وشم إلكتروني لمراقبة صحة الأطفال

يرصد مختلف النشاطات الحيوية في أجسامهم

وشم إلكتروني لمراقبة صحة الأطفال
TT

وشم إلكتروني لمراقبة صحة الأطفال

وشم إلكتروني لمراقبة صحة الأطفال

الأطفال الذين سيولدون في الأقطار النامية بعد خمس إلى عشر سنوات من اليوم، قد يحصلون على وشم قبل الشروع في تناول وجبتهم الأولى. ويكون هذا الوشم على شاكلة دائرة كهربائية متكاملة أصغر من الطابع البريدي، ربما توضع على الصدر.
وسيقوم الوشم برصد النشاطات الحيوية، مثل مخططات القلب الكهربائية، ونشاطات الجسم، والوضع الغذائي، وفترات النوم، ومعدل التنفس، وحرارة الجسم، وجفاف الجسم. وفي الوقت الذي يصبح فيه الطفل بعمر السنتين، يكون قد جمع في نظم «السحاب الإلكتروني» من البيانات الحيوية أكثر من أي شخص هو على قيد الحياة اليوم، كما تقول ليسلي ساكسون رئيسة قسم طب أمراض القلب والشرايين في كلية «كيك سكول» الطبية التابعة لجامعة «ساذرن كاليفورنيا» بأميركا.

* نظم استشعار
ويؤمن الوشم الإلكتروني نقل المعلومات ربما من مستشعر أو أكثر إلى الهواتف الذكية، أو الأجهزة اللوحية التي تقوم تطبيقاتها بتزويد ذوي الطفل وأطباء الأطفال بكشوفات عن صحة الطفل وحالته في الزمن الحقيقي.
وتقول ساكسون في حديث نقلته مجلة جمعية المهندسين الكهربائيين الأميركية (IEEE): «لن يكون الأطفال فقط المستفيدين من هذا النظام، بل كذلك الرياضيون، والجنود، وغيرهم. إنه جزء من المستقبل، حيث المرضى الذين يمكنهم التفاعل معه أيضا، مما يمكنهم كذلك من التعامل مع الأعراض، والأدوية والعقاقير، والأطعمة، والنشاط البدني»، وفقا لتوقعاتها. «كما سيمكن الوشم المرء من الإشراف بنفسه على جسمه وأعراضه المتعددة». وهذا ليس كل شيء، فأي شيء قد يتسرب من هذه المعلومات لن يكون نافعا للشركات الطبية والمنتجة للأدوية والعقاقير.
وكانت ساكسون المتحدثة الأولى أمام جمع ضم 500 شخص في مؤتمر «IEEE» للتقنيات البشرية في مؤتمر أخير عقد في مدينة أوستن بتكساس. ولم تستبعد الباحثة حصول هفوات وأخطاء قد تحصل في هذا السياق، بعد القلق الذي راود البعض، إثر الإعلان عن هذه المخططات وأثرها في الحفاظ على الخصوصيات، خاصة أن ثمة جهازا موجودا في جسمك يمكنه التعرف على كل شاردة وواردة منه، باثا ومرسلا معلومات حساسة منه طوال الوقت. كما أقرت كذلك بأن الكثير من الأشخاص لا يرغبون في الكشف عن نواح حساسة عن الاحتمالات التي قد تحصل لهم على المدى الطويل. وقالت إن الوشم يؤدي مهمته فقط إذا كان الأشخاص الذين يستخدمونه يوظفونه لمضاعفة إنسانيتهم فقط وتعزيزها، وليس للتخويف والترويع.
وأضافت أن نحو 27 في المائة من الأميركيين يستخدمون بعضا من مقاييس هذه البيانات الحيوية على شكل أربطة توضع على الرسغ التي تسجل زمن النشاطات البدنية وفترات النوم. وهذه ستتطور إلى أجهزة استشعار من شأنها تغيير واجهات الربط والتفاعل بين الإنسان والآلة. فهي ستكون قابلة للزرع في الأجسام، ومرتبطة بشبكات، لتصبح جزءا من حياتنا اليومية.
وأحد التطبيقات المقبلة ستكون على شكل مستشعرات صغيرة يمكن بلعها وتناولها مع حبوب الدواء. وهذا ما سيؤكد ما إذا كان المريض قد تناول الجرعة الصحيحة، ومن ثم يمكنه رصد التفاعلات الفسيولوجية للجرعة هذه، مما يمكن الأطباء من تعديلها، خاصة أن 50 في المائة من المرضى لا يتناولون الدواء حسب الجرعات الموصوفة لهم، وفقا لساكسون التي لاحظت أن مشروعا للمستشعرات القابلة للبلع من تطوير شركة «بروتيوس ديجتال هيلث» قد جرت الموافقة عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي إيه)، يطرح في الأسواق لمراقبة مفعول عقاقير تتعلق بفشل القلب.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً