا يختبئون في الطابق الثاني من مبنى كبير كان جزء منه سكنيا. ولم تكن القوات العراقية وقوات التحالف تعلم بوجود مدنيين في المبنى، بحسب إيسلر، وبالتالي تم طلب شن ضربة جوية.
وأكد أن القذيفة الدقيقة التي استخدمت «جي بي يو 38» كان من المفترض أن تتسبب بضرر محدود في المبنى، إلا أنها أدت إلى انفجار كمية كبيرة من المواد المتفجرة التي كان مقاتلو «داعش» يخزنونها داخلها. وذكرت القيادة المركزية في بيان، أن «التحليلات التي أعقبت الانفجار رصدت بقايا متفجرات يعرف بأن (داعش) يستخدمها، ولا تتطابق مع المتفجرات المستخدمة في قنبلة (جي بي يو 38)». وقال الجنرال جو مارتن: «تعازينا لجميع من تضرروا... والتحالف يتخذ كل إجراء ممكن لحماية المدنيين من أي أضرار. وأفضل طريقة لحماية المدنيين هي هزيمة (داعش)».
من جهتها، فتحت السلطات العراقية تحقيقا في اتهامات أوردتها مجلة «دير شبيغل» الألمانية، حول ارتكاب عناصر وحدة عسكرية عمليات تعذيب وقتل واغتصاب خلال معارك استعادة مدينة الموصل، حسبما أفاد المتحدث باسم وزارة الداخلية أمس. والانتهاكات التي ذكرتها المجلة قد تؤدي إلى اضطرابات حتى وإن كانت القوات العراقية على وشك الانتهاء من استعادة الموصل، المعقل الرئيسي لـ«داعش» في العراق. وقال العميد سعد معن، المتحدث باسم وزارة الداخلية، إن «مديرية الشؤون الداخلية تقوم بالتحقيقات وستعلن جميع التفاصيل لدى انتهائها... ونحتاج بعض الوقت». وأضاف أن الوزير قاسم الأعرجي «أمر بتشكيل لجنة للتحقيق في مدى صحة التقرير الإخباري الذي أوردته مجلة (دير شبيغل) الألمانية، وما تضمنه من معلومات تفيد بوجود حالات انتهاك لحقوق الإنسان في نينوى من قبل قوات الرد السريع». وتتبع قوات الرد السريع وزارة الداخلية.
وأضاف أن الوزير «أوعز للقائمين على التحقيق بالتحري الواضح والنزيه... لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق المقصرين إذا أثبت التحقيق ذلك». ونشرت مجلة «دير شبيغل» تقريرا للمصور العراقي علي أركادي الذي غادر البلاد مع عائلته حول مشاهداته أثناء مرافقته ضباطا من قوات الرد السريع مع جنودهم وهم يعذبون ويغتصبون ويقتلون في مناطق جنوب الموصل بين أكتوبر وديسمبر (كانون الأول) 2016. وأعطى أركادي عدة أمثلة عن أشخاص تعرضوا للتعذيب مع ذكر اسم الضحية، مشيرا إلى «نوع من التنافس» بين الشرطة وقوات الرد السريع على الاغتصاب والقتل.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.