كثيراً ما يجري تصوير ستيف غيبسون، وعن حق تماماً، باعتباره رجلاً يملك السمات المثالية اللازمة لإدارة نادي كرة قدم. وبالفعل، ثمة أسباب مشروعة تفسر السبب وراء النظر إلى مالك ورئيس نادي ميدلزبره، باعتباره النموذج المثالي للشخص الذي ينبغي له تقلُّد مثل هذا المنصب، رغم الصورة المهتزة بشدة هذا الموسم.
في العادة، يعتبر الوفاء من الصفات المحمودة، لكن في هذه الحالة على وجه التحديد أثبتت هذه السمة أنها قادرة على تدمير صاحبها، ذلك أن غيبسون انتظر لفترة طويلة للغاية حتى اتخذ أخيراً قراره بالتخلي عن المدرب أيتور كارانكا. وعندما فعل ذلك، تحول بناظريه إلى مساعد كارانكا، ستيف أغنيو الذي لم يكن قد تعرض لأي اختبار حتى تلك اللحظة.
وجاء قرار اختيار أغنيو بدلاً عن تعيين مدرب متمرس ليدفع النادي إلى الهبوط للدرجة الأولى. لقد حصد أغنيو ست نقاط فقط من إجمالي 27 محتملة في وقت كان يقاتل فيه الفريق لتفادي الهبوط، وإذا كان الدفع به إلى ذلك المنصب بدا خياراً منخفض التكلفة آنذاك، فقد أثبتت الأيام أن تكلفته أكثر فداحة بكثير.
الآن، ثمة حديث يدور حول تحول ميدلزبره بأنظاره نحو ريان غيغز. ويدرك غيبسون جيداً، الذي يتلقى النصح من جانب بيتر كينيون، الرئيس التنفيذي السابق لدى مانشستر يونايتد وتشيلسي، أن ناديه يفتقر في الوقت الحاضر إلى الجاذبية التي تتمتع بها الأندية الكبرى. جدير بالذكر أن النادي سبق أن عاين نجاحاً لدى استعانته بأبناء مدرسة أولد ترافورد، مثل بريان روبسون وستيف مكلارين - أو ربما نايجل بيرسون أو آلان باردو. إلا أنه للأسف الشديد لا يمكن لوعود الغد محو مرارة الشعور بإهدار فرص ثمينة.
جدير بالذكر أن مزيجاً من تكتيكات كارانكا الحذرة ومحاولات أغنيو الدؤوبة لإعادة تشكيل عقلية أفراد الفريق، أدى لتحقيق ميدلزبره نهاية الأمر خمسة انتصارات فقط خلال الدوري الممتاز - أمام سندرلاند (مرتين)، وبورنموث وهال سيتي وسوانزي سيتي - وإحرازه 26 هدفاً خلال 36 مباراة.
في الواقع، كان يتعين على غيبسون التحرك نحو الاستغناء عن خدمات كارانكا الذي عمل مساعداً لجوزيه مورينيو داخل ريال مدريد بعد صعود الفريق إلى الدوري الممتاز الصيف الماضي. ومثلما نتذكر جميعاً، فقد أخطر مسؤولون بالنادي المدرب بالفعل خلال فترة موجزة بالبقاء بعيداً عن النادي، الأمر الذي جعله يغيب عن مباراة الفريق أمام تشارلتون في مارس (آذار) 2016، التي انتهت بهزيمة ميدلزبره، في أعقاب اندلاع شجار مرير مع اللاعبين داخل غرفة تغيير الملابس.
ورغم عودته لاحقاً إلى الفريق، ظلت توترات عميقة قائمة ولم تعد تجدي أية جهود في إصلاح ما أصاب العلاقات داخل النادي من عطب. وكان من تداعيات الخلاف الذي اشتعل داخل غرفة تبديل الملابس تجنب كارانكا باستمرار اختيار ستيوارت داونينغ في التشكيل الأساسي - رغم كونه لاعباً قادراً على إحداث فارق في أداء الفريق. ولم يعد المزاج العام داخل روكليف هول، ملعب التدريب الخاص بميدلزبره، إلى سابق عهده بعد ذلك قط.
في الواقع، جميع المدربين بدرجات متباينة يعانون من النزوع إلى السيطرة، لكن كارانكا بالغ في هذا الأمر على نحو غير مسبوق، الأمر الذي دفعه لرفض نقل جزء من مسؤولياته لمعاونيه وخلق بيئة عمل يهيمن عليها القمع، وانتهى به الحال إلى منع مشاركة عدد من اللاعبين.
من جانبه، بدا أن غيبسون يعامل كارانكا بقدر غير مبرر من التدليل، مما دفعه لغض الطرف عما يجري داخل صفوف الفريق حتى فات الأوان.
وإذا كان كارانكا، لاعب قلب دفاع ريال مدريد السابق، مدرب دفاعي ذكي - اقتحم شباك ميدلزبره 48 هدفاً فقط في إطار هذا الموسم من الدوري الممتاز، مقابل 69 هدفاً في شباك كل من هال سيتي وسوانزي سيتي - فإن إدارة الأفراد لم تكن نقطة قوة في شخصيته. الملاحظ أن كارانكا قلل من أهمية تسجيل الأهداف، وارتكب خطاً فادحاً في رفضه بإصرار الاستعانة بجوردان رودز، الهداف صاحب القدرة الوفيرة على هز شباك الخصوم في إطار مباريات الدرجة الثانية من بطولة الدوري، الذي نقله إلى شيفيلد وينزداي في يناير (كانون الثاني).
اللافت أن ميدلزبره نجح بطريقة ما بالصعود إلى الدوري الممتاز بعدما سجل 63 هدفاً فقط الموسم الماضي - في الوقت الذي سجل نيوكاسل يونايتد 85 هدفاً في طريقه نحو الفوز بدوري الدرجة الأولى هذا الشهر - لكن تكتيكات ميدلزبره التي أعطت الأولوية للسلامة أغلب الوقت تركت ألفارو نيغريدو، اللاعب المعار من فالنسيا مقابل 100 ألف جنيه إسترليني أسبوعياً، وحيداً في المقدمة على نحو ملحوظ. في الواقع، يستحق نيغريدو كل الإشادة لنجاحه في تسجيل تسعة أهداف في بطولة الدوري لصالح فريق، خلال فترة معينة من المباريات المثيرة للإحباط بين يناير ومارس وبلغ عددها ستة مباريات، نجح في تسجيل هدف واحد بالدوري الممتاز، من ركلة جزاء.
في الواقع، تمثل جزء من المشكلة في أنه من بين تسعة لاعبين جدد ضمهم ميدلزبره إلى صفوفه الصيف الماضي، كان واحد منهم فقط بريطانياً (كالوم تشامبرز، المعار من آرسنال)، بينما كان غالبية الباقين بحاجة للتكيف مع أجواء المنافسة بالدوري الإنجليزي الممتاز التي تشكل تجربة جديدة تماماً بالنسبة لهم. وفي الوقت الذي نجح لاعب خط وسط أتلانتا السابق مارتن دي رون، في تحسين أدائه سريعاً، بدا واضحاً أن أداء الباقين، خصوصا لاعب الجناح السابق في المنتخب الدنماركي وأياكس فيكتور فيشر، في حالة تداعٍ. وإذا كانت الأيام قد أثبتت خطأ قرار منح صانع الألعاب غاستون راميريز المنتمي إلى أوروغواي، ميزة تجديد تعاقده مدى الحياة، فكذلك الحال أيضاً مع قرار مقايضة ألبرت أدوماه بأداما تراوري صاحب الأداء المتراجع.
أما الأخبار الجيدة هنا، فتكمن في أن غالبية اللاعبين الذين فازوا بالصعود التلقائي عام 2016 ووصلوا النهائي العام السابق ما زالوا باقين، ومن المعتقد أنهم سيثبتون كفاءتهم من جديد في مواجهات دوري الدرجة الأولى.
في الحقيقة، إن لاعبين أمثال جورج فريند وآدم كلايتون وآدم فورشو وداني أيالا وداونينغ يملكون خبرة جيدة بخصوص كيفية الفوز في مباريات دوري الدرجة الأولى. وبالمثل، فإن اللاعبين اللذين ضمهما كارانكا في يناير، رودي جستيد وبارتيك بامفورد، ربما لا يكونان جيدين بما يكفي بالنسبة لمنافسات الدوري الممتاز، لكن يبقى بإمكانهما التألق في منافسات دور أقل من الدوري.
وبينما يبدو في حكم المؤكد رحيل فيكتور فالديس، حارس مرمى برشلونة ومانشستر يونايتد السابق، فإن كونور ريبلي - نجل ستيوارت ريبلي، لاعب الجناح السابق لدي ميدلزبره وبلاكبيرن روفرز والمنتخب الإنجليزي - نجح في جذب الأنظار إليه خلال فترة إعارته لأولدهام، ونجح في الحفاظ على شباك نظيفة خلال عدد أكبر من المباريات (18) عن أي حارس مرمى آخر بدوري الدرجة الأولى.
قرارات غيبسون الخاطئة كبدت ميدلزبره ثمناً باهظاً
مالك النادي انتظر فترة طويلة لإقالة المدرب كارانكا ثم عوضه بمساعد لا يمتلك خبرة
لاعبو ميدلزبره يجرون أذيال الخيبة بعد الهبوط للدرجة الأولى.. وفي الاطار غيبسون مالك ورئيس مجلس إدارة ميدلزبره (رويترز)
قرارات غيبسون الخاطئة كبدت ميدلزبره ثمناً باهظاً
لاعبو ميدلزبره يجرون أذيال الخيبة بعد الهبوط للدرجة الأولى.. وفي الاطار غيبسون مالك ورئيس مجلس إدارة ميدلزبره (رويترز)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

