عباس يتطلع إلى حشد دعم سياسي ومالي لاتفاق المصالحة

السلطة تدفع رواتب موظفيها عن الشهر الماضي بعد إفراج إسرائيل عن الأموال

عباس يتطلع إلى حشد دعم سياسي ومالي لاتفاق المصالحة
TT

عباس يتطلع إلى حشد دعم سياسي ومالي لاتفاق المصالحة

عباس يتطلع إلى حشد دعم سياسي ومالي لاتفاق المصالحة

في الوقت الذي يخطط فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) لجولة عربية خلال الأسبوع المقبل، من المرجح أن تشمل الأردن ومصر والسعودية، بهدف حشد التأييد العربي لاتفاق المصالحة، والتأكيد على تأمين شبكة أمان مالية، دفعت السلطة في اليومين الماضيين رواتب موظفيها بشكل كامل. وتسلم أكثر من 170 ألف موظف في الضفة الغربية وقطاع غزة مستحقاتهم، التي تصل إلى 170 مليون دولار شهريا، رغم الإجراءات العقابية التي أقرتها إسرائيل ضد السلطة الفلسطينية ردا على انضمامها إلى مواثيق دولية وتوقيع اتفاق مصالحة مع حماس، إلا أن مصادر مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تحويل إسرائيل للمستحقات المالية للسلطة هو الذي مكنها من دفع الرواتب».
وتحتاج السلطة مع بداية كل شهر إلى 350 مليون دولار، ما بين رواتب ومصاريف أخرى. ومن دون تلقي مستحقاتها الضريبية من إسرائيل يبدو تأمين هذا الرقم مسألة صعبة للغاية. وأوضحت المصادر أن إسرائيل اقتطعت بعض الأموال (نحو ستة ملايين دولار)، وحولت الباقي بداية الشهر الحالي. وبحسب المصادر لم يؤثر ذلك على خزينة السلطة، لأن المبلغ المحوّل ناهز 100 مليون دولار.
واتفق الطرفان على تحويل الأموال في اجتماع عقد نهاية الشهر الماضي بين مسؤولين في وزارة المالية الفلسطينية والإسرائيلية. وكانت إسرائيل هددت قبل ذلك بوقف تحويل أموال الضرائب للسلطة واستقطاع الديون المستحقة لشركات إسرائيلية من هذه الأموال، وسحب بطاقات الشخصيات المهمة من رجال السلطة، وتعطيل الاتفاقات الاقتصادية والمتصلة بالشؤون المدنية كذلك، ردا على المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس.
ويبدو أن إسرائيل تراجعت عن ذلك تحت ضغوط أميركية وأوروبية، وكذلك تهديد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتسليم مفاتيح السلطة إلى إسرائيل إذا باشرت في العقوبات الاقتصادية. وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عبرا عن الأسف والرفض لأي عقوبات اقتصادية ضد السلطة. لكن لا توجد مؤشرات حول الوضع المالي للشهر المقبل، ولا نية إسرائيل كذلك.
ويعني وقف إسرائيل لتحويل كامل الأموال للسلطة، عجز السلطة عن دفع رواتب موظفيها. ولهذا السبب سيطير أبو مازن بنفسه إلى الدول العربية للتأكيد على تفعيل شبكة الأمان المالية التي اتفق أن تمنح السلطة مبلغ 100 مليون دولار، في حالة امتنعت إسرائيل عن تحويل الأموال للسلطة.
وتعاني السلطة من عجز مالي متواصل منذ عدة سنوات بسبب تراجع الدعم الأوروبي والعربي للسلطة. وتأمل السلطة باستئناف دول عربية وغربية تقديم الدعم لها.
والثلاثاء الماضي، حوّل الاتحاد الأوروبي، مبلغ 16 مليونا و400 ألف يورو للسلطة الفلسطينية، للمساعدة في دفع رواتب الموظفين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وجرى تمويل هذه المساهمة، التي يجري تحويلها من خلال آلية برنامج الدعم المالي المباشر «بيغاس»، بواسطة الاتحاد الأوروبي بمبلغ 7.05 مليون يورو، وحكومة الدنمارك 5.36 مليون يورو، وآيرلندا مليون يورو، وإيطاليا مليون يورو، ولوكسمبورغ، مليون يورو، وهولندا 0.98 مليون يورو، مخصصة تحديدا لرواتب القطاع العدلي.
وقال ممثل الاتحاد في فلسطين، جون راتر إن «الاتحاد الأوروبي يسعى إلى ضمان رفاهية السكان الفلسطينيين وإشراكهم في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية في إطار الالتزام بحل الدولتين، حيث أثبت أنه شريك للشعب الفلسطيني جدير بالثقة، والقدرة على توقع دعمنا المالي كانت وما زالت مضمونة، رغم ضبابية المناخ السياسي الشديدة».
وأضاف أنه «في أعقاب التطورات السياسية الأخيرة بخصوص عملية التسوية، أرغب في إعادة تأكيد الاتحاد الأوروبي للمصالحة الوطنية الفلسطينية بالاستناد إلى الرئيس محمود عباس، وبشروط واضحة ومحددة»، مجددا «الدعوة للاستمرار بالتركيز على المفاوضات وعلى المنافع غير المسبوقة التي يمكن أن يحققها السلام».
وعد راتر المفاوضات «الطريق الأمثل قدما، ويجب ألا تضيع الجهود المبذولة خلال الأشهر المنصرمة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.