«مجتمع السلم» ترفض المشاركة في الحكومة الجزائرية

الخطوة أحدثت شرخاً داخل الحركة ودفعت سلطاني للاستقالة

«مجتمع السلم» ترفض المشاركة في الحكومة الجزائرية
TT

«مجتمع السلم» ترفض المشاركة في الحكومة الجزائرية

«مجتمع السلم» ترفض المشاركة في الحكومة الجزائرية

رفضت «حركة مجتمع السلم» الجزائرية، أكبر حزب إسلامي في البلاد، عرضا تلقته من الرئاسة يتعلق بالعودة إلى الحكومة بعد أن غادرتها عام 2012، لكن هذا الرفض أحدث خلافا داخليا حادا، أفضى إلى إعلان أبو جرة سلطاني، رئيس الحزب سابقا، الاستقالة من منصبه، وهو متزعم ما يعرف بـ«تيار عودة الحركة إلى حضن النظام».
وأصدر الحزب أمس بيانا، توج أشغال «مجلس شوراه»، التي بدأت أول من أمس بعد صلاة الجمعة، وانتهت في حدود منتصف الليل. وجاء في البيان: «لقد قرر مجلس الشورى الوطني عدم المشاركة في الحكومة المرتقبة، لعدم توفر شروطها المتضمنة في البرنامج السياسي للحركة، وغياب الفرصة لمعالجة الأزمة، وتحسين الأوضاع والاستجابة لتطلعات المواطنين في العيش الكريم».
ولم يقدم الحزب تفاصيل عن النقاش الذي دار في الاجتماع بخصوص رغبة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ضمه إلى الحكومة، بمعية الأحزاب التي حلت في المراتب الأولى لنتائج انتخابات البرلمان التي جرت في الرابع من الشهر الجاري. وقال مصدر من الحزب الإسلامي، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن غالبية أعضاء «مجلس الشورى» (نحو 300 عضو)، أبدوا غضبا مما اعتبروه «تزويرا مفضوحا للانتخابات، الذي كانت حركة مجتمع السلم ضحية له»، وحملوا السلطات مسؤولية «التلاعب بأصوات الناخبين»، بحسب المصدر نفسه، الذي قال بأن موقف قياديي الحزب من الاستحقاق السياسي، كان دافعا قويا لرفضهم المشاركة في الحكومة التي يرتقب الإعلان عنها في الأيام المقبلة.
وحصل «مجتمع السلم» بتحالفه مع حزب إسلامي آخر، يدعى «جبهة التغيير»، على 34 مقعدا برلمانيا. وأوضح رئيس الحزب أن «نصيبنا الحقيقي ليس أقل من 70 حزبا لولا تزوير إرادة الشعب». وقال البيان بهذا الخصوص إنه «يندد بالتزوير الذي أصاب العملية الانتخابية، وندعو بصفة عاجلة إلى معاقبة المزورين»، مشيرا إلى التمسك بمطلب إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات، كضامن وحيد لنزاهتها، وتعديل قانون الانتخابات الذي بانت ثغراته وكشفت محدوديته، كما جاء في البيان.
ويشاع بأن رئيس الوزراء عبد المالك سلال اقترح على «الحركة» ثلاث وزارات هي الصناعة والتجارة والسياحة. وسبق للحزب أن قاد هذه الوزارات عندما كان شريكا للحكم في عهدي الرئيس اليمين زروال (1995 - 1998) والرئيس عبد العزيز بوتفليقة. لكن حصل الطلاق مع السلطة لما شعر الإسلاميون أن ساعة رحيل النظام حانت في سياق أحداث «الربيع العربي». غير أن حساباتهم كانت خاطئة، حسب بعض المراقبين، لأن النظام ازداد قوة رغم حالة بوتفليقة الصحية السيئة، وبرغم الأزمة المالية الخانقة، الناجمة عن انهيار أسعار النفط.
وأشاد البيان بـ«الكتلة الشعبية التي اختارت لوائح مرشحي تحالف حركة مجتمع السلم، والتي رفعت تحدي العزوف الانتخابي»، داعيا إلى «فتح حوار جدي مع الكتل التي اختارت مقاطعة الانتخابات، بغرض إقناعها بضرورة المساهمة في عملية تحسين الوضع العام للبلاد».
ووقعت مشادات كلامية حادة عند انتهاء أشغال «مجلس الشورى» بين مقري وفريق من القياديين، الذين أظهروا رغبة في العودة إلى الحكومة. وأعلن سلطاني الذي يتزعم هذا الفريق الاستقالة، وغادر قاعة الاجتماع غاضبا.
وكان سلطاني وزيرا في فترة سابقة، وتوجد قناعة لدى خصومه في الحزب بأنه سيلتحق بالحكومة الجديدة، كمؤشر على طلاق نهائي مع الحزب.
ويعد «مجتمع السلم» عضوا في تكتل من الأحزاب المعارضة يسمى «تنسيقية الانتقال الديمقراطي»، وكان أغلبية أعضائه قرروا مقاطعة الاستحقاق التشريعي الماضي، بينما شارك فيه الحزب الإسلامي. وتسبب الخلاف حول هذا الموضوع في إحداث شرخ عميق داخل المعارضة، ومع ذلك أشاد بعض نشطائها بموقف «مجتمع السلم» من رفض العرض الذي جاءه من الرئاسة، إذ قال القيادي المعارض المحامي عمار خبابة بهذا الخصوص: «تحية إلى حركة مجتمع السلم... تحية إلى الدكتور مقري. لقد اختلفنا معكم ومع إخوان آخرين في محطة السلطة الانتخابية، وكان الذي كان. دعتكم السلطة للمشاركة في الحكومة فكان المحك، وكان الخيار فانتصرتم للعمل المؤسساتي وطبقتم القاعدة الذهبية الجماعية في المداولة والأغلبية في القرار. أقول لكم تميزتم ونتمنى أن تلتزم وتنضبط الأقلية انضباطا حزبيا بالوحدة في التنفيذ، وأن يتوقف التشويش من ذوي القربى»، في إشارة إلى سلطاني الذي صرح للإعلام بأن «مكاننا الطبيعي مع الحكومة وليس في المعارضة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.